ريشة في الهواء

مسؤول: لا نقرأ لا نسمع لا نرى!

| أحمد جمعة

مشكلة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الوزير‭ ‬لا‭ ‬يقرأ‭ ‬ولا‭ ‬يسمع‭ ‬ولا‭ ‬يشاهد،‭ ‬فعندها‭ ‬تصبح‭ ‬الأمور‭ ‬عائمة‭ ‬مثل‭ ‬الغيوم‭ ‬والضباب‭ ‬والغبار‭ ‬الذي‭ ‬يغطي‭ ‬السماء‭ ‬ويمحو‭ ‬الرؤية،‭ ‬فعندها‭ ‬لا‭ ‬يرى‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬شيئاً‭ ‬يخص‭ ‬وزارته‭ ‬أو‭ ‬يدرك‭ ‬مضمون‭ ‬الشكاوى‭ ‬والملاحظات‭ ‬والانطباعات‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬له‭ ‬بشأن‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬للناس‭ ‬باعتباره‭ ‬مكلفا‭ ‬من‭ ‬القيادة‭ ‬بهذه‭ ‬الوظيفة‭ ‬وعليه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مؤتمناً‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬الناس،‭ ‬وهنا‭ ‬بيت‭ ‬القصيد،‭ ‬كيف‭ ‬يتسنى‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يتعرف‭ ‬على‭ ‬مشاكل‭ ‬الناس‭ ‬ومعاناتهم‭ ‬وتعقيدات‭ ‬حياتهم‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يقرأ‭ ‬ولا‭ ‬يسمع‭ ‬ولا‭ ‬يشاهد،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬يتابع‭ ‬ما‭ ‬يكتب‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬ولا‭ ‬يسمع‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬وزارته‭ ‬ولا‭ ‬يرى‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬لفهم‭ ‬الأمور‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الاستماع‭ ‬لما‭ ‬تنقله‭ ‬له‭ ‬بطانته‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬تمام‭.‬

سنأخذ‭ ‬العبرة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المسألة‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬البلد‭ ‬وهو‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬هنا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يخفي‭ ‬قرص‭ ‬الشمس‭ ‬التي‭ ‬تسطع‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬تولي‭ ‬سموه‭ ‬المسؤولية،‭ ‬فالبحرين‭ ‬كلها‭ ‬عرفت‭ ‬وأدركت‭ ‬أن‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬لا‭ ‬تفوته‭ ‬شاردة‭ ‬أو‭ ‬واردة،‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬شعبه‭ ‬بأي‭ ‬مجال‭ ‬أو‭ ‬قطاع‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بأصغر‭ ‬وأقل‭ ‬أمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمواطن‭ ‬والخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬له،‭ ‬والمشاكل‭ ‬التي‭ ‬تعترضه‭ ‬وكل‭ ‬الصعاب‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الظروف،‭ ‬فسموه‭ ‬يقرأ‭ ‬بنفسه‭ ‬كل‭ ‬الجرائد‭ ‬وخصوصا‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬منها‭ ‬بشكوى‭ ‬الناس‭ ‬ويطلع‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬المقالات‭ ‬والأعمدة‭ ‬الصحافية‭ ‬ويتابع‭ ‬ما‭ ‬يبث‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وفوق‭ ‬هذا‭ ‬يسمع‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬وما‭ ‬يشاع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يتعلق‭ ‬بمصالح‭ ‬وصعوبات‭ ‬الناس،‭ ‬ثم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬يلتقي‭ ‬الجميع‭ ‬ويستقبل‭ ‬كل‭ ‬الفئات‭ ‬والشرائح‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬للاستماع‭ ‬لهم،‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬سموه‭ ‬يقرأ‭ ‬ويسمع‭ ‬ويشاهد،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬ندرك‭ ‬سبب‭ ‬نجاح‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬دفة‭ ‬الدولة‭ ‬طوال‭ ‬هذا‭ ‬الوقت،‭ ‬ولهذا‭ ‬استحق‭ ‬التكريم‭ ‬والجوائز‭ ‬العالمية‭ ‬التي‭ ‬تشهد‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬قائد‭ ‬في‭ ‬صنع‭ ‬دولة‭ ‬ناجحة‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬النجاح‭.‬

من‭ ‬المؤسف‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬البحرين‭ ‬بكل‭ ‬المجالات‭ ‬والقطاعات‭ ‬يأتي‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يضعون‭ ‬اعتبارا‭ ‬لمعنى‭ ‬الإدارة‭ ‬والمتابعة‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القراءة‭ ‬والاستماع‭ ‬والمشاهدة،‭ ‬إذ‭ ‬يكتفي‭ ‬هؤلاء‭ ‬بالبقاء‭ ‬في‭ ‬مقاعدهم‭ ‬خلف‭ ‬قضبان‭ ‬وحيطان‭ ‬وسدود‭ ‬مكونة‭ ‬بأعداد‭ ‬لا‭ ‬تحصى‭ ‬من‭ ‬موظفي‭ ‬السكرتارية،‭ ‬لا‭ ‬تصدق‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬المسؤولين‭ ‬لديهم‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬السكرتارية‭ ‬“حلقة‭ ‬تتبع‭ ‬حلقة”‭ ‬ويستحيل‭ ‬أن‭ ‬تخترق‭ ‬جدار‭ ‬الوزير،‭ ‬فلو‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬لأحدهم‭ ‬سيعترضك‭ ‬الثاني‭ ‬والثالث‭ ‬والسابع‭! ‬هذا‭ ‬أصعب‭ ‬من‭ ‬جدار‭ ‬برلين‭! ‬نصيحتي‭ ‬للمسؤولين،‭ ‬أقروا‭ ‬واستمعوا‭ ‬وشاهدوا‭ ‬حتى‭ ‬تعرفوا‭ ‬وتفهوا‭!.‬

تنويرة‭: ‬

كثرة‭ ‬المنظرين‭ ‬في‭ ‬الأمة‭ ‬علامة‭ ‬فشلها‭!‬