تطبيق العقوبات والتدابير البديلة

| د. عبدالقادر ورسمه

‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬والتدابير‭ ‬البديلة‭ ‬البحريني‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬عام2017‭ ‬يتناول‭ ‬تطبيق‭ ‬التدابير‭ ‬البديلة‭ ‬للعقوبات‭. ‬وهذه‭ ‬التدابير‭ ‬البديلة‭ ‬تشمل‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع،‭ ‬الإقامة‭ ‬الجبرية‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬محدد،‭ ‬حظر‭ ‬ارتياد‭ ‬مكان‭ ‬أو‭ ‬أماكن‭ ‬محددة،‭ ‬التعهد‭ ‬بعدم‭ ‬التعرض‭ ‬أو‭ ‬الاتصال‭ ‬بأشخاص‭ ‬أو‭ ‬جهات‭ ‬معينة،‭ ‬الخضوع‭ ‬للمراقبة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬حضور‭ ‬برامج‭ ‬التأهيل‭ ‬والتدريب،‭ ‬إصلاح‭ ‬الضرر‭ ‬الناشئ‭ ‬عن‭ ‬الجريمة‭. ‬ولكل‭ ‬حالة‭ ‬وضعها‭ ‬وفق‭ ‬المقتضيات‭.‬‭ ‬

‭  ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬فلسفة‭ ‬العقوبة‭ ‬الجنائية‭ ‬لا‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬الانتقام‭ ‬أو‭ ‬التشفي‭ ‬ممن‭ ‬أُرتكب‭ ‬الجرم‭ ‬ولكن‭ ‬تهدف‭ ‬أساسًا‭ ‬للإصلاح‭ ‬والتأهيل‭ ‬والتدريب‭ ‬ليعود‭ ‬مرتكب‭ ‬الجريمة‭ ‬شخصًا‭ ‬صالحًا‭ ‬لمجتمعه‭ ‬ولنفسه،‭ ‬والإصلاح‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أهداف‭ ‬العقوبة‭. ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه،‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع‭ ‬كبديل‭ ‬للعقوبة‭ ‬يمنح‭ ‬مرتكب‭ ‬الجريمة‭ ‬الفرصة‭ ‬للتآلف‭ ‬والتصالح‭ ‬مع‭ ‬مجتمعه،‭ ‬وذلك‭ ‬بالقيام‭ ‬بخدمة‭ ‬تعود‭ ‬بالنفع‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬وله‭ ‬شخصيًّا‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭.‬

‭ ‬خدمة‭ ‬المجتمع‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬طرق‭ ‬يتم‭ ‬تحديدها‭ ‬للالتزام‭ ‬بتنفيذها‭ ‬وفق‭ ‬المطلوب‭. ‬ومهما‭ ‬كانت‭ ‬الخدمة‭ ‬بسيطة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نفعها‭ ‬للمجتمع‭ ‬مباشر‭ ‬ويعود‭ ‬بآثار‭ ‬معنوية‭ ‬ومادية‭ ‬ومجتمعية‭. ‬وهذا‭ ‬يخلق‭ ‬نوعًا‭ ‬من‭ ‬الترابط‭ ‬بين‭ ‬المجتمع‭ ‬ومرتكب‭ ‬الجريمة‭ ‬لأنه‭ ‬سيشعر‭ ‬بأنه‭ ‬غير‭ ‬منبوذ‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬نشير‭ ‬لضرورة‭ ‬إشراك‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬لإحلال‭ ‬التدابير‭ ‬البديلة‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬العقوبة‭. ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يمكن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬خبراته‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬الفنية‭ ‬أو‭ ‬الإدارية‭ ‬لأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الخبرات‭ ‬تكون‭ ‬متوفرة‭ ‬لدى‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تستفيد‭ ‬الشركات‭ ‬والمجتمع‭ ‬أيضًا‭. ‬وقد‭ ‬يستطيع‭ ‬من‭ ‬صدرت‭ ‬ضده‭ ‬العقوبة‭ ‬القيام‭ ‬بإصلاح‭ ‬الضرر‭ ‬وجبره‭ ‬للحد‭ ‬المقبول‭ ‬للطرف‭ ‬المتضرر،‭ ‬فلماذا‭ ‬يقضي‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬خلف‭ ‬القضبان‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬مجتمعه‭.‬

إن‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬والردع‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬وحيوي‭ ‬لحماية‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬حالات‭ ‬تستدعي‭ ‬مساعدة‭ ‬“المجرم”‭ ‬وتأهيله‭ ‬ليعود‭ ‬لحضن‭ ‬مجتمعه،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬نفعه‭.‬