فجر جديد

محرقة أموال الأسرة

| إبراهيم النهام

شجع‭ ‬غياب‭ ‬“الرقابة”‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬السلع‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬والغذائية‭ ‬المختلفة،‭ ‬بعض‭ ‬التجار‭ ‬لكي‭ ‬يسرحوا‭ ‬ويمرحوا‭ ‬بترقيم‭ ‬الأسعار‭ ‬“على‭ ‬هواهم”،‭ ‬تحت‭ ‬ذرائع‭ ‬انفتاح‭ ‬السوق،‭ ‬وغلاء‭ ‬تأجير‭ ‬المتاجر،‭ ‬وارتفاع‭ ‬كلفة‭ ‬التشغيل،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأسطوانة‭ ‬“المشروخة”‭.‬

هذا‭ ‬الغياب،‭ ‬موجود‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬محلات‭ ‬لعب‭ ‬الأطفال‭ ‬بالمجمعات‭ ‬التجارية،‭ ‬حيث‭ ‬تقدم‭ ‬للجمهور‭ ‬أسعارا‭ ‬خيالية،‭ ‬تتفاوت‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬فلس‭ ‬وحتى‭ ‬1‭.‬5‭ ‬دينار،‭ ‬لمدة‭ ‬لعب‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬دقيقتين،‭ ‬وهو‭ ‬ذات‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬لبقية‭ ‬الألعاب‭ ‬الأخرى،‭ ‬كبيت‭ ‬اللعب،‭ ‬وساحة‭ ‬القفز،‭ ‬إذ‭ ‬يُربط‭ ‬سعر‭ ‬الدخول‭ ‬بها‭ ‬بالطول،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬العُمر‭ ‬أو‭ ‬الجنس‭.‬

وكنت‭ ‬قد‭ ‬اصطحبت‭ ‬أبنائي‭ ‬قبل‭ ‬أيام،‭ ‬للعب‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬للقفز‭ ‬بإحدى‭ ‬المجمعات،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬سعر‭ ‬الدخول‭ ‬لمحمد‭ (‬4‭ ‬سنوات‭) ‬4‭ ‬دنانير‭ ‬ونصف،‭ ‬ولخالد‭ (‬7‭ ‬سنوات‭) ‬6.5‭ ‬دينار،‭ ‬كما‭ ‬دفعت‭ ‬أيضًا‭ ‬قيمة‭ ‬البطاقة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالدخول،‭ ‬و‭ ‬“جرابات”‭ ‬خاصة‭ ‬لكليهما،‭ ‬بإجمالي‭ ‬سعر‭ ‬تخطى‭ ‬12‭ ‬دينارا‭ ‬تقريبًا،‭ ‬ولمدة‭ ‬ساعة‭ ‬واحدة‭.‬

هذه‭ ‬ليست‭ ‬تجارة،‭ ‬وليست‭ ‬فنا‭ ‬بالبيع،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬استغلال‭ ‬لحاجة‭ ‬الناس،‭ ‬ولظروف‭ ‬الطقس‭ ‬الحارة‭ ‬والرطبة‭ ‬بالبلد،‭ ‬التي‭ ‬تدفعهم‭ ‬قسرًا‭ ‬لإبعاد‭ ‬أطفالهم‭ ‬عن‭ ‬الحدائق‭ ‬والمتنزهات‭ ‬العامة،‭ ‬والتوجه‭ ‬بهم‭ ‬لزوايا‭ ‬اللعب‭ ‬بالمجمعات‭ ‬التجارية،‭ ‬التي‭ ‬أضحت‭ ‬محرقة‭ ‬لأموال‭ ‬الأسرة‭.‬

إدارة‭ ‬حماية‭ ‬المستهلك‭ ‬بوزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة،‭ ‬ما‭ ‬دورها‭ ‬الفعلي؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬نسمع‭ ‬منها‭ ‬عن‭ ‬تقارير‭ ‬وعن‭ ‬رقابة‭ ‬وعن‭ ‬مخالفات‭ ‬وعن‭ ‬تحذيرات‭ ‬أو‭ ‬تنويهات؟‭ ‬صمت‭ ‬مطبق‭ ‬كصمت‭ ‬القبور،‭ ‬أطلق‭ ‬غول‭ ‬الشجع‭ ‬لهذا‭ ‬التاجر‭ ‬وذاك،‭ ‬لكي‭ ‬ينقض‭ ‬على‭ ‬الأسرة‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الجهات،‭ ‬والله‭ ‬المستعان‭.‬