ومضة قلم

صدمة تقرير الرقابة المالية

| محمد المحفوظ

التقرير‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬كان‭ ‬خيبة‭ ‬أمل‭ ‬كبيرة‭ ‬ومريرة‭ ‬وضاعف‭ ‬حجم‭ ‬الألم‭ ‬والحزن‭ ‬للمواطن،‭ ‬حيث‭ ‬يقضي‭ ‬العاملون‭ ‬في‭ ‬الديوان‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬والتقصي‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬صغيرة‭ ‬وكبيرة‭ ‬وشاردة‭ ‬وواردة‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تعلن‭ ‬الحقائق‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬بتفاصيلها‭ ‬الدقيقة‭.‬

المجلس‭ ‬النيابيّ‭ ‬يتحمل‭ ‬المسؤولية‭ ‬لعدم‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬ملف‭ ‬بهذه‭ ‬الأهمية‭ ‬والخطورة‭ ‬وعدم‭ ‬الجدية‭ ‬لأنه‭ ‬اعتبر‭ ‬التجاوزات‭ ‬قضية‭ ‬هامشية‭ ‬وعابرة‭ ‬وأنّ‭ ‬إهدار‭ ‬ملايين‭ ‬الدنانير‭ ‬سنويا‭ ‬لا‭ ‬يجعلها‭ ‬أولوية‭. ‬لقد‭ ‬تأكد‭ ‬لدينا‭ ‬أنّ‭ ‬السادة‭ ‬النواب‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬الدورات‭ ‬السابقة‭ ‬وإلى‭ ‬اليوم‭ ‬ليست‭ ‬لديهم‭ ‬نية‭ ‬لطرح‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬للمناقشة‭ ‬فهم‭ ‬مشغولون‭ ‬بما‭ ‬يرونه‭ ‬أهم‭ ‬من‭ ‬تجاوزات‭ ‬مالية‭ ‬وإدارية،‭ ‬بعضهم‭ ‬أبدى‭ ‬استعداده‭ ‬وأقصى‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬هو‭ ‬إطلاق‭ ‬تصريحات‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭.‬

كانت‭ ‬آمالنا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حجم‭ ‬التجاوزات‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬الأعوام‭ ‬السابقة،‭ ‬بيد‭ ‬أنّ‭ ‬الذي‭ ‬كشفه‭ ‬التقرير‭ ‬أنّ‭ ‬التجاوزات‭ ‬فاقت‭ ‬كل‭ ‬التصورات‭ ‬وإلا‭ ‬هل‭ ‬يخطر‭ ‬ببال‭ ‬أحد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الأجانب‭ ‬يتجاوزون‭ ‬575‭ ‬موظفا‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬يشغلون‭ ‬وظائف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬فيها‭ ‬بدلا‭ ‬منهم‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭ ‬لأنهم‭ ‬الأحق‭ ‬أولا‭ ‬ولأنها‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬مؤهلات‭ ‬استثنائية،‭ ‬أما‭ ‬الذي‭ ‬يستعصي‭ ‬على‭ ‬الفهم‭ ‬أنّ‭ ‬هؤلاء‭ ‬الموظفين‭ ‬تجاوزت‭ ‬أعمارهم‭ ‬الستين‭. ‬إن‭ ‬الثغرة‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬هي‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬خطة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬لاستقطاب‭ ‬وتأهيل‭ ‬كوادر‭ ‬وطنية‭ ‬وإحلالها‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬الأجانب‭.‬

من‭ ‬قرأ‭ ‬تقرير‭ ‬الرقابة‭ ‬لا‭ ‬نشك‭ ‬أنه‭ ‬شعر‭ ‬بمرارة‭ ‬ودهشة‭ ‬بالغتين‭ ‬أمام‭ ‬ما‭ ‬رصده‭ ‬التقرير‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬مليار‭ ‬وخمسة‭ ‬وأربعين‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬كديون‭ ‬غير‭ ‬مدرجة‭ ‬في‭ ‬رصيد‭ ‬الديوان‭ ‬العام‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬هذه‭ ‬الجهات‭ ‬بالاقتراض‭ ‬المباشر‭ ‬من‭ ‬الصناديق‭ ‬الخارجية‭.‬