سوالف

قلة التصديق أساس الحكمة..

| أسامة الماجد

أقرأ‭ ‬كثيرا‭ ‬وأدون‭ ‬كل‭ ‬جملة‭ ‬وفقرة‭ ‬تعجبني‭ ‬في‭ ‬دفتر‭ ‬قديم‭ ‬أصبح‭ ‬مثل‭ ‬الجذور‭ ‬التي‭ ‬تمتد‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬الأرض،‭ ‬لأنني‭ ‬مؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الكاتب‭ ‬الصحافي‭ ‬يشترك‭ ‬بالحس‭ ‬الرهيف‭ ‬والعقل‭ ‬المستنير‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الأخطاء‭ ‬الكبرى‭ ‬ورؤية‭ ‬الدروب‭ ‬في‭ ‬المتاهات‭ ‬الضبابية،‭ ‬وهو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬إدراك‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬والوشائج‭ ‬المترابطة‭ ‬وإيجاد‭ ‬المنطلق‭ ‬للخير‭ ‬والعافية،‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬التعبير‭ ‬الذي‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يحمل‭ ‬الناس‭ ‬جميعا‭ ‬على‭ ‬الإصغاء،‭ ‬إنه‭ ‬الساحر‭ ‬الذي‭ ‬يهتز‭ ‬له‭ ‬وجدان‭ ‬القراء‭.‬

الكاتب‭ ‬الصحافي‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬إنسان‭ ‬ملتزم‭ ‬وأداة‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الحركة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وعنصر‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬الأحداث‭ ‬والسياسة‭ ‬ويدعو‭ ‬للتسامح‭ ‬والمؤاخاة،‭ ‬ويندرج‭ ‬في‭ ‬دعوات‭ ‬الرسل،‭ ‬ويطيب‭ ‬لي‭ ‬عبر‭ ‬زاوية‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬أنقل‭ ‬إلى‭ ‬القارئ‭ ‬نداء‭ ‬المغامرة،‭ ‬مغامرة‭ ‬قراءتي‭ ‬شتى‭ ‬صنوف‭ ‬الكتب‭ ‬حتى‭ ‬كدت‭ ‬أتحول‭ ‬إلى‭ ‬ديدان‭ ‬طويلة‭ ‬عمياء‭ ‬ترضع‭ ‬الحروف‭ ‬على‭ ‬مهل‭:‬

ما‭ ‬يجعل‭ ‬الإنسان‭ ‬قويا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إنجازه‭ ‬وليس‭ ‬ما‭ ‬أنجزه‭.. ‬قلة‭ ‬التصديق‭ ‬هي‭ ‬أساس‭ ‬الحكمة‭. ‬جميع‭ ‬الشعوب‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬بدائية‭ ‬تقول‭ ‬بوجوب‭ ‬احترام‭ ‬الوالدين‭ ‬ونشر‭ ‬العدل‭ ‬وذم‭ ‬الظلم‭ ‬والنهي‭ ‬عن‭ ‬المنكر‭ ‬والأمر‭ ‬بالمعروف،‭ ‬إنها‭ ‬أشياء‭ ‬أزلية‭ ‬فيهم‭. ‬

لقد‭ ‬رأيت‭ ‬أن‭ ‬البشر‭ ‬يعجبون‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬يموتون،‭ ‬لكنهم‭ ‬لا‭ ‬يعجبون‭ ‬مطلقا‭ ‬من‭ ‬أنهم‭ ‬يولدون،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬ما‭ ‬يستحق‭ ‬الدهشة‭. ‬قال‭ ‬رجل‭ ‬لحكيم‭.. ‬كيف‭ ‬حال‭ ‬أخيك؟‭ ‬فأجاب‭ ‬إن‭ ‬أخي‭ ‬مات،‭ ‬فقال‭ ‬له‭ ‬الرجل‭.. ‬ما‭ ‬سبب‭ ‬موته؟‭ ‬فأجاب‭.. ‬حياته‭!. ‬لماذا‭ ‬يثير‭ ‬فينا‭ ‬الموت‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف‭ ‬ونحن‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬حياتنا‭ ‬نفسها‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬دفن‭ ‬مستمر‭ ‬لأجزاء‭ ‬من‭ ‬ماضينا‭ ‬وشخصياتنا‭ ‬وحالاتنا‭ ‬النفسية‭. ‬

لا‭ ‬تقاس‭ ‬قيمة‭ ‬الحضارة‭ ‬بالوسائل‭ ‬المادية‭ ‬التي‭ ‬نسيطر‭ ‬بواسطتها‭ ‬على‭ ‬الطبيعة،‭ ‬إنما‭ ‬تقاس‭ ‬برضى‭ ‬الشعور‭ ‬الفردي‭. ‬مفهوم‭ ‬العدالة‭ ‬مقبول‭ ‬لدى‭ ‬جميع‭ ‬البشر،‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬مستقل‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬قانون‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬عهد‭ ‬أو‭ ‬دين‭.‬

لن‭ ‬ينتهي‭ ‬الشقاء‭... ‬آخر‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬فان‭ ‬جوخ‭ ‬وهو‭ ‬على‭ ‬فراش‭ ‬الموت‭. ‬إن‭ ‬حياتي‭ ‬لحن‭ ‬جميل،‭ ‬لكن‭ ‬للأسف‭ ‬عزفت‭ ‬على‭ ‬آلة‭ ‬غير‭ ‬صالحة‭. ‬لكي‭ ‬تجني‭ ‬أثمن‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الوجود‭..‬عش‭ ‬في‭ ‬خطر‭.‬