مقتل البغدادي... عملية نوعية أم دعاية انتخابية

| بدور عدنان

قتل‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬قائد‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بتنظيم‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والشام‭ ‬“داعش”‭ ‬أبوبكر‭ ‬البغدادي‭ ‬في‭ ‬غارة‭ ‬أميركية‭ ‬استهدفت‭ ‬مخبأه‭ ‬في‭ ‬إدلب‭ ‬السورية،‭ ‬وخرج‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬ليزف‭ ‬للعالم‭ ‬خبر‭ ‬مقتله‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬بوفاة‭ ‬البغدادي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬ينتهي‭ ‬عصر‭ ‬هذا‭ ‬التنظيم‭ ‬الإرهابي‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬آخر‭ ‬معاقله‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬هذا‭ ‬العام‭.‬

ذلك‭ ‬ما‭ ‬يتصوره‭ ‬من‭ ‬استمع‭ ‬لترامب‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬عملية‭ ‬مقتل‭ ‬البغدادي،‭ ‬لكن‭ ‬لنعد‭ ‬للخلف‭ ‬قليلاً‭ ‬فمنذ‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬فقط‭ ‬وبأمر‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬انسحبت‭ ‬قواته‭ ‬من‭ ‬شمال‭ ‬سوريا‭ ‬وهي‭ ‬المنطقة‭ ‬الحدودية‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬وتركيا‭ ‬والتي‭ ‬تقع‭ ‬فيها‭ ‬أكبر‭ ‬سجون‭ ‬لمعتقلي‭ ‬داعش‭ ‬حيث‭ ‬يقبع‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬12‭ ‬ألف‭ ‬سجين،‭ ‬وترفض‭ ‬دولهم‭ - ‬خصوصاً‭ ‬الأوروبية‭ - ‬استعادتهم‭.‬

انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬حرب‭ ‬تركية‭ ‬كردية‭ ‬سورية‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬نتائجها‭ ‬المتوقعة‭ ‬هروب‭ ‬مسجوني‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة،‭ ‬السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ترامب‭ ‬جادا‭ ‬بخصوص‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬داعش‭ ‬والفتك‭ ‬بها‭ ‬لم‭ ‬سحب‭ ‬قواته‭ ‬مع‭ ‬يقينه‭ ‬التام‭ ‬بأن‭ ‬أي‭ ‬توتر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬لإحياء‭ ‬التنظيم؟

يرى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إنعاش‭ ‬شعبيته‭ ‬في‭ ‬الأوساط‭ ‬الأميركية‭ ‬والتي‭ ‬تؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الإرهاب‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬المواضيع‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬توليها‭ ‬واشنطن‭ ‬أهمية،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬أحداث11‭ ‬سبتمبر،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬مقتل‭ ‬البغدادي‭ ‬يعتبر‭ ‬بمثابة‭ ‬إنجاز‭ ‬عظيم‭ ‬لترامب‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬ما‭ ‬يرجح‭ ‬هنا‭ ‬نظرية‭ ‬الدعاية‭ ‬الانتخابية،‭ ‬فانسحاب‭ ‬ترامب‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬أثار‭ ‬استياء‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأميركيين‭ ‬الذين‭ ‬رأوا‭ ‬أنه‭ ‬آثر‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬ضد‭ ‬الإرهاب‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الإشاعات‭ ‬التي‭ ‬تحدثت‭ ‬عن‭ ‬صفقة‭ ‬محتملة‭ ‬مع‭ ‬القاعدة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬طالبان‭ ‬مؤخراً‭ ‬والتراخي‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الإيراني‭ ‬مؤشرات‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬تخلي‭ ‬ترامب‭ ‬عن‭ ‬قضية‭ ‬الإرهاب‭.‬

بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬ترامب‭ ‬مازال‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬تبعات‭ ‬فضيحة‭ ‬مكالمته‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأوكراني‭ ‬التي‭ ‬يواجه‭ ‬إثرها‭ ‬اتهامات‭ ‬بالتخابر‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬أجنبية،‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬العوامل‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬نقاط‭ ‬سلبية‭ ‬ستؤثر‭ ‬حتماً‭ ‬على‭ ‬حظوظه‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬التي‭ ‬سيخوضها‭ ‬العام‭ ‬القادم‭ ‬لذلك‭ ‬كان‭ ‬لابد‭ ‬لترامب‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬بطولي‭ ‬كي‭ ‬يرفع‭ ‬شعبيته‭ ‬عند‭ ‬الشعب‭ ‬الأميركي‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬لن‭ ‬يجد‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬تصفية‭ ‬قائد‭ ‬التنظيم‭ ‬الإرهابي‭ ‬الأخطر‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فرصة‭ ‬لذلك‭.‬