أنسنة

تقرير الرقابة.. الهدر في زمن التقشف

| رجاء مرهون

على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬مفاجئ،‭ ‬تضمن‭ ‬التقرير‭ ‬رقم‭ ‬‮١٦‬‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المخالفات‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬تجاوزات‭ ‬إدارية‭ ‬وهدر‭ ‬في‭ ‬المال‭ ‬العام‭ ‬جدد‭ ‬حالة‭ ‬الاستياء‭ ‬لدى‭ ‬البحرينيين‭ ‬الذين‭ ‬تابعوا‭ ‬ملخصا‭ ‬لمضمون‭ ‬التقرير‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬والتواصل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬أسوأ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬وجود‭ ‬مخالفات‭ ‬مكررة‭ ‬جرى‭ ‬التنويه‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة،‭ ‬وسأورد‭ ‬هنا‭ ‬–‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ - ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬من‭ ‬التفاف‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬مجلس‭ ‬المناقصات‭ ‬عبر‭ ‬تجزئة‭ ‬المشتريات‭ ‬لتفادي‭ ‬دخولها‭ ‬نظام‭ ‬المناقصات،‭ ‬وكذلك‭ ‬المخالفة‭ ‬الصريحة‭ ‬في‭ ‬“تنفيع”‭ ‬مديرين‭ ‬وموظفين‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬حكومية‭ ‬عبر‭ ‬تمرير‭ ‬صفقات‭ ‬وطلبات‭ ‬شراء‭ ‬يملكها‭ ‬صاحب‭ ‬قرار‭ ‬الشراء‭ ‬نفسه‭ ‬أو‭ ‬زميله‭!‬

إن‭ ‬تكرار‭ ‬ذات‭ ‬المخالفات‭ ‬للمؤسسة‭ ‬نفسها‭ ‬أو‭ ‬تكرارها‭ ‬بين‭ ‬الأجهزة‭ ‬الرسمية‭ ‬المختلفة‭ ‬يفقد‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬زخمه‭ ‬وأهميته،‭ ‬فتكرار‭ ‬هذه‭ ‬المخالفات‭ ‬رغم‭ ‬تسجيلها‭ ‬رسميا‭ ‬وإعلانها،‭ ‬يوحي‭ ‬بأن‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات‭ ‬والهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬وكأنه‭ ‬دفتر‭ ‬ملاحظات‭ ‬لا‭ ‬أكثر‭! ‬والأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬أكثر‭ ‬إيلاما‭ ‬من‭ ‬سابقيه،‭ ‬أنه‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قطعت‭ ‬الحكومة‭ ‬شوطاً‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬التوازن‭ ‬المالي‭ ‬وإجراءاته‭ ‬التقشفية‭ ‬وما‭ ‬خلفه‭ ‬من‭ ‬زيادات‭ ‬في‭ ‬الرسوم‭ ‬والأعباء‭ ‬وتخفيض‭ ‬الدعم‭ ‬عن‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭.‬

فبينما‭ ‬البحريني‭ ‬البسيط‭ ‬يطالب‭ ‬بالتحمل‭ ‬والصبر‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات،‭ ‬يقرأ‭ ‬بعينيه‭ ‬قرارات‭ ‬خاطئة‭ ‬ومخالفات‭ ‬لمسؤولين‭ ‬في‭ ‬جهات‭ ‬حكومية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬هدر‭ ‬بالملايين،‭ ‬مؤلم‭ ‬جداً‭ ‬أن‭ ‬نتابع‭ ‬تشديد‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬وشؤون‭ ‬البلديات‭ ‬على‭ ‬البحارة‭ ‬وضرورة‭ ‬امتناعهم‭ ‬عن‭ ‬الصيد‭ ‬بـ‭ ‬“الكراف”‭ ‬لما‭ ‬يمثله‭ ‬من‭ ‬تهديد‭ ‬للبيئة‭ ‬البحرية،‭ ‬بينما‭ ‬يشير‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬إلى‭ ‬إغفال‭ ‬إدارة‭ ‬الرقابة‭ ‬البحرية‭ ‬حصر‭ ‬رخص‭ ‬سحب‭ ‬الرمال‭ ‬حتى،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬تتركه‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬من‭ ‬تأثيرات‭ ‬كبيرة‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬البحرية‭.‬

فالوزارة‭ ‬الموقرة‭ ‬تجتهد‭ ‬في‭ ‬تحصيل‭ ‬رسومها‭ ‬من‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬البحريني‭ ‬بشتى‭ ‬الطرق‭ ‬وإن‭ ‬اضطرت‭ ‬إلى‭ ‬تضمينها‭ ‬في‭ ‬فواتير‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء،‭ ‬لكنها‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬مراقبة‭ ‬حركة‭ ‬استخراج‭ ‬الرمال‭ ‬وما‭ ‬تنتجه‭ ‬من‭ ‬إيرادات‭ ‬مليونية‭ ‬مهدرة‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬خزينة‭ ‬الدولة‭. ‬وللحديث‭ ‬في‭ ‬مضمون‭ ‬تقرير‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬بقية‭.‬