فجر جديد

سقوط المشروع الإيراني

| إبراهيم النهام

قبل‭ ‬أسابيع‭ ‬قليلة،‭ ‬ثار‭ ‬العراقيون‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬محافظة‭ ‬الجمهورية؛‭ ‬غضبًا‭ ‬من‭ ‬موجات‭ ‬الظلم‭ ‬والجوع‭ ‬والفقر‭ ‬واستنزاف‭ ‬الثروات‭ ‬ببلادهم،‭ ‬والتي‭ ‬يقود‭ ‬زمامها‭ ‬ملالي‭ ‬طهران‭ ‬وقم‭ ‬وشيراز،‭ ‬والطابور‭ ‬منهم‭ ‬يطول‭ ‬ويطول‭.‬

‭ ‬بعدها‭ ‬وبشكل‭ ‬تلقائي،‭ ‬ثار‭ ‬اللبنانيون‭ ‬لذات‭ ‬الأسباب،‭ ‬وهي‭ ‬أسباب‭ ‬مريرة‭ ‬أوصلت‭ ‬لبنان‭ ‬لعزلة‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ ‬عن‭ ‬محيطها‭ ‬العربي،‭ ‬وأدخلتها‭ ‬بموجات‭ ‬صراع‭ ‬متكررة،‭ ‬سببها‭ ‬الرئيس‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬الإرهابي،‭ ‬ومن‭ ‬خلفه‭ ‬نظام‭ ‬جمهورية‭ ‬الدم‭ ‬بطهران‭.‬

وأينما‭ ‬أدرنا‭ ‬“الدربيل”‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬التغلغل‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬أوطان‭ ‬العرب،‭ ‬ستكون‭ ‬أول‭ ‬المشاهدات‭ ‬أعمدة‭ ‬الدخان،‭ ‬وهي‭ ‬تنساب‭ ‬بكثافة‭ ‬في‭ ‬أعنان‭ ‬السماء،‭ ‬متصاعدة‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬الشوارع‭ ‬والبيوت‭ ‬والمدارس‭ ‬والمساكن‭ ‬والمزارع،‭ ‬وهي‭ ‬تحمل‭ ‬عذابات‭ ‬الشعوب،‭ ‬وآلام‭ ‬الثكالى‭ ‬والأيتام‭ ‬والأطفال،‭ ‬والذين‭ ‬يصرخون‭ ‬ويئنون‭ ‬من‭ ‬إيران،‭ ‬منذ‭ ‬ساعة‭ ‬وصول‭ ‬الملالي‭ ‬لسدة‭ ‬الحكم‭ ‬بطهران‭ ‬العام‭ ‬1979‭.‬

هذا‭ ‬الواقع‭ ‬الحقيقي،‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬التجربة‭ ‬الإيرانية‭ ‬القسرية‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬فشلها،‭ ‬وسقوطها‭ ‬بشكل‭ ‬مدوٍّ،‭ ‬مع‭ ‬وعي‭ ‬الشعوب‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬حولها،‭ ‬ولما‭ ‬يحدث،‭ ‬وهو‭ ‬وعي‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للفصال‭ ‬أو‭ ‬النقاش‭ ‬أو‭ ‬المساومة،‭ ‬حتى‭ ‬استنشاق‭ ‬الحرية،‭ ‬وخروج‭ ‬عسكر‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬ومن‭ ‬معه،‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬فرد‭ ‬منهم‭.‬

أوطان‭ ‬العرب‭ ‬تئن،‭ ‬نعم‭ ‬هي‭ ‬كذلك،‭ ‬لكن‭ ‬إيران‭ ‬تئن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها،‭ ‬فحالة‭ ‬الشعوب‭ ‬غير‭ ‬الفارسية‭ ‬هنالك،‭ ‬ليست‭ ‬بأقل‭ ‬من‭ ‬نظيراتها‭ ‬العربية‭ ‬بالعراق‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬بحال‭ ‬أمرّ،‭ ‬وأتعس،‭ ‬وأوحش،‭ ‬ومهما‭ ‬تغلغلت‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬هنالك،‭ ‬ومهما‭ ‬أمعنت،‭ ‬وزرعت‭ ‬الخوف‭ ‬والهلع‭ ‬والرعب‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الناس،‭ ‬سيأتي‭ ‬لها‭ ‬يوم‭ ‬لن‭ ‬ترى‭ ‬فيه‭ ‬إلا‭ ‬ماردا‭ ‬ينتفض‭ ‬على‭ ‬جلاده؛‭ ‬لينتزعه‭ ‬من‭ ‬العرش،‭ ‬ويسحله‭ ‬بالشوارع،‭ ‬وهو‭ ‬يكبر‭ ‬ويردّد‭ ‬عبارات‭ (‬الثورة‭) ‬الحقيقية،‭ ‬وليس‭ ‬المزيفة‭ ‬الآن‭.‬

العرب‭ ‬وأنظمتهم‭ ‬مدعوون‭ ‬لأن‭ ‬يوقفوا‭ ‬فورًا‭ ‬مراهنتهم‭ ‬على‭ ‬الحليف‭ ‬الأجنبي؛‭ ‬لأن‭ ‬الحل‭ ‬وإن‭ ‬كان،‭ ‬فسيكون‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬العربي‭ ‬نفسه،‭ ‬لا‭ ‬غيره‭.‬