ريشة في الهواء

لا سياحة مع القيود!

| أحمد جمعة

السياحة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬يسعى‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬مصدرا‭ ‬أساسيا‭ ‬للدخل‭ ‬الوطني‭ ‬ومظهرا‭ ‬عصريا‭ ‬لحضارة‭ ‬البلد،‭ ‬ووجهة‭ ‬دولية‭ ‬للسياح‭ ‬الأجانب‭ ‬وأخيراً‭ ‬واجهة‭ ‬حضارية‭ ‬تجتذب‭ ‬أنظار‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وأقربها‭ ‬إلينا‭ ‬دبي،‭ ‬علينا‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬القيود‭ ‬والارتباكات‭ ‬والخوف‭ ‬والتردد‭ ‬من‭ ‬قراراتنا‭ ‬السياحية‭! ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعكس‭ ‬ثقة‭ ‬بالبرنامج‭ ‬السياحي‭ ‬الذي‭ ‬نقصده،‭ ‬فلا‭ ‬يكفي‭ ‬تعيين‭ ‬أفراد‭ ‬جدد،‭ ‬ولا‭ ‬تكفي‭ ‬التصريحات،‭ ‬بل‭ ‬ما‭ ‬نحتاجه‭ ‬استراتيجيات‭ ‬ذكية‭ ‬وإيقاع‭ ‬سريع‭ ‬للعمل‭ ‬وكسر‭ ‬الروتين‭ ‬والرتابة‭ ‬والقفز‭ ‬بقرارات‭ ‬جريئة‭ ‬تضع‭ ‬قطار‭ ‬السياحة‭ ‬على‭ ‬السكة‭ ‬الصحيحة،‭ ‬وأن‭ ‬يتم‭ ‬استثمار‭ ‬البحرين‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحية‭ ‬حضارية‭ ‬تملك‭ ‬من‭ ‬المقومات‭ ‬ما‭ ‬يؤهلها‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬وجهة‭ ‬عالمية‭ ‬ونقطة‭ ‬جذب‭ ‬للمنطقة،‭ ‬وهذا‭ ‬يتطلب‭ ‬الكثير،‭ ‬فمنذ‭ ‬سنوات‭ ‬مضت‭ ‬للأسف‭ ‬لم‭ ‬نستثمر‭ ‬إمكانياتنا‭ ‬بسبب‭ ‬عجز‭ ‬عن‭ ‬رؤية‭ ‬ذكية‭ ‬تدرك‭ ‬حجم‭ ‬الثروة‭ ‬التي‭ ‬بحوزتنا‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬استثمارها‭! ‬كالبحر‭ ‬والجزر‭ ‬والانفتاح‭ ‬والسمعة‭ ‬الدولية‭ ‬والخلفية‭ ‬التاريخية،‭ ‬والوجهات‭ ‬المتعددة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬شعب‭ ‬مضياف،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬وغيرها‭ ‬بحاجة‭ ‬لخطة‭ ‬فوق‭ ‬المألوف‭ ‬لا‭ ‬تتقيد‭ ‬بالروتين‭ ‬والقيود‭ ‬وخصوصا‭ ‬القرارات‭ ‬العشوائية‭ ‬التي‭ ‬تعكس‭ ‬الارتباك‭ ‬مثل‭ ‬تقييد‭ ‬السوق‭ ‬الحرة‭ ‬بالمطار‭ ‬بقرارات‭ ‬متضاربة،‭ ‬بشأن‭ ‬تعامل‭ ‬السوق‭ ‬مع‭ ‬السائح،‭ ‬فمسموح‭ ‬اقتناء‭ ‬سلعتين‭ ‬وثلاث‭ ‬في‭ ‬يوم،‭ ‬ويقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬سلعة‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬آخر،‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬حفلات‭ ‬طوال‭ ‬العام،‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬اهتمام‭ ‬بمرافق‭ ‬سياحية‭ ‬ووجهات‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تشكل‭ ‬وجهة‭ ‬للسياح‭ ‬مثل‭ ‬جزيرة‭ ‬حوار،‭ ‬فلو‭ ‬أمكن‭ ‬استغلال‭ ‬هذه‭ ‬الجزيرة‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬دبي‭ ‬وأستراليا‭ ‬وماليزيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وتايلند‭ ‬بمرافقها‭ ‬المماثلة‭ ‬لأصبحت‭ ‬للبحرين‭ ‬سمعة‭ ‬سياحية‭ ‬توازي‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬فهي‭ ‬تملك‭ ‬كل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬والثروات‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬الرؤية‭ ‬القصوى‭ ‬الثاقبة‭ ‬التي‭ ‬توظفها‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬قطاع‭ ‬سياحي‭ ‬تكاملي‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬إدارة‭ ‬ملحقة‭ ‬بإحدى‭ ‬الوزارات،‭ ‬فالسياحة‭ ‬بحد‭ ‬ذاتها‭ ‬بحاجة‭ ‬لفرق‭ ‬وكفاءات‭ ‬وبرامج‭ ‬وميزانيات‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لتصبح‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬مصدرا‭ ‬أساسيا‭ ‬للميزانية،‭ ‬إن‭ ‬دخل‭ ‬كنيسة‭ ‬تاريخية‭ ‬واحدة‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭ ‬من‭ ‬زيارة‭ ‬السياح‭ ‬وبيوم‭ ‬واحد‭ ‬توازي‭ ‬ميزانية‭ ‬السياحة‭ ‬هنا،‭ ‬هكذا‭ ‬تستثمر‭ ‬المرافق‭ ‬السياحية‭.‬

إن‭ ‬تاريخ‭ ‬البحرين‭ ‬وحضارتها‭ ‬وجغرافية‭ ‬أرضها‭ ‬وشعبها‭ ‬المحب‭ ‬للآخرين‭ ‬ومعرفة‭ ‬سواقها‭ ‬ومرشديها‭ ‬وكل‭ ‬سلك‭ ‬السياحة‭ ‬باللغات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬خلفية‭ ‬سياحية‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬وخبرة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأجنبي‭ ‬بالإضافة‭ ‬لفنادق‭ ‬وخبرة‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬إدارتها،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يسهل‭ ‬العمل،‭ ‬فقط‭ ‬ما‭ ‬ينقصنا‭ ‬رؤية‭ ‬ثاقبة‭ ‬وفريق‭ ‬عمل‭ ‬مؤهل‭ ‬ذكي،‭ ‬وقرارات‭ ‬غير‭ ‬عشوائية‭. ‬

من‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬الجميع‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬وجهة‭ ‬دولية‭ ‬للسياحة،‭ ‬أضحت‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الخلفية‭ ‬بمجال‭ ‬السياحة،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬رغم‭ ‬وضوحها‭! ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬بالأسلوب‭ ‬التقليدي‭ ‬الروتيني‭ ‬البعيد‭ ‬عن‭ ‬الحافز‭ ‬الإبداعي‭ ‬الفطن‭ ‬لكسر‭ ‬القيود‭.‬

تنويرة‭:

‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬صيادا‭ ‬ما‭ ‬دمت‭ ‬تخشى‭ ‬البحر‭.‬