ما وراء الحقيقة

الشعوبيون الجدد... تحالف شعوبي إعلامي

| د. طارق آل شيخان الشمري

استكمالا‭ ‬لما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الإعلام‭ ‬الشعوبي‭ ‬التركي‭ ‬ضد‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬المسلمة‭ ‬فإن‭ ‬تشويه‭ ‬صورة‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬سواء‭ ‬شعبها‭ ‬أو‭ ‬أنظمتها‭ ‬أو‭ ‬سياساتها‭ ‬أو‭ ‬تاريخها،‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬عمله‭ ‬الأساسي،‭ ‬ويتم‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استضافة‭ ‬شخصيات‭ ‬ليست‭ ‬بالضرورة‭ ‬موالية‭ ‬لتركيا،‭ ‬لكنها‭ ‬معارضة‭ ‬لسياسة‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تختلف‭ ‬سياسياً‭ ‬وفكريا‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬الحاكم‭ ‬بتركيا،‭ ‬أو‭ ‬هناك‭ ‬اختلافات‭ ‬أو‭ ‬منافسة‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬المسلمة‭. ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ ‬تقوم‭ ‬أثناء‭ ‬مناقشاتها‭ ‬بتوجيه‭ ‬الاتهامات‭ ‬ونقد‭ ‬سياسة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬مصداقيتها،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬توصيل‭ ‬رسالة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬للمشاهد‭ ‬العربي‭ ‬بأن‭ ‬سياسات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬المعارضة‭ ‬لتركيا‭ ‬إقليمياً‭ ‬وإسلامياً،‭ ‬هي‭ ‬سياسات‭ ‬خاطئة‭ ‬وفاقدة‭ ‬للمصداقية‭.‬

فمثلا‭ ‬تقوم‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات‭ - ‬غير‭ ‬الموالية‭ ‬لتركيا،‭ ‬والمعارضة‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬المسلمة‭ - ‬مثل‭ ‬الحوثيين‭ ‬وأنصار‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬والحشد‭ ‬الشعبي،‭ ‬بتوجيه‭ ‬الاتهامات‭ ‬وسهام‭ ‬النقد‭ ‬والتشكيك‭ ‬في‭ ‬مصداقية‭ ‬سياسات‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬صرف‭ ‬أنظار‭ ‬المشاهد‭ ‬العربي‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭ ‬التركي‭ ‬بقطر‭ ‬والصومال‭ ‬وليبيا‭ ‬ومصر‭ ‬وتونس‭.‬

الأسلوب‭ ‬الآخر‭ ‬هو‭ ‬عدم‭ ‬التطرق‭ ‬لسلبيات‭ ‬ومساوئ‭ ‬وأخطاء‭ ‬السياسة‭ ‬التركية،‭ ‬ولأن‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬التركية‭ ‬والقطرية‭ ‬الموالية‭ ‬تتبع‭ ‬التحالف‭ ‬التركي‭ ‬القطري،‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تحاول‭ ‬مطلقاً‭ ‬التطرق‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬المحرمات‭ ‬والخطوط‭ ‬الحمراء‭. ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬خلال‭ ‬الانتخابات‭ ‬البلدية‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬تداعيات‭ ‬وانهيار‭ ‬صفوف‭ ‬الحزب‭ ‬الحاكم‭ ‬وانهيار‭ ‬الليرة‭ ‬وانحسار‭ ‬شعبية‭ ‬الرئيس‭ ‬بالعالم‭ ‬العربي‭ ‬لدرجة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وعدم‭ ‬تناول‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬وفق‭ ‬أبسط‭ ‬قواعد‭ ‬المهنية‭ ‬والموضوعية،‭ ‬يوضح‭ ‬بجلاء‭ ‬الهدف‭ ‬الأساسي‭ ‬الذي‭ ‬أنشئت‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬هذه‭ ‬القنوات‭ ‬التركية‭ ‬الشعوبية‭ ‬وهي‭ ‬ضرب‭ ‬الوحدة‭ ‬العربية‭ ‬ومحاولة‭ ‬إزالة‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬المسلمة‭ ‬واستبدالها‭ ‬بهوية‭ ‬عثمانية‭ ‬شعوبية‭ ‬عنصرية‭ ‬نتنة‭.‬

إن‭ ‬عدم‭ ‬التطرق‭ ‬بحيادية‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬تركيا،‭ ‬أوضح‭ ‬للمشاهد‭ ‬حقيقة‭ ‬الإعلام‭ ‬السياسي‭ ‬الشعوبي‭ ‬التركي،‭ ‬وحقيقة‭ ‬الآلة‭ ‬الإعلامية‭ ‬التركية‭ ‬والقطرية‭ ‬التي‭ ‬بدت‭ ‬فاقدة‭ ‬للمصداقية‭ ‬أمام‭ ‬المشاهد‭ ‬العربي،‭ ‬نتيجة‭ ‬انكشاف‭ ‬الحقائق‭ ‬والوقائع‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تركيا‭ ‬وقطر‭ ‬وإيران‭ ‬وسياساتها‭ ‬هدفاً‭ ‬للآلة‭ ‬الإعلامية‭ ‬العربية،‭ ‬في‭ ‬هجوم‭ ‬مضاد‭ ‬يستهدف‭ ‬مواجهة‭ ‬الدعاية‭ ‬الشعوبية‭ ‬لهذا‭ ‬التحالف‭ ‬الثلاثي‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬بكل‭ ‬جهد‭ ‬لتقسيم‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬وسنشاهد‭ ‬في‭ ‬القريب‭ ‬قنوات‭ ‬عربية‭ ‬ناطقة‭ ‬بالفارسية‭ ‬والتركية‭ ‬موجهة‭ ‬للشعوب‭ ‬الإيرانية‭ ‬والتركية،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لتوصيل‭ ‬الرسالة‭ ‬السياسية‭ ‬العربية‭ ‬لهذه‭ ‬الشعوب‭. ‬وللحديث‭ ‬بقية‭.‬