لماذا يطالب اللبنانيون بحكومة تكنوقراط؟

| بدور عدنان

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تعدد‭ ‬مطالب‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الإصلاح‭ ‬السياسي‭ ‬وتحسين‭ ‬الوضع‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬اتفق‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬تشكيل‭ ‬حكومة‭ ‬تكنوقراط‭ ‬حيث‭ ‬يرى‭ ‬المتظاهرون‭ ‬أن‭ ‬مقياس‭ ‬استجابة‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬مع‭ ‬مطالبات‭ ‬الشعب‭ ‬تبدأ‭ ‬مع‭ ‬تحقيق‭ ‬أهم‭ ‬المطالب‭ ‬بالتحول‭ ‬إلى‭ ‬حكومة‭ ‬فنية‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬تقسيم‭ ‬الكراسي‭ ‬والمناصب‭ ‬حسب‭ ‬الانتماءات‭ ‬والولاءات‭ ‬الحزبية‭ ‬والمذهبية‭ ‬بات‭ ‬أساس‭ ‬كل‭ ‬الفساد‭ ‬المتفشي‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يراه‭ ‬المتظاهرون‭.‬

في‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭ ‬الانقسام‭ ‬الحزبي‭ ‬والسياسي‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬معوقات‭ ‬العمل‭ ‬الوطني‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬المحصلة‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬تصب‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن،‭ ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬حادت‭ ‬عن‭ ‬ذاك‭ ‬الهدف‭ ‬وباتت‭ ‬الأهداف‭ ‬شخصية‭ ‬والغايات‭ ‬حياكة‭ ‬أجنبية‭ ‬وجب‭ ‬استئصالها‭ ‬من‭ ‬جذورها،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يطمح‭ ‬إليه‭ ‬اللبنانيون‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أضحت‭ ‬المحاصصة‭ ‬هماً‭ ‬ثقيلاً‭ ‬على‭ ‬الوطن،‭ ‬ذلك‭ ‬حين‭ ‬تحالفت‭ ‬تيارات‭ ‬وتكتلات‭ ‬لبنانية‭ ‬ذات‭ ‬أجندات‭ ‬ومطامع‭ ‬سياسية‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬المارق‭ ‬الساعي‭ ‬إلى‭ ‬التغلغل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وصهرها‭ ‬في‭ ‬بوتقة‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭.‬

لذلك‭ ‬اختار‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬أن‭ ‬يثور‭ ‬ويتظاهر‭ ‬ضد‭ ‬جميع‭ ‬السياسيين‭ ‬الذين‭ ‬باتوا‭ ‬يشكلون‭ ‬حلقة‭ ‬مطامع‭ ‬ومصالح‭ ‬متشابكة‭ ‬يقودها‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يخفي‭ ‬ارتباطه‭ ‬الوثيق‭ ‬بالنظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬رافعاً‭ ‬الشعب‭ ‬شعارات‭ ‬عدة‭ ‬تؤكد‭ ‬رفضه‭ ‬سياسات‭ ‬الفساد‭ ‬والتخبط‭ ‬والتبعية‭ ‬للخارج‭. ‬

حكومة‭ ‬التكنوقراط‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬طبقت‭ ‬بحسب‭ ‬المعايير‭ ‬الصحيحة‭ ‬تضمن‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬يعهد‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬أهل‭ ‬وكفؤ‭ ‬للمنصب،‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬تخصصه‭ ‬وجدارته‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬وزير‭ ‬حسب‭ ‬توجهات‭ ‬وما‭ ‬يمليه‭ ‬عليه‭ ‬حزبه‭ ‬والحركة‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭. ‬فالسلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬السلطات،‭ ‬ذلك‭ ‬أنها‭ ‬تتصل‭ ‬بالمواطن‭ ‬اتصالاً‭ ‬مباشراً‭ ‬خصوصاً‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالخدمات‭ ‬الواجب‭ ‬توافرها‭ ‬للمواطن،‭ ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬إسناد‭ ‬الوزارة‭ ‬لشخص‭ ‬لا‭ ‬يحمل‭ ‬من‭ ‬المؤهلات‭ ‬سوى‭ ‬انتمائه‭ ‬للحزب‭ ‬المعين‭ ‬يعد‭ ‬استهزاء‭ ‬بالمواطن‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يفقه‭ ‬ولا‭ ‬يهتم‭ ‬للسياسة‭ ‬ويحاول‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬النزر‭ ‬اليسير‭ ‬من‭ ‬حقوقه‭ ‬التي‭ ‬تكفل‭ ‬له‭ ‬معيشة‭ ‬كريمة‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬مطامع‭ ‬وصراعات‭ ‬السلطة‭ ‬المختطفة‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬أجنبية‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬التكنوقراط‭ ‬هي‭ ‬الضامن‭ ‬الأول‭ ‬والدليل‭ ‬الملموس‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أصحاب‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬يصغون‭ ‬ويعملون‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬مطالب‭ ‬الشعب‭ ‬وأن‭ ‬المواطن‭ ‬اللبناني‭ ‬أولوية‭ ‬لديهم‭ ‬ومطالبه‭ ‬تسمو‭ ‬وتتفوق‭ ‬على‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الحسابات،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬مشروعة‭ ‬وتلامس‭ ‬حقا‭ ‬أصيلا‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬المواطنة‭.‬