أنسنة

النواب بين الرغبة والتشريع

| رجاء مرهون

تابعت‭ ‬وقائع‭ ‬الجلسة‭ ‬الأولى‭ ‬لمجلس‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬انعقاده‭ ‬الجديد،‭ ‬وشهدت‭ ‬حالة‭ ‬الغضب‭ ‬التي‭ ‬اعترت‭ ‬النواب‭ ‬المتحدثين‭ ‬من‭ ‬ردود‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬المقترحات‭ ‬برغبة‭ ‬التي‭ ‬قدموها،‭ ‬وكمتابعة‭ ‬للشأن‭ ‬البرلماني‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬سنوات،‭ ‬بدا‭ ‬المشهد‭ ‬العام‭ ‬للجلسة‭ ‬ومضمون‭ ‬المداخلات‭ ‬مألوفين‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير،‭ ‬ولم‭ ‬يختلف‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬الأمس‭ ‬سوى‭ ‬بمقدار‭ ‬الجرأة‭ ‬الذي‭ ‬ظهر‭ ‬مرتفعا‭ ‬عند‭ ‬بعض‭ ‬النواب،‭ ‬وكذلك‭ ‬عدد‭ ‬المقترحات‭ ‬المقدمة‭ ‬الذي‭ ‬شهد‭ ‬ارتفاعا‭ ‬دون‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭.‬

تعكس‭ ‬المقترحات‭ ‬برغبة‭ ‬المقدمة‭ ‬في‭ ‬حجمها‭ ‬ومضمونها‭ ‬اهتماما‭ ‬كبيرا‭ ‬بتطوير‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬“جسور‭ ‬مشاة،‭ ‬توظيف‭ ‬العاطلين‭ ‬المتخصصين،‭ ‬حل‭ ‬مشاكل‭ ‬الصيادين”،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬جيد،‭ ‬لكن‭ ‬الإشكال‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬غرق‭ ‬النواب‭ ‬الحاليين‭ ‬في‭ ‬“المقترح‭ ‬برغبة”‭ ‬وكأنه‭ ‬الأداة‭ ‬الدستورية‭ ‬الوحيدة‭.‬

أثناء‭ ‬مناقشات‭ ‬الجلسة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬حضر‭ ‬إلى‭ ‬ذاكرتي‭ ‬مقترح‭ ‬قدمه‭ ‬نواب‭ ‬‮٢٠١٤‬‭ ‬لتعديل‭ ‬المادة‭ (‬‮٨‬‭) ‬بالدستور‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬مجانية‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬الأساسية‭ ‬للبحرينيين‭. ‬أين‭ ‬ذهب‭ ‬هذا‭ ‬المقترح‭ ‬المهم؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نسمع‭ ‬عن‭ ‬وجوده‭ ‬أو‭ ‬تداوله‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعة‭! ‬وبسؤال‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬التشريعية‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬السابق‭ ‬الأخ‭ ‬علي‭ ‬العطيش،‭ ‬أكد‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬لجنته‭ ‬انتهت‭ ‬من‭ ‬دراسته‭ ‬ورفعت‭ ‬توصية‭ ‬بالموافقة‭ ‬عليه‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬المجلس‭ ‬أحمد‭ ‬الملا،‭ ‬سألت‭ ‬أيضا‭ ‬الرئيس‭ ‬الحالي‭ ‬للجنة‭ ‬الشؤون‭ ‬التشريعية‭ ‬والقانونية‭ ‬هشام‭ ‬العشيري،‭ ‬فرد‭ ‬بأن‭ ‬المقترح‭ ‬لم‭ ‬يحل‭ ‬إلى‭ ‬لجنته،‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المقترح‭ ‬المهم‭ ‬لتعديل‭ ‬الدستور‭ ‬يتواجد‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬أدراج‭ ‬هيئة‭ ‬المكتب‭.‬

وهنا،‭ ‬أدعو‭ ‬النواب‭ ‬الشباب‭ ‬المتحمسين‭ ‬إلى‭ ‬التحرك‭ ‬نحو‭ ‬إقرار‭ ‬هذا‭ ‬التشريع‭ ‬المهم‭ ‬وعدم‭ ‬تركه‭ ‬حبيس‭ ‬الأدراج،‭ ‬وأرى‭ ‬أهمية‭ ‬إقراره‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬مع‭ ‬تحرك‭ ‬الحكومة‭ ‬مطلع‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬نحو‭ ‬تطبيق‭ ‬نظام‭ ‬الضمان‭ ‬الصحي‭ ‬الذي‭ ‬يرسخ‭ ‬مبدأ‭ ‬التأمين‭ ‬الصحي‭ ‬ويمهد‭ ‬لأخذ‭ ‬رسوم‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬والمتعالجين‭.‬

أطالب‭ ‬الإخوة‭ ‬النواب‭ ‬الذين‭ ‬أظهروا‭ ‬اهتماما‭ ‬كبيرا‭ ‬بالقضايا‭ ‬الخدمية‭ ‬أن‭ ‬يبتعدوا‭ ‬عن‭ ‬تقديم‭ ‬المقترحات‭ ‬برغبة‭ ‬وأن‭ ‬يترجموا‭ ‬اهتمامهم‭ ‬عمليا‭ ‬بسن‭ ‬قوانين‭ ‬وتشريعات‭ ‬تضمن‭ ‬وصول‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬للناس‭ ‬وأهمها‭ - ‬في‭ ‬تقديري‭- ‬تعديل‭ ‬الدستور‭ ‬لضمان‭ ‬مجانية‭ ‬الخدمات‭ ‬الصحية‭ ‬للمواطن،‭ ‬وتشريعات‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة‭ ‬ممكنة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭.‬