الحل.. قطع رأس الأفعى

| مؤنس المردي

من‭ ‬اللافت‭ ‬ما‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬الحراك‭ ‬الشعبي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬عالمي‭ ‬ومتابعة‭ ‬لمجرياته‭ ‬وتطوراته‭ ‬وترقب‭ ‬لنتائجه‭ ‬وتداعياته،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬جواب‭ ‬هو‭: ‬كيف‭ ‬ينجح‭ ‬هذا‭ ‬الحراك‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬مقاصده‭ ‬وأهدافه؟

من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أن‭ ‬الحراكين‭ ‬متشابهان‭ ‬في‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬إلى‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الشعبية‭ ‬والاحتجاج،‭ ‬وأهمها‭ ‬التردي‭ ‬الخدمي‭ ‬والمعيشي‭ ‬وتفشي‭ ‬الفساد،‭ ‬للدرجة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬معها‭ ‬إن‭ ‬السياسة‭ ‬قد‭ ‬ضيعت‭ ‬الاقتصاد‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬البلدين‭ ‬العربيين‭.‬

بالنسبة‭ ‬للحراك‭ ‬العراقي،‭ ‬فالشعب‭ ‬الذي‭ ‬انتفض‭ ‬على‭ ‬انتشار‭ ‬الفساد‭ ‬ونقص‭ ‬الخدمات‭ ‬الرئيسة‭ ‬كالكهرباء‭ ‬وغيرها،‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬حكومته‭ ‬لها‭ ‬اليد‭ ‬الطولى‭ ‬في‭ ‬اجتثاث‭ ‬الفساد‭ ‬وتجفيف‭ ‬منابعه‭ ‬لكي‭ ‬يسترد‭ ‬حياته‭ ‬ويحيا‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬لائقة‭ ‬ومناسبة‭ ‬لما‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬موارد‭ ‬ضخمة‭ ‬وإمكانات‭ ‬تؤهله‭ ‬لأن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬التنمية،‭ ‬وجميعهم‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬المعرقل‭ ‬الرئيس‭ ‬لذلك‭ ‬هو‭ ‬الغول‭ ‬الإيراني‭ ‬المتحكم‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬ومفاصلها،‭ ‬والذي‭ ‬يحرك‭ ‬أدواته‭ ‬من‭ ‬حشد‭ ‬شعبي‭ ‬وطبقة‭ ‬سياسية‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافه‭ ‬هو‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬قوت‭ ‬يوم‭ ‬المواطن‭ ‬العراقي،‭ ‬فلا‭ ‬صوت‭ ‬يعلو‭ ‬فوق‭ ‬صوت‭ ‬إيران‭ ‬ولا‭ ‬مصلحة‭ ‬تتحقق‭ ‬إلا‭ ‬مصلحة‭ ‬طهران،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬يقين‭ ‬العراقي‭ ‬وغير‭ ‬العراقي‭ ‬رغم‭ ‬محاولات‭ ‬تخفيف‭ ‬حدة‭ ‬الصوة‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحراك‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬عادل‭ ‬عبدالمهدي،‭ ‬الذي‭ ‬وعد‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬له‭ ‬بالإصلاحات‭ ‬والتغييرات‭ ‬الوزارية،‭ ‬لكن‭ ‬هيهات‭ ‬هيهات‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬من‭ ‬قناعات‭ ‬المحتجين‭ ‬والمنتفضين‭ ‬على‭ ‬ضياع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وفشل‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬العراق‭. ‬والأمر‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الصورة‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬متطابقة،‭ ‬فالأسباب‭ ‬الذي‭ ‬أخرجت‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬بيوتهم‭ ‬وجعلتهم‭ ‬يصطفون‭ ‬ويقفون‭ ‬في‭ ‬الساحات‭ ‬والشوارع‭ ‬هي‭ ‬ذاتها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬ثقل‭ ‬الأعباء‭ ‬المعيشية‭ ‬وسوء‭ ‬الأحوال‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التي‭ ‬دفعتهم‭ ‬لهذه‭ ‬الصرخة‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬كل‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تؤثر‭ ‬مصالحها‭ ‬ولا‭ ‬تراعي‭ ‬إلا‭ ‬حصصها‭ ‬من‭ ‬الكعكة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬نصيب‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬وليس‭ ‬لحزب‭ ‬أو‭ ‬طبقة‭ ‬أو‭ ‬فئة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬أخرى‭.‬

وكما‭ ‬تظهر‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬الحراك‭ ‬العراقي‭ ‬كسبب‭ ‬رئيس‭ ‬لاندلاعه،‭ ‬فهي‭ ‬أيضًا‭ ‬حاضرة‭ ‬بإفساد‭ ‬المشهد‭ ‬اللبناني‭ ‬بأداتها‭ ‬المهيمنة‭ ‬وتتمثل‭ ‬بحزب‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬حاول‭ ‬زعيمه‭ ‬حسن‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬تهديد‭ ‬المتظاهرين‭ ‬بغلاف‭ ‬من‭ ‬العواطف‭ ‬والكلام‭ ‬الأجوف،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬فهم‭ ‬الخطاب‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬فهمه‭ ‬بأنه‭ ‬منقول‭ ‬عن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ويرمي‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬وإبقائه‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬العقوبات‭ ‬المفروضة‭ ‬عليه،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬إلا‭ ‬التمسك‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬“التغيير‭ ‬للكل”،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اتضح‭ ‬وتأكد‭ ‬لهم‭ ‬أن‭ ‬الموارد‭ ‬تذهب‭ ‬سدى‭ ‬وتنفذ‭ ‬على‭ ‬ميلشيات‭ ‬تابعة‭ ‬لإيران‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬لبنان‭.‬

ولذا،‭ ‬فإذا‭ ‬أردنا‭ ‬عراقا‭ ‬مستقلا‭ ‬ولبنانًا‭ ‬قويًا،‭ ‬فعلينا‭ ‬بقطع‭ ‬رأس‭ ‬الأفعى‭ ‬وهي‭ ‬إيران،‭ ‬فعندها‭ ‬وعندها‭ ‬فقط‭ ‬سينجح‭ ‬الحراك‭ ‬الشعبي‭ ‬ويصل‭ ‬لمحطته‭ ‬المرجوة‭ ‬ويستقر‭ ‬عند‭ ‬الأهداف‭ ‬المبتغاة‭ ‬وستجد‭ ‬الجماهير‭ ‬الغاضبة‭ ‬ما‭ ‬يرضيها‭ ‬من‭ ‬نتائج‭.‬