صور مختصرة

“المتقاعد لانت سيسانه وتثلمت جدرانه”

| عبدالعزيز الجودر

بالصدفة‭ ‬جمعتني‭ ‬جلسة‭ ‬قصيرة‭ ‬مؤخرا‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬مقاهي‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والمعارف‭ ‬من‭ ‬“فريجنه‭ ‬العتيج”،‭ ‬أغلبهم‭ ‬من‭ ‬المتقاعدين‭ ‬القدامى‭ ‬أصحاب‭ ‬المعاشات‭ ‬التقاعدية‭ ‬الصغيرة،‭ ‬ودارت‭ ‬“السوالف”‭ ‬بيننا‭ ‬حول‭ ‬أوضاع‭ ‬هذه‭ ‬الشريحة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ومرور‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬على‭ ‬تقاعدهم‭ ‬وعن‭ ‬كيفية‭ ‬تصريف‭ ‬أمورهم‭ ‬المعيشية‭ ‬والحياتية‭ ‬اليومية‭ ‬الصعبة،‭ ‬وازدياد‭ ‬التكاليف‭ ‬والأعباء‭ ‬والالتزامات‭ ‬الأسرية‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬جعلهم‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬تفكير‭ ‬دائم‭ ‬وجراحات‭ ‬نفسية‭ ‬تلازمهم‭ ‬طيلة‭ ‬الوقت،‭ ‬فمداخيلهم‭ ‬الشهرية‭ ‬لا‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬المصاريف‭ ‬“اللي‭ ‬تنبع‭ ‬لهم”،‭ ‬خصوصا‭ ‬المتقاعد‭ ‬الذي‭ ‬لديه‭ ‬أسرة‭ ‬كبيرة‭ ‬“ومعاشة‭ ‬أمنتف”‭.‬

كما‭ ‬ذكر‭ ‬الإخوة‭ ‬أن‭ ‬المتقاعد‭ ‬عندما‭ ‬تجبره‭ ‬الحاجة‭ ‬والظروف‭ ‬على‭ ‬الاقتراض‭ ‬فإنه‭ ‬محروم‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬استبدال‭ ‬معاشه‭ ‬التقاعدي‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬سن‭ ‬65،‭ ‬والبنوك‭ ‬التجارية‭ ‬بدورها‭ ‬وضعت‭ ‬اشتراطات‭ ‬لإقراضه‭ ‬كالفحص‭ ‬الطبي‭ ‬الدقيق،‭ ‬وقلة‭ ‬من‭ ‬المتقاعدين‭ ‬يجتازون‭ ‬تلك‭ ‬الفحوصات‭.‬

الوضع‭ ‬المعيشي‭ ‬مؤلم‭ ‬جدا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمتقاعد‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬يتقاضى‭ ‬معاشا‭ ‬تقاعديا‭ ‬ضئيلا‭ ‬والذي‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬مصدر‭ ‬دخل‭ ‬آخر،‭ ‬وبات‭ ‬يسيل‭ ‬اللعاب‭ ‬في‭ ‬فمه‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬والحاجة‭ ‬وقلة‭ ‬الحيلة‭ ‬“واصطكت‭ ‬عليه‭ ‬الجبنات‭ ‬وما‭ ‬يدري‭ ‬وين‭ ‬يطق‭ ‬راسه”‭ ‬وقد‭ ‬طالت‭ ‬عليه‭ ‬فترة‭ ‬انتظار‭ ‬الفرج‭ ‬والوعود‭ ‬المتكررة‭ ‬التي‭ ‬يسمعها‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النائب‭ ‬الحاضر‭ ‬والآخر‭ ‬السابق‭ ‬وجميعها‭ ‬“أخرطي‭ ‬أمصفف”‭.‬

جمعية‭ ‬الحكمة‭ ‬للمتقاعدين‭ ‬والتي‭ ‬مضى‭ ‬على‭ ‬تأسيسها‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬ثلاثة‭ ‬عقود،‭ ‬والتي‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أهدافها‭ ‬الاهتمام‭ ‬بشؤون‭ ‬وشجون‭ ‬المتقاعد‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬أكبر‭ ‬وصوت‭ ‬مسموع‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يمر‭ ‬به‭ ‬المتقاعد‭ ‬البحريني‭ ‬البسيط‭ ‬تحديدا‭ ‬“اللي‭ ‬لانت‭ ‬سيسانه‭ ‬وتثلمت‭ ‬جدرانه‭ ‬ويحتاج‭ ‬من‭ ‬يصلبه‭ ‬ويسنده‭ ‬ويرمم‭ ‬قواعده‭ ‬قبل‭ ‬الانهيار‭ ‬التام”‭ ‬جراء‭ ‬صعوبة‭ ‬المعيشة‭ ‬وضغوطات‭ ‬يومية‭ ‬تأتيه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جهة‭.‬

المتقاعد‭ ‬البحريني‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬المشروع‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬ووسط‭ ‬أهله‭ ‬ومجتمعه‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬سبل‭ ‬الراحة‭ ‬والاطمئنان‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬النواحي‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬صحية‭ ‬أو‭ ‬ترفيهية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قدم‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المخلص‭ ‬الدؤوب‭ ‬المتواصل‭ ‬خلال‭ ‬سنوات‭ ‬خدمته‭ ‬الطويلة‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬العمل‭ ‬المختلفة‭ ‬وخدم‭ ‬البحرين‭ ‬وعمل‭ ‬على‭ ‬تقدمها‭ ‬وتطورها‭. ‬وعساكم‭ ‬عالقوة‭.‬