رؤيا مغايرة

بيروت تعانق بغداد

| فاتن حمزة

قبل‭ ‬أيام‭ ‬خرج‭ ‬متظاهرون‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬ومازالوا‭ ‬يقفون‭ ‬متحدين‭ ‬ضد‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬يعيشونها‭ ‬مع‭ ‬تزايد‭ ‬معدلات‭ ‬البطالة‭ ‬والفقر‭ ‬وارتفاع‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬التضخم،‭ ‬مؤكدين‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬مستقبل‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وأنهم‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬الهجرة‭ ‬للخارج،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬مخاوفهم‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬السياسية‭ ‬والأمنية‭ ‬المستمرة‭. ‬

ذكرنا‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬سابق‭ ‬أن‭ ‬البطون‭ ‬الخاوية‭ ‬لا‭ ‬آذان‭ ‬لها،‭ ‬واستشهدنا‭ ‬بقصة‭ ‬أهل‭ ‬الكهف‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬أول‭ ‬عمل‭ ‬قاموا‭ ‬به‭ ‬حسب‭ ‬ظاهر‭ ‬القرآن‭ ‬بعد‭ ‬يقظتهم‭ ‬هو‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الطعام،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬فطري‭ ‬لا‭ ‬يخضع‭ ‬للقوانين،‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬بغداد‭ ‬إلى‭ ‬بيروت‭ ‬تنتفض‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬يعيد‭ ‬للأذهان‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي‭ ‬معلنةً‭ ‬أن‭ ‬الأنظمة‭ ‬لم‭ ‬تستفد‭ ‬من‭ ‬التجربة‭ ‬السابقة‭.‬

فقد‭ ‬يئست‭ ‬هذه‭ ‬الشعوب‭ ‬من‭ ‬استئثار‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬بل‭ ‬المليشيات‭ ‬بمقدراتها‭ ‬حتى‭ ‬زاحمتهم‭ ‬في‭ ‬قوت‭ ‬يومهم‭ ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬صور‭ ‬الفساد،‭ ‬فعندما‭ ‬تصل‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬البطون‭ ‬تتوحد‭ ‬الشعوب‭ ‬وتتسامى‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬خلافاتها،‭ ‬وإلا‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬يظن‭ ‬أن‭ ‬تجتمع‭ ‬كل‭ ‬الطوائف‭ ‬بكل‭ ‬مشاربها‭ ‬على‭ ‬أمر‭ ‬واحد‭ ‬وهو‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النظم‭ ‬البائسة‭ ‬الجاثمة‭ ‬على‭ ‬صدورهم‭.‬

ليس‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬وحركة‭ ‬أمل‭ ‬والتيار‭ ‬الوطني‭ ‬الحر‭ ‬بزعامة‭ ‬جبران‭ ‬باسيل‭ ‬إسقاط‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية،‭ ‬لأن‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬هو‭ ‬الأفضل‭ ‬لهم،‭ ‬بينما‭ ‬الضرر‭ ‬سينعكس‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬وأطرافها،‭ ‬حكومة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬يخالف‭ ‬أهواء‭ ‬الشعب‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬بتحركاته‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستثن‭ ‬منطقة‭ ‬أو‭ ‬طائفة،‭ ‬طالت‭ ‬هتافاتها‭ ‬وتصريحات‭ ‬المشاركين‭ ‬فيها‭ ‬الزعماء‭ ‬كافة،‭ ‬وكسرت‭ ‬هيبة‭ ‬أحاطت‭ ‬بالقوى‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬وجدت‭ ‬نفسها‭ ‬مضطرة‭ ‬لسماع‭ ‬الشارع‭.‬

نأمل‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬مطالبهم‭ ‬باستعادة‭ ‬الأموال‭ ‬المنهوبة‭ ‬وعودة‭ ‬لبنان‭ ‬الجميل‭ ‬الذي‭ ‬نعرفه،‭ ‬وأن‭ ‬يستعيد‭ ‬أمنه‭ ‬واستقراره‭ ‬كما‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬وتستقر‭ ‬جميع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬