من أجل السلام واللاعنف

| عبدعلي الغسرة

نحبُ‭ ‬السلام‭ ‬ونكره‭ ‬العُنف،‭ ‬ليعيش‭ ‬العالم‭ ‬سليمًا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جراحات‭ ‬العُنف‭ ‬وويلات‭ ‬الحروب،‭ ‬وبعيدًا‭ ‬عن‭ ‬آثار‭ ‬الكره‭ ‬والبغضاء‭ ‬والطائفية،‭ ‬فالحروب‭ ‬والإرهاب‭ ‬والكره‭ ‬والبغضاء‭ ‬والطائفية‭ ‬جميعها‭ ‬ضد‭ ‬السلام‭ ‬وتفرق‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬والدول‭. ‬هناك‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬العظام‭ ‬الذين‭ ‬آمنوا‭ ‬بالنضال‭ ‬السلمي‭ ‬وعملوا‭ ‬لنشر‭ ‬رسالة‭ ‬اللاعنف‭ ‬في‭ ‬بلادهم‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬“المهاتما‭ ‬غاندي”‭ ‬زعيم‭ ‬حركة‭ ‬استقلال‭ ‬الهند‭ ‬ورائد‭ ‬فلسفة‭ ‬واستراتيجية‭ ‬اللاعنف‭.‬

في‭ ‬2‭ ‬أكتوبر‭ ‬جاء‭ ‬غاندي‭ ‬إلى‭ ‬الحياة،‭ ‬وعاش‭ ‬في‭ ‬بلادهِ‭ ‬الهند‭ ‬مكروهًا‭ ‬ومغضوبًا‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدولة‭ ‬البريطانية،‭ ‬فحارب‭ ‬هذا‭ ‬الكُره‭ ‬والغضب‭ ‬والتمييز‭ ‬العنصري‭ ‬بين‭ ‬البشر،‭ ‬لم‭ ‬يشهر‭ ‬سلاحًا‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬مُستعمري‭ ‬بلاده،‭ ‬ناضلهم‭ ‬سلميًا‭ ‬بالسياسة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬رافعًا‭ ‬راية‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تقتل‭ ‬الهنود‭ ‬وتسرق‭ ‬ثرواتهم،‭ ‬وإحياءً‭ ‬لذكراه‭ ‬وتقديرًا‭ ‬لنضاله‭ ‬السلمي‭ ‬ضد‭ ‬الإنجليز‭ ‬وإجلالًا‭ ‬لفلسفته‭ ‬ورسالته‭ ‬خلدته‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وجعلت‭ ‬يوم‭ ‬ولادته‭ ‬يومًا‭ ‬دوليًا‭ ‬للاعنف‭.‬

ورفض‭ ‬العُنف‭ ‬يعني‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬السلام‭ ‬ومبادئ‭ ‬التسامح‭ ‬والتفاهم‭ ‬مع‭ ‬الآخر،‭ ‬وهو‭ ‬تجسيد‭ ‬لقول‭ ‬غاندي‭ (‬إن‭ ‬اللاعنف‭ ‬أقوى‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬البشرية،‭ ‬فهو‭ ‬أعتى‭ ‬سلاح‭ ‬من‭ ‬أسلحة‭ ‬الدمار‭ ‬تم‭ ‬التوصل‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إبداع‭ ‬الإنسان‭). ‬إن‭ ‬اللاعنف‭ ‬ليس‭ ‬احتفالا‭ ‬سنويًا‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ممارسة‭ ‬إنسانية‭ ‬يومية‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬وشعوبها‭ ‬الالتزام‭ ‬بها،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬

لهذا‭ ‬اليوم‭ ‬رسائل‭ ‬عدة،‭ ‬منها،‭ ‬نبذ‭ ‬العنف‭ ‬العسكري‭ ‬والمدني‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله،‭ ‬العمل‭ ‬الجاد‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لكل‭ ‬الناس،‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التسامح‭ ‬والسلام،‭ ‬احترام‭ ‬مبادئ‭ ‬الآخر‭ ‬والتعايش‭ ‬معه،‭ ‬الالتزام‭ ‬بمبدأ‭ ‬حرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭. ‬إن‭ ‬العُنف‭ ‬يؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وأفراده‭ ‬واقتصاده‭ ‬ويرفع‭ ‬من‭ ‬مؤشر‭ ‬الأزمات‭ ‬والمشكلات‭ ‬المجتمعية‭. ‬

لقد‭ ‬آمن‭ ‬غاندي‭ ‬بوسيلة‭ ‬اللاعنف‭ ‬واستخدمها‭ ‬بفعالية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬فتحررت‭ ‬الهند،‭ ‬ناضل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ذلك‭ ‬واغتيل‭ ‬لأنه‭ ‬رفض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العُنف‭ ‬وسيلة‭ ‬لتحرير‭ ‬بلاده،‭ ‬ورفض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحلم‭ ‬به‭ ‬ثمنه‭ ‬دم‭ ‬الإنسان،‭ ‬ورفض‭ ‬تقسيم‭ ‬بلاده‭. ‬فلننبذ‭ ‬معًا‭ ‬العُنف‭ ‬بكل‭ ‬أشكاله،‭ ‬ولنعمل‭ ‬معًا‭ ‬على‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬السلام‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتسامح‭ ‬واللاعنف،‭ ‬لنعيش‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬كان‭ ‬غاندي‭ ‬يحلم‭ ‬به‭ ‬له‭ ‬ولنا‭ ‬جميعًا‭.‬