ويحكم أيها المتأتركون

| بدور عدنان

لم‭ ‬أستغرب‭ ‬أبداً‭ ‬تصريح‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬القطري‭ ‬خالد‭ ‬العطية‭ ‬عندما‭ ‬وصف‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬تركيا‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬جريمة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬حماية‭ ‬لنفسها‭ ‬من‭ ‬الإرهاب،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬مفهوم‭ ‬الإرهاب‭ ‬مختلف‭ ‬كثيراً‭ ‬عند‭ ‬المسؤولين‭ ‬القطريين‭ ‬عن‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬

فقطر‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬أدانت‭ ‬تركيا‭ ‬لانتهاكها‭ ‬الأراضي‭ ‬السورية‭ ‬وغزوها‭ ‬لها،‭ ‬ضاربة‭ ‬جميع‭ ‬القوانين‭ ‬والأعراف‭ ‬الدولية‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬تحت‭ ‬ذريعة‭ ‬حماية‭ ‬أمنها‭ ‬القومي‭ ‬من‭ ‬الأكراد،‭ ‬مخطئة،‭ ‬وأنها‭ ‬تتجنى‭ ‬عليها‭ ‬ولا‭ ‬تتفهم‭ ‬مخاوفها‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬الإرهابيين،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬قطر‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬تفقه‭ ‬مضامين‭ ‬ومفاهيم‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬والإرهاب‭!! ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬جلياً‭ ‬في‭ ‬سياساتها‭ ‬ضد‭ ‬جيرانها‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭. ‬قطر‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬أروع‭ ‬الأمثلة‭ ‬وأبرز‭ ‬العناوين‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬احترام‭ ‬الشأن‭ ‬الداخلي‭ ‬والتدخل‭ ‬في‭ ‬الشأن‭ ‬المحلي‭ ‬للدول‭ ‬المجاورة‭ ‬واقتناص‭ ‬الفرص‭ ‬لإثارة‭ ‬وإذكاء‭ ‬الفتن‭ ‬تعظ‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬وتبرر‭ ‬لتركيا‭ ‬ما‭ ‬فعلته،‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬تحاضر‭ ‬في‭ ‬الأعراف‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬فسجلها‭ ‬الناصع‭ ‬والمشرف‭ ‬يشفع‭ ‬لها‭ ‬بذلك‭!!‬

جميل‭ ‬جداً‭ ‬هذا‭ ‬التقارب‭ ‬والدفاع‭ ‬المستميت‭ ‬من‭ ‬قطر‭ ‬عن‭ ‬الأتراك‭ ‬الذين‭ ‬اعتدوا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬عربية‭ ‬فالواضح‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬انسلخت‭ ‬من‭ ‬عروبتها‭ ‬علناً‭ ‬وباتت‭ ‬متأتركة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الأتراك‭ ‬أنفسهم‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬لمرحلة‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬مخالف‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬أدانت‭ ‬العدوان‭ ‬التركي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قطر‭ ‬أبت‭ ‬أن‭ ‬تعتنق‭ ‬نفس‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬الموحد،‭ ‬لم‭ ‬لا،‭ ‬فهي‭ ‬اليوم‭ ‬تبرأت‭ ‬من‭ ‬عروبتها‭ ‬وباتت‭ ‬متأتركة‭ ‬صراحةٌ،‭ ‬وأصبحت‭ ‬المتحدث‭ ‬الرسمي‭ ‬والمحامي‭ ‬الخاص‭ ‬لتركيا‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬العربية‭.‬

إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬لواقع‭ ‬الأمر‭ ‬بكل‭ ‬عقلانية‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬الموقف‭ ‬القطري‭ ‬متوقع‭ ‬وغير‭ ‬مستغرب‭ ‬أبدا،‭ ‬فقطر‭ ‬تتشارك‭ ‬مع‭ ‬تركيا‭ ‬الإرهاب‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬عبر‭ ‬تمويل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬داعش‭ ‬والقاعدة‭ ‬المتمثلين‭ ‬في‭ ‬جبهة‭ ‬النصرة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬قطر‭ ‬تمطرهم‭ ‬بالأموال‭ ‬بتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الأتراك‭ ‬الذين‭ ‬يستغلون‭ ‬حدودهم‭ ‬المتاخمة‭ ‬لسوريا‭ ‬لإيصال‭ ‬الأموال‭ ‬والأسلحة‭ ‬وتهريب‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬ذلك‭ ‬وجب‭ ‬أن‭ ‬تقف‭ ‬قطر‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬شقيقتها‭ ‬في‭ ‬الجرم،‭ ‬تركيا‭. ‬

وجود‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬العربية‭ ‬أصبح‭ ‬غير‭ ‬مرغوب‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬العربية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬عند‭ ‬الشعوب‭ ‬الخليجية،‭ ‬لكن‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬تقف‭ ‬بالحسبان‭ ‬لدينا‭ ‬أواصر‭ ‬الدم‭ ‬والقربى‭ ‬والمصير‭ ‬المشترك،‭ ‬دولاً‭ ‬وشعوباً،‭ ‬والتي‭ ‬ضربت‭ ‬بها‭ ‬قطر‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭.‬