رؤى جلالة الملك

| سالم الشوبكي

في‭ ‬كُلِ‭ ‬مرَّةٍ‭ ‬يُطلُّ‭ ‬فيها‭ ‬صاحِب‭ ‬الجَلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهِل‭ ‬البلاد‭ ‬المُفدّى‭ ‬حَفِظَهُ‭ ‬اللهُ‭ ‬ورعاه‭ ‬مُخاطِبًا‭ ‬شَعبهُ؛‭ ‬سَواءً‭ ‬في‭ ‬المُناسباتِ‭ ‬الرَسميَّةِ‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬لِقاءاتِ‭ ‬جَلالَتهِ‭ ‬التي‭ ‬يَحرِصُ‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬الالتِقاءِ‭ ‬مع‭ ‬جَميعِ‭ ‬المُكوناتِ‭ ‬ومُختَلفِ‭ ‬الفِئاتِ‭ ‬والقِطاعاتِ‭ ‬داعِمًا‭ ‬لكُلِّ‭ ‬جُهدٍ‭ ‬مؤَسَّسيٍّ‭ ‬أو‭ ‬فَردي‭ ‬مخلص‭ ‬يَدفَعُ‭ ‬عَجَلةَ‭ ‬التَنمِيَّة‭ ‬والتَقدُّم‭ ‬أو‭ ‬يُحقِّقُ‭ ‬إِنجازًا‭ ‬وَطَنيَّا‭ ‬يُضافُ‭ ‬إلى‭ ‬سِجِلِ‭ ‬البحرينِ‭ ‬الحافِل،‭ ‬فإنَّ‭ ‬كَلِماتِ‭ ‬جَلالِتهِ‭ ‬الأبَويةَ‭ ‬وتَوجيهاتهِ‭ ‬السَديدةَ‭ ‬لها‭ ‬وَقعٌ‭ ‬خاصٌ‭ ‬في‭ ‬قُلوبِ‭ ‬البَحرينيينَ‭ ‬والمُقيمينَ‭ ‬على‭ ‬أَرضِ‭ ‬مَملِكةِ‭ ‬البحرينِ‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬وسَتبقى‭ ‬أرضًا‭ ‬للمَحبَّةِ‭ ‬والسلامِ‭ ‬والتَعايش،‭ ‬وأُنموذَّجًا‭ ‬للدَولةِ‭ ‬دائِمَةِ‭ ‬الحَراكِ‭ ‬الإيجابي‭ ‬الفاعِلِ‭ ‬في‭ ‬جُهودِ‭ ‬إِرساءِ‭ ‬قِيَمِ‭ ‬السَلام،‭ ‬وتَثبيتِ‭ ‬دعائِمِ‭ ‬الأَمَنِ‭ ‬والاستِقرار،‭ ‬وتَحقيقِ‭ ‬التَنميَّةِ‭ ‬المُستَدامةِ‭ ‬مَحليًّا‭ ‬و‭ ‬إِقليميًّا‭ ‬ودَوليَّا‭.‬

خطاباتُ‭ ‬وكَلِماتُ‭ ‬جلالَتِهِ‭ ‬الساميَة‭ ‬تَزخَرُ‭ ‬بِمَكنوناتٍ‭ ‬جَليلةٍ‭ ‬ومَقاصدَ‭ ‬نَبيلةٍ‭ ‬تُعزِّزُ‭ ‬المُنجَزَ‭ ‬الوَطنيَ،‭ ‬وتَشحَذ‭ ‬الهِمَم،‭ ‬وتُؤَشرُ‭ ‬إلى‭ ‬جَوانبَ‭ ‬لابدَ‭ ‬مِن‭ ‬الالتِفاتِ‭ ‬إليها‭ ‬والتعاطي‭ ‬مَعَها‭ ‬وِفقَ‭ ‬منهَجِيَّةٍ‭ ‬عِلمِيَّةٍ‭ ‬وعَمَلَيَّةٍ‭.‬

المُناسَبةُ‭ ‬السَنَويَّةُ‭ ‬المُتَمَثِلة‭ ‬في‭ ‬افتِتَاحِ‭ ‬دَورِ‭ ‬الانعقادِ‭ ‬للمَجلِسِ‭ ‬الوطَنِيِ‭ ‬بِغُرفتيهِ‭ ‬الشورى‭ ‬والنُواب؛‭ ‬تُشَكِّلُ‭ ‬مَحَطَةَ‭ ‬مُراجَعَةٍ‭ ‬دَورَيَّة،‭ ‬ونُقطَةَ‭ ‬انطِلاقٍ‭ ‬مُتَجَدِّدَةً‭ ‬في‭ ‬مَسيرَةِ‭ ‬العَمَلِ‭ ‬الوَطَنيِّ‭ ‬الجادِ‭ ‬والمُتواصلِ‭ ‬لرِفعَةِ‭ ‬الوَطَنِ‭ ‬وخِدمَةِ‭ ‬المواطن،‭ ‬يَضَعُ‭ ‬فيها‭ ‬جَلالَةُ‭ ‬المَلِكِ‭ ‬المُفدّى‭ ‬أهدافًا‭ ‬تُضيفُ‭ ‬إلى‭ ‬رَصيدِ‭ ‬النَهضَةِ‭ ‬الشامِلَةِ‭ ‬التي‭ ‬تَعيشُها‭ ‬المَملَكةُ‭ ‬مَزيدًا‭ ‬من‭ ‬المَكاسِب؛‭ ‬فَجلالَتُهُ‭ ‬يَمتَلِكُ‭ ‬رُؤيَةً‭ ‬استشرافِيَّةً‭ ‬مُستَبصِرَةً‭ ‬للمُستَقبَلِ‭ ‬وتَحوُّلاتِه،‭ ‬وإيمانًا‭ ‬راسِخًا‭ ‬بضَرورةِ‭ ‬أن‭ ‬تَظلَ‭ ‬مَملَكُةُ‭ ‬البحرينِ‭ ‬مُواكِبَةً‭ ‬لرَكبِ‭ ‬التَطَوُّرِ‭ ‬والنَماء‭ ‬ِالعالميِ‭ ‬في‭ ‬مُختَلِفِ‭ ‬المَجالاتِ‭ ‬وشتى‭ ‬العُلومِ‭. ‬الخِطابُ‭ ‬المَلَكيُ‭ ‬السامي‭ ‬في‭ ‬افتِتاحِ‭ ‬دَورِ‭ ‬الانعِقادِ‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الفَصلِ‭ ‬التَشريعيِ‭ ‬الخامِسِ‭ ‬لمَجلِسيِّ‭ ‬الشورى‭ ‬والنُواب‭ ‬كانَ‭ ‬شامِلاً‭ ‬غَنيَّا‭ ‬بالعَديدِ‭ ‬من‭ ‬المَضامين،‭ ‬أوَدُ‭ ‬الحَديثَ‭ ‬عن‭ ‬اثنَينِ‭ ‬مِنْهَا‭: ‬الأَولُ‭ ‬يَتَعَلقُ‭ ‬بِتَوجيهِ‭ ‬جَلالَتِهِ‭ ‬الحُكومَةَ‭ ‬المُوَقَرةَ‭ ‬بوَضعِ‭ ‬خطَةٍ‭ ‬شامِلَّةٍ‭ ‬للتَعامُلِ‭ ‬مَعَ‭ ‬مُتَطلَباتِ‭ ‬الاقتِصادِ‭ ‬الرَقميِّ‭ ‬وتَوظيفِ‭ ‬تقنيّاتِ‭ ‬الذَكاءِ‭ ‬الاصطِناعيِّ‭ ‬في‭ ‬القِطاعاتِ‭ ‬الإنتاجِيَّةِ‭ ‬والخِدميَّة؛‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تَكونَ‭ ‬تِلكَ‭ ‬الخطةُ‭ ‬مُرتَكِزَةً‭ ‬على‭ ‬ثَلاثِ‭ ‬دعاماتٍ‭ ‬أساسيَّة،‭ ‬وهي‭ ‬وضعُ‭ ‬الأُسُسِ‭ ‬الناظمة،‭ ‬واستِكمالُ‭ ‬البُنى‭ ‬التَحتيِّةَ‭ ‬الرَقميِّةَ‭ ‬ذاتِ‭ ‬العَلاقَةِ‭ ‬بتَطبيقاتِ‭ ‬الذكاءِ‭ ‬الاصطِناعي،‭ ‬وتَشجيعُ‭ ‬الاستثماراتِ‭ ‬النَوعيَّةِ‭ ‬بما‭ ‬يَعودُ‭ ‬بالنَفعِ‭ ‬على‭ ‬الاقتِصادِ‭ ‬الوَطني؛‭ ‬ذلكَ‭ ‬أنَّ‭ ‬الذَكاءَ‭ ‬الاصطِناعيَّ‭ ‬باتَ‭ ‬ضَرورًة‭ ‬تَرتَقي‭ ‬بنَوعيَّةِ‭ ‬وجَودَةِ‭ ‬الخِدماتِ‭ ‬ورَفعِ‭ ‬مُستوى‭ ‬الإنتاجِيَّةِ‭ ‬في‭ ‬قِطاعاتٍ‭ ‬عِدة‭.  ‬خَطَ‭ ‬الخِطابُ‭ ‬السامي‭ ‬الخُطوطَ‭ ‬العَريضة‭ ‬للوُلوجِ‭ ‬إلى‭ ‬المسُتَقبَلِ‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانِبِ‭ ‬المهم‭ ‬لكن‭ ‬يَبقى‭ ‬على‭ ‬الجِهاتِ‭ ‬المُختَصَّةِ‭ ‬الارتِقاءُ‭ ‬إلى‭ ‬مُستوى‭ ‬الطُموحاتِ‭ ‬بإِجراءِ‭ ‬دراساتٍ‭ ‬مُعمَّقةٍ‭ ‬لضَمانِ‭ ‬تَنفيذِ‭ ‬التَوجيهِ‭ ‬المَلكيِّ‭ ‬السامي‭.  ‬أما‭ ‬المَضمونُ‭ ‬الثاني‭ ‬فانطَوى‭ ‬على‭ ‬تَأكيدٍ‭ ‬بأنَّ‭ ‬الأَمنَ‭ ‬الغِذائِيَّ‭ ‬أحَدُ‭ ‬أهَمِ‭ ‬الأَولَويّاتِ‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يَنبَغي‭ ‬إِغفالُها‭ ‬أو‭ ‬التَراخّي‭ ‬في‭ ‬العَمَلِ‭ ‬الدؤوبِ‭ ‬لتَعزيزِ‭ ‬القُدَرَةِ‭ ‬على‭ ‬تَحقيقِ‭ ‬الاكتِفاءِ‭ ‬الذاتيِّ‭ ‬في‭ ‬شِقَيهِ‭ ‬الحَيوانيِّ‭ ‬والنَباتِي،‭ ‬وهُنا‭ ‬جاءَ‭ ‬تَوجيهٌ‭ ‬مَلَكِيٌ‭ ‬بِوَضعِ‭ ‬وتَنفيذِ‭ ‬مَشروعٍ‭ ‬استراتيجيٍّ‭ ‬للإنتاجِ‭ ‬الوَطَنيِّ‭ ‬للغِذاءِ‭ ‬يَشتَمِلُ‭ ‬على‭ ‬تَخصيصِ‭ ‬مَواقِعَ‭ ‬مُتَعدِدَةٍ‭ ‬للاستِزراعِ‭ ‬السَمَكَيِّ‭ ‬والإنتاجِ‭ ‬النَباتِي‭. ‬وبالإِضافَةِ‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يرنو‭ ‬إِليهَ‭ ‬هذا‭ ‬المَشروعُ‭ ‬الطَموحُ‭ ‬من‭ ‬زِيادَةٍ‭ ‬في‭ ‬إنتاجِ‭ ‬الثَروَةِ‭ ‬السَمَكَيَّةِ‭ ‬والمَحاصيلِ‭ ‬الزِراعيَّةِ‭ ‬على‭ ‬تَنَوُّعِها؛‭ ‬فَإِنَهُ‭ ‬يَسعى‭ ‬إلى‭ ‬تَحقيقِ‭ ‬قيمَةٍ‭ ‬مُضافَةٍ‭ ‬للاقتصادِ‭ ‬الوَطَنيِّ‭ ‬بتَطوَيرِ‭ ‬القُدراتِ‭ ‬الوَطَنيَّةِ‭ ‬المُرتبطَةِ‭ ‬بهذا‭ ‬القِطاعِ‭ ‬في‭ ‬مَجالِ‭ ‬الصِناعاتِ‭ ‬الغذائيَّة‭. ‬في‭ ‬التوجيهين‭ ‬الملكيين‭ ‬سالفي‭ ‬الذكر‭ ‬مقاربةٌ‭ ‬فيها‭ ‬تبيانٌ‭ ‬جليٌ‭ ‬لنهجِ‭ ‬مملكةِ‭ ‬البحرينِ‭ ‬المتوازن‭ ‬المُتطلعِ‭ ‬إلى‭ ‬مجاراة‭ ‬المُستقبلِ‭ ‬وتطوراته‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والمُحافظة‭ ‬على‭ ‬كُلِ‭ ‬ما‭ ‬يرتَبطُ‭ ‬بتراث‭ ‬وثقافة‭ ‬المجتمع‭ ‬وخصوصيته‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬