حماية الصحافيين وسلامتهم

| عبدعلي الغسرة

الصحافة‭ ‬مهنة‭ ‬جميلة‭ ‬في‭ ‬أدائها‭ ‬ونبيلة‭ ‬في‭ ‬أهدافها،‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬إلا‭ ‬الحقيقة‭ ‬والمصداقية‭ ‬في‭ ‬تحليل‭ ‬الأخبار‭ ‬وكتابة‭ ‬الآراء،‭ ‬وتتبع‭ ‬ما‭ ‬يستجد‭ ‬من‭ ‬أحداث‭ ‬بدون‭ ‬تعب‭ ‬وتمتهن‭ ‬دورها‭ ‬المجتمعي‭ ‬المتميز‭ ‬بدون‭ ‬كلل‭. ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬ميدانها‭ ‬أشخاص‭ ‬همهم‭ ‬جمع‭ ‬البيانات‭ ‬ونشر‭ ‬المعلومات‭ ‬ومتابعة‭ ‬قضايا‭ ‬الناس‭ ‬ومشاكل‭ ‬مجتمعهم،‭ ‬يتنقلون‭ ‬بين‭ ‬الكلمة‭ ‬المكتوبة‭ ‬والمنطوقة‭ ‬وبين‭ ‬الصورة‭ ‬الصامتة‭ ‬والمتحركة،‭ ‬يكتبون‭ ‬وينطقون‭ ‬ويبذلون‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬جهدًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬السِلم‭ ‬أو‭ ‬الحرب‭.  ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأوقات‭ ‬يعمل‭ ‬الصحافيون‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬حماية‭ ‬أو‭ ‬أمن،‭ ‬ويتعرضون‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬المخاطر‭ ‬في‭ ‬الميادين‭ ‬كالقتل‭ ‬والتصفيةً‭ ‬والسجن‭ ‬والإبعاد،‭ ‬فالمئات‭ ‬منهم‭ ‬قتلوا‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬وبعضهم‭ ‬راح‭ ‬لتصفية‭ ‬سياسية‭ ‬طردًا‭ ‬أو‭ ‬سجنًا‭ ‬أو‭ ‬إعدامًا،‭ ‬ورغم‭ ‬ما‭ ‬يتعرضون‭ ‬له‭ ‬فهم‭ ‬يعملون‭ ‬بجد‭ ‬لتوفير‭ ‬المادة‭ ‬الإعلامية‭ ‬اليومية‭ ‬للناس‭. ‬وتعتبر‭ ‬الصحافة‭ ‬من‭ ‬أسس‭ ‬تقدم‭ ‬الأمم‭ ‬وازدهارها،‭ ‬وتعمل‭ ‬الأمم‭ ‬المتقدمة‭ ‬على‭ ‬توجيه‭ ‬الصحافة‭ ‬توجيهًا‭ ‬هادفًا‭ ‬وتحرص‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬رسالتها‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬الأحداث‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬تتعرض‭ ‬لها‭ ‬الدول‭ ‬المتصارعة‭ ‬والمتنازعة‭ ‬يكون‭ ‬الصحافيون‭ ‬ضحايا‭ ‬للتقاتل‭ ‬الميداني‭ ‬والمدني،‭ ‬فيتعرض‭ ‬الصحافيون‭ ‬إلى‭ ‬اعتداءات‭ ‬كثيرة‭ ‬كالاختطاف‭ ‬والقتل‭ ‬والفصل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وعدم‭ ‬نشر‭ ‬أي‭ ‬تحقيق‭ ‬تكون‭ ‬مادته‭ ‬حقائق‭ ‬ممنوعة‭ ‬وتكون‭ ‬متضاربة‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬الآخرين‭. ‬إن‭ ‬تعرض‭ ‬الصحافيين‭ ‬لأي‭ ‬اعتداء‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬بلد‭ ‬يعتبر‭ ‬منافيًا‭ ‬لمبادئ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ومتعارضًا‭ ‬مع‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬فالصحافي‭ ‬إنسان‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للديمقراطية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بدون‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬حُرة‭ ‬ومتنوعة،‭ ‬والتهديدات‭ ‬والهجمات‭ ‬التي‭ ‬يواجهونها‭ ‬أثناء‭ ‬تأديتهم‭ ‬واجبهم‭ ‬الإعلامي‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭. ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬يفلت‭ ‬مرتكبو‭ ‬التهديدات‭ ‬والهجمات‭ ‬دائمًا‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬فلا‭ ‬مساءلة‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬عقاب‭ ‬عليهم،‭ ‬ويكون‭ ‬الصحافيون‭ ‬ضحايا‭ ‬هذا‭ ‬الاعتداء،‭ ‬وقد‭ ‬أصدرت‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬قرارها‭ ‬رقم‭ (‬68/163‭) ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حماية‭ ‬الصحافيين‭ ‬وتحقيق‭ ‬سلامتهم‭ ‬أثناء‭ ‬أداء‭ ‬مهماتهم‭ ‬الإعلامية،‭ ‬ويتم‭ ‬الاحتفاء‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬نوفمبر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجنب‭ ‬تعرض‭ ‬الصحافيين‭ ‬لأي‭ ‬اعتداء‭ ‬ومحاسبة‭ ‬كل‭ ‬المعتدين‭ ‬عليهم،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الصحافيين‭ ‬أثناء‭ ‬تأدية‭ ‬واجبهم‭ ‬المهني‭. ‬إن‭ ‬الصحافة‭ ‬الصادقة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بيئة‭ ‬من‭ ‬السلامة‭ ‬والأمن،‭ ‬ويحتاج‭ ‬الصحافيون‭ ‬إلى‭ ‬مساحة‭ ‬كبيرة‭ ‬خالية‭ ‬من‭ ‬الخوف‭. ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬سلامة‭ ‬الصحافيين‭ ‬والسماح‭ ‬لهم‭ ‬بنشر‭ ‬المعلومات‭ ‬الصحيحة‭ ‬بما‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬المجتمع‭ ‬وأفراده،‭ ‬وهذا‭ ‬سيساهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬جودة‭ ‬الصحافة‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭.‬