مَن هو المسؤول؟

| عبدعلي الغسرة

اتهم‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬واشنطن‭ ‬وأجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الغربية‭ ‬وتل‭ ‬أبيب‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بإذكاء‭ ‬الاضطرابات‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬مدعيًا‭ ‬“أن‭ ‬هذه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬هدفها‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬العراق‭ ‬وإيران”؛‭ ‬وأن‭ ‬“تلك‭ ‬الجهات‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان”،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬أعلن‭ ‬ناطق‭ ‬حكومي‭ ‬بأن‭ ‬“مطالب‭ ‬المحتجين‭ ‬مشروعة”،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬مطالب‭ ‬المحتجين‭ ‬مشروعة‭ ‬فإن‭ ‬منعها‭ ‬غير‭ ‬مشروع،‭ ‬وتستوجب‭ ‬دعمها،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يُناهض‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬ويمنعها‭ ‬فلماذا‭ ‬يسمح‭ ‬لنفسه‭ ‬بدعم‭ ‬الميليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬له‭ ‬نهجًا‭ ‬وهدفًا‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان؟

النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يفرض‭ ‬سيطرته‭ ‬الكاملة‭ ‬على‭ ‬ميليشيات‭ ‬العراق‭ ‬ويحق‭ ‬لمسؤولي‭ ‬إيران‭ ‬التصرف‭ ‬بمقدرات‭ ‬العراق‭ ‬كيفما‭ ‬يشاءون‭ ‬دون‭ ‬رقيب‭ ‬أو‭ ‬حسيب،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬مساوئ‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬منذُ‭ ‬2003م‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬سببه‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإيراني،‭ ‬إذا‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬المسؤول؟

في‭ ‬لبنان‭ ‬استطاع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬أن‭ ‬يخترق‭ ‬سيادة‭ ‬وأمن‭ ‬لبنان‭ ‬بذراع‭ ‬ميليشياته‭ ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬توجهه‭ ‬وسياسته،‭ ‬وأصبح‭ ‬لها‭ ‬ثبات‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الداخلية‭ ‬اللبنانية‭ ‬كجزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬عندما‭ ‬يتعرض‭ ‬لبنان‭ ‬لأزمة‭ ‬سياسية،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتشكل‭ ‬الحكومة‭ ‬أو‭ ‬يتم‭ ‬تنفيذ‭ ‬قرار‭ ‬إلا‭ ‬بموافقة‭ ‬هذه‭ ‬الميليشيات‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬بحدوث‭ ‬شرخ‭ ‬في‭ ‬علاقات‭ ‬لبنان‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية‭ ‬نتيجة‭ ‬سلوكها‭. ‬إذا‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬المسؤول؟

لقد‭ ‬توجهت‭ ‬ميليشيات‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬لإسكات‭ ‬صوت‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬واللبناني‭ ‬وتعاملت‭ ‬كتعامل‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬إخماد‭ ‬احتجاجات‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2017م‭ ‬وامتدت‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬ثمانين‭ ‬مدينة‭ ‬إيرانية‭ ‬حتى‭ ‬يناير‭ ‬2018م‭ ‬وبنفس‭ ‬أسباب‭ ‬احتجاجات‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ (‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬المعيشي،‭ ‬تفشي‭ ‬الفساد،‭ ‬وتسلط‭ ‬الميليشيات‭)‬،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬احتجاجات‭ ‬العراقيين‭ ‬واللبنانيين‭ ‬مشروعة‭ ‬فإن‭ ‬احتجاجات‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬التي‭ ‬نهضت‭ ‬لنفس‭ ‬الأسباب‭ ‬مشروعة‭ ‬أيضًا‭.‬

الأمن‭ ‬العراقي‭ ‬واللبناني‭ ‬وسيادتهما‭ ‬لن‭ ‬تتحقق‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يرفع‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬وميليشياته‭ ‬اليد‭ ‬عنهما،‭ ‬وما‭ ‬أحدثته‭ ‬الميليشيات‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬وضرب‭ ‬المتظاهرين‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬والعراق‭ ‬سببه‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬سيطرة‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬البلدين،‭ ‬فقد‭ ‬كشفت‭ ‬هذه‭ ‬المظاهرات‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬ضربة‭ ‬موجعة‭ ‬لإيران‭ ‬عن‭ ‬الوجه‭ ‬الحقيقي‭ ‬للميليشيات‭ ‬الإيرانية‭ ‬ورفض‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬والعراقي‭ ‬لتواجدها‭ ‬على‭ ‬أرضه‭ ‬العربية،‭ ‬وتكشف‭ ‬أيضًا‭ ‬ادعاء‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطية‭ ‬وحقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬فالنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬يُدافع‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬ومصالحه‭ ‬ورغبته‭ ‬الجامحة‭ ‬في‭ ‬احتواء‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬وتفريسها‭ ‬مذهبيًا‭ ‬وسياسيًا‭ ‬واقتصاديًا‭. ‬إذا‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬المسؤول؟‭.‬