ستة على ستة

ضربة... ليست قاضية

| عطا السيد الشعراوي

من‭ ‬حق‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬يفرح‭ ‬ويغرد‭ ‬على‭ ‬حسابه‭ ‬على‭ ‬تويتر‭ ‬لمقتل‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الإرهابيين‭ ‬الذين‭ ‬عرفتهم‭ ‬البشرية‭ ‬والذين‭ ‬أحدثوا‭ ‬دمارًا‭ ‬هائلاً‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬وجيزة،‭ ‬وهو‭ ‬أبوبكر‭ ‬البغدادي‭ ‬زعيم‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬والإسلامي‭ ‬أن‭ ‬يهلل‭ ‬لاختفاء‭ ‬هذا‭ ‬المجرم‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬آملاً‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الاختفاء‭ ‬بداية‭ ‬لمرحلة‭ ‬أكثر‭ ‬أمنًا‭ ‬وأقل‭ ‬عنفًا‭ ‬تجر‭ ‬معها‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬من‭ ‬التردي‭ ‬والضعف‭ ‬بما‭ ‬يعجزه‭ ‬عن‭ ‬القيام‭ ‬بأي‭ ‬عمل‭ ‬إرهابي‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

بل‭ ‬إن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬أن‭ ‬يبتهج‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬أمثال‭ ‬هؤلاء‭ ‬القتلة‭ ‬الذين‭ ‬يسفكون‭ ‬دماء‭ ‬المسلمين‭ ‬وغير‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬دون‭ ‬تفرقة‭ ‬وحتى‭ ‬دون‭ ‬ذنب‭ ‬وينشرون‭ ‬الدمار‭ ‬أينما‭ ‬كانوا‭ ‬وحيثما‭ ‬حلوا‭.‬

لكن‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬التوقف‭ ‬والاسترخاء‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬ينبغي‭ ‬والارتكان‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنه‭ ‬كفيل‭ ‬بالقضاء‭ ‬على‭ ‬الإرهاب‭ ‬ونشر‭ ‬الأمن‭ ‬والطمأنينة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬أبوبكر‭ ‬البغدادي‭ ‬قد‭ ‬قتل،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يعدو‭ ‬بالنهاية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صاحب‭ ‬فكر‭ ‬إرهابي‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬يتوقف‭ ‬عليه،‭ ‬بل‭ ‬سيظل‭ ‬ساريا‭ ‬في‭ ‬عقول‭ ‬الكثيرين‭ ‬مادامت‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أوجدت‭ ‬البغدادي‭ ‬باقية‭ ‬دون‭ ‬معالجة‭ ‬أو‭ ‬مواجهة‭.‬

وعلينا‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭ ‬قليلا‭ ‬عندما‭ ‬انتشى‭ ‬العالم‭ ‬لسماع‭ ‬خبر‭ ‬مقتل‭ ‬أسامة‭ ‬بن‭ ‬لادن‭ ‬زعيم‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يمتلك‭ ‬باعًا‭ ‬من‭ ‬الفكر‭ ‬المتشدد‭ ‬والعمل‭ ‬الإجرامي‭ ‬يفوق‭ ‬ما‭ ‬لدى‭ ‬البغدادي،‭ ‬وظن‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬قائمة‭ ‬بعد‭ ‬أسامة‭ ‬بن‭ ‬لادن،‭ ‬فإذا‭ ‬بتنظيم‭ ‬داعش‭ ‬يظهر‭ ‬للوجود‭ ‬كنسخة‭ ‬معدلة‭ ‬ومطورة‭ ‬من‭ ‬تنظيم‭ ‬القاعدة‭ ‬ليؤكد‭ ‬أن‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬أشخاص‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تنظيمات‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬إنما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتزامن‭ ‬مع‭ ‬معالجة‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬الإرهاب‭ ‬واجتثاث‭ ‬التربة‭ ‬التي‭ ‬تخلق‭ ‬هذه‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وتنمو‭ ‬فيها‭ ‬وتشتد‭ ‬لتمثل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬بأسرها‭.‬