طهران مطوَّقة بثورة لبنان وانتفاضة العراق وصفقة سوريا وتطوّرات اليمن (2)

| راغدة درغام

الجنرال‭ ‬كينيث‭ ‬ماكنزي،‭ ‬قائد‭ ‬قوات‭ ‬CENTCOM‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأميركية،‭ ‬تحدّث‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬أمام‭ ‬مؤتمر‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للعلاقات‭ ‬الأميركية‭ ‬–‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬NCUSAR،‭ ‬وأوضح‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬الأولويّات‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬أولوية‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬في‭ ‬الحسابات‭ ‬الأميركية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تبقى‭ ‬أولوية‭ ‬قاطعة،‭ ‬وحذّر‭ ‬من‭ ‬الانطباع‭ ‬الخاطئ‭ ‬والحسابات‭ ‬الخاطئة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتواجد‭ ‬أو‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬والخليج،‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬إيران‭ ‬تبقى‭ ‬تحت‭ ‬المراقبة،‭ ‬وتحدّث‭ ‬عن‭ ‬معادلة‭ ‬“الردع‭ ‬بدون‭ ‬الاستفزاز”‭ ‬كتحدٍّ‭ ‬مهم‭ ‬في‭ ‬الحسابات‭ ‬الأميركية‭ ‬نحو‭ ‬إيران،‭ ‬وتكلّم‭ ‬عن‭ ‬استراتيجية‭ ‬أميركية‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى‭ ‬تضع‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬في‭ ‬الطليعة،‭ ‬وليس‭ ‬الاستفزاز‭ ‬أو‭ ‬الابتزاز‭ ‬الإيراني‭.‬

هذا‭ ‬يعني‭ ‬فشل‭ ‬خُطط‭ ‬بعض‭ ‬القيادات‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬نحو‭ ‬استدراج‭ ‬عمل‭ ‬عسكري‭ ‬أميركي‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬بهدف‭ ‬تحويل‭ ‬الأنظار‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬الداخلي‭ ‬الرديء‭ ‬والمتفجّر‭. ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لن‭ ‬تلبّي‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬فك‭ ‬الطوق‭ ‬عن‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬عبر‭ ‬التورّط‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬مع‭ ‬إيران،‭ ‬فإذا‭ ‬أوقعت‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإسلامية‭ ‬الإيرانية‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬ومأزق‭ ‬ومطبّ‭ ‬بسبب‭ ‬سياساتها‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية،‭ ‬فهذه‭ ‬ورطتها‭ ‬ومأزقها‭ ‬ومطبّها،‭ ‬وإذا‭ ‬طوّقت‭ ‬نفسها‭ ‬بسبب‭ ‬سياساتها‭ ‬الإقليميّة‭ ‬التوسعيّة‭ ‬واعتمادها‭ ‬أساليب‭ ‬إنشاء‭ ‬القوات‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬أو‭ ‬الميليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لطهران‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬سيادية،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬عمليّاً‭ ‬هو‭ ‬تطويق‭ ‬نفسها‭ ‬وأذرعتها،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬منطق‭ ‬النظام‭ ‬خللٌ‭ ‬رهيب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬المضي‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن،‭ ‬زمن‭ ‬الأجيال‭ ‬الواعية‭.‬

جيل‭ ‬“زي”‭ ‬Z،‭ ‬كما‭ ‬يسمّى،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يصنع‭ ‬المستقبل‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬حيث‭ ‬“حزب‭ ‬الله”‭ ‬تحكّم‭ ‬بالأجيال‭ ‬التي‭ ‬سبقته،‭ ‬لكن‭ ‬جيل‭ ‬“الواي”‭ ‬Y،‭ ‬أي‭ ‬“جيل‭ ‬الألفية”‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬مُحبطاً‭ ‬استفاق‭ ‬لدعم‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬أهالي‭ ‬الجيلين،‭ ‬أي‭ ‬جيل‭ ‬Baby Boomers‭ ‬الذين‭ ‬أكثروا‭ ‬الإنجاب،‭ ‬وقفوا‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬مع‭ ‬جيليّ‭ ‬Z‭ ‬وY‭ ‬في‭ ‬ساحات‭ ‬الاحتجاج،‭ ‬وساروا‭ ‬في‭ ‬المظاهرات،‭ ‬ووقفوا‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الاستفزازات،‭ ‬وقالوا‭ ‬لأولاد‭ ‬الثورة‭: ‬سيروا،‭ ‬نحن‭ ‬معكم‭. ‬وهكذا‭ ‬أفشلوا‭ ‬مشاريع‭ ‬طبقة‭ ‬الفساد‭ ‬التي‭ ‬اعتادت‭ ‬على‭ ‬أنماط‭ ‬الاحتواء‭ ‬وراهنت‭ ‬على‭ ‬إخماد‭ ‬الثورات‭ ‬كما‭ ‬جرت‭ ‬العادة‭.‬

جيل‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والعراق،‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬الأمهات‭ ‬والجدّات‭ ‬وكذلك‭ ‬الأطفال،‭ ‬هو‭ ‬جيل‭ ‬الانتصار‭ ‬على‭ ‬الخوف‭ ‬والانصياع‭. ‬إنه‭ ‬ينتفض‭ ‬على‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬داره‭ ‬وعلى‭ ‬طبقة‭ ‬سياسيّة‭ ‬ظنّت‭ ‬بغباءٍ‭ ‬قاطع‭ ‬أن‭ ‬امتيازاتها‭ ‬هي‭ ‬تأشيرة‭ ‬للجشع‭ ‬وتوطيد‭ ‬نظام‭ ‬الفساد‭. ‬

ينتفض‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬افتراضٍ‭ ‬ووعدٍ‭ ‬قطعه‭ ‬أرباب‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬قبل‭ ‬40‭ ‬سنة‭ ‬بأن‭ ‬في‭ ‬وسعهم‭ ‬التحكّم‭ ‬في‭ ‬أحلام‭ ‬الأجيال‭ ‬العربية‭ ‬بواسطة‭ ‬الطائفية‭ ‬والتخويف‭ ‬وقمع‭ ‬الحرّيّات‭ ‬وعبر‭ ‬سلاح‭ ‬الجيوش‭ ‬غير‭ ‬النظاميّة‭ ‬التابعة‭ ‬لطهران‭. ‬“إيلاف”‭.‬