تقليل نصاب المعلمين

| أحمد عمران

موضوع‭ ‬نصاب‭ ‬الحصص‭ ‬الدراسية‭ ‬أصبح‭ ‬حديث‭ ‬المعلمين،‭ ‬حيث‭ ‬اقترن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬بمدى‭ ‬قدرة‭ ‬المعلم‭ ‬على‭ ‬العطاء‭ ‬والإبداع‭ ‬في‭ ‬عمله،‭ ‬فنصاب‭ ‬المعلمين‭ ‬الحالي‭ ‬يمثل‭ ‬عقبة‭ ‬أمام‭ ‬جودة‭ ‬التعليم‭ ‬والتعلم،‭ ‬وتوزيع‭ ‬الأنصبة‭ ‬المعمول‭ ‬به‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬واضحة‭ ‬وعادلة،‭ ‬فجميع‭ ‬المعلمين‭ ‬أثناء‭ ‬التوزيع‭ ‬سواسية،‭ ‬ولا‭ ‬يراعى‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬عمر‭ ‬المعلم‭ ‬أو‭ ‬سنوات‭ ‬خبرته‭ ‬باستثناء‭ ‬الحالات‭ ‬المرضية‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬تخفيض‭ ‬رسمي‭ ‬للنصاب،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬العدالة‭ ‬أن‭ ‬يسند‭ ‬نصاب‭ ‬‮٢٠‬‭ ‬حصة‭ ‬للمعلم‭ ‬صاحب‭ ‬الخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬بشكل‭ ‬مساو‭ ‬للمعلم‭ ‬المستجد،‭ ‬فالقدرة‭ ‬أو‭ ‬التحمل‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يراعى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬حفاظاً‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأداء‭ ‬التعليمي،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬كلما‭ ‬زاد‭ ‬نصاب‭ ‬الحصص‭ ‬عند‭ ‬المعلم‭ ‬ازدادت‭ ‬أعباؤه‭ ‬وكثرت‭ ‬مسؤولياته،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فمن‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬المعلم‭ ‬تركيزه‭ ‬في‭ ‬إتقان‭ ‬عمله،‭ ‬ويصعب‭ ‬عليه‭ ‬إظهار‭ ‬مهاراته‭ ‬التعليمية،‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تزداد‭ ‬أيام‭ ‬غيابه‭ ‬بسبب‭ ‬ضغط‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬صحته‭ ‬الجسمية‭ ‬والنفسية‭.‬

وعند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬المعلم‭ ‬في‭ ‬يومه‭ ‬المدرسي‭ ‬والتي‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬تدريس‭ ‬مادته‭ ‬الأساسية‭ ‬وما‭ ‬يتعلق‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬تحضير‭ ‬وتصويب‭ ‬وإعداد‭ ‬للأنشطة‭ ‬والاختبارات‭ ‬والتصحيح‭ ‬والرصد،‭ ‬وكذلك‭ ‬التزامه‭ ‬بالحصص‭ ‬المستحدثة‭ ‬من‭ ‬القراءة‭ ‬والتلاوة‭ ‬والألعاب‭ ‬البدنية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المهام‭ ‬التي‭ ‬تسندها‭ ‬إدارة‭ ‬المدرسة‭ ‬كالمراقبة‭ ‬في‭ ‬الساحات‭ ‬أثناء‭ ‬الفسحة‭ ‬وحضور‭ ‬حصص‭ ‬التأمين،‭ ‬فكل‭ ‬هذه‭ ‬المهمات‭ ‬تثقل‭ ‬كاهل‭ ‬المعلم‭ ‬عندما‭ ‬يرتفع‭ ‬نصابه؛‭ ‬وبعدها‭ ‬يطالب‭ ‬المعلم‭ ‬بالعطاء‭ ‬المتميز‭ ‬والإبداع‭ ‬وتحقيق‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬للطلبة‭ ‬لكي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬عالٍ‭ ‬في‭ ‬الجودة‭ ‬فكيف‭ ‬له‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬الضاغطة‭ ‬على‭ ‬طاقته‭.‬

ومسألة‭ ‬تقليل‭ ‬النصاب‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬تفسر‭ ‬بعدم‭ ‬رغبة‭ ‬المعلمين‭ ‬في‭ ‬تحمل‭ ‬أعباء‭ ‬إضافية،‭ ‬إنما‭ ‬المسألة‭ ‬تتعلق‭ ‬بعدم‭ ‬اقتصار‭ ‬مهمة‭ ‬المعلم‭ ‬على‭ ‬إلقاء‭ ‬الدروس‭ ‬في‭ ‬الصفوف،‭ ‬إنما‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬ابتكار‭ ‬وإبداع‭ ‬متواصل‭ ‬لخلق‭ ‬أجواء‭ ‬محفزة‭ ‬للتعليم‭ ‬يراعى‭ ‬فيها‭ ‬الجانب‭ ‬التربوي،‭ ‬فنأمل‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬دراسة‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬وإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أنصبة‭ ‬المعلمين‭ ‬وأسس‭ ‬توزيعها‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالعملية‭ ‬التعليمية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭.‬