ياسمينيات

التخبط الكارثي

| ياسمين خلف

رغم‭ ‬مرور‭ ‬أسابيع‭ ‬على‭ ‬بدء‭ ‬الدراسة‭ ‬النظامية‭ ‬الحكومية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬بالمدارس‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬ربكة‭ ‬وتخبط‭ ‬وعشوائية،‭ ‬ففتح‭ ‬الباب‭ ‬على‭ ‬مصراعيه‭ ‬للتقاعد‭ ‬الاختياري‭ ‬للمدرسين‭ ‬أحدث‭ ‬هزة‭ ‬في‭ ‬التركيبة‭ ‬التعليمية،‭ ‬فلا‭ ‬معلمون‭ ‬يسدون‭ ‬نقص‭ ‬عدد‭ ‬المعلمين‭ ‬كماً‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬كيفاً،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تمرس‭ ‬في‭ ‬المهنة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يواجهوا‭ ‬به‭ ‬تبعات‭ ‬التسرع‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬فكرة‭ ‬التقاعد‭ ‬الاختياري‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وزارات‭ ‬الدولة،‭ ‬والتي‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬تدفع‭ ‬اليوم‭ ‬ضريبة‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬استراتيجية‭ ‬مدروسة‭ ‬وواضحة‭.‬

فليس‭ ‬من‭ ‬المنطقي‭ ‬أبداً‭ ‬أن‭ ‬تُوكل‭ ‬عملية‭ ‬التدريس‭ ‬لموظفين‭ ‬لا‭ ‬يحملون‭ ‬المؤهل‭ ‬التربوي،‭ ‬وتخصصاتهم‭ ‬الجامعية‭ ‬بعيدة‭ ‬تمام‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬المواد‭ ‬الدراسية‭ ‬التي‭ ‬رُشحوا‭ ‬لها،‭ ‬فكيف‭ ‬يقوم‭ ‬خريج‭ ‬إعلام‭ ‬بتدريس‭ ‬مادة‭ ‬الرياضيات‭ ‬أو‭ ‬العلوم‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬اللغة‭ ‬العربية؟‭ ‬وكيف‭ ‬يدرس‭ ‬خريج‭ ‬التاريخ‭ ‬مادة‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية؟‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬اعترف‭ ‬الموظف‭ ‬بعدم‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بهذه‭ ‬المهام‭ ‬التدريسية،‭ ‬حاولوا‭ ‬إقناعه‭ ‬بأنها‭ ‬عملية‭ ‬لا‭ ‬تتطلب‭ ‬منه‭ ‬القلق‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬العناء،‭ ‬فكلها‭ ‬أحرف‭ ‬أبجدية‭ ‬وكلمات‭ ‬بسيطة‭ ‬تُدرس‭ ‬لأطفال‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬الدراسية‭ ‬الأولى‭!‬

أي‭ ‬تخبط‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬أليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬طابور‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬مدرسون،‭ ‬بُحت‭ ‬حناجرهم‭ ‬وهم‭ ‬يشكون‭ ‬مرارة‭ ‬البطالة‭ ‬لسنوات‭ ‬امتدت‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬عشر؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬توظيفهم؟‭ ‬أليسوا‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬خريج‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بالسلك‭ ‬التعليمي،‭ ‬لم‭ ‬يدرس‭ ‬أو‭ ‬يتدرب‭ ‬يوماً‭ ‬على‭ ‬طرق‭ ‬إيصال‭ ‬المعلومة‭ ‬للطلبة؟‭ ‬الحال‭ ‬ذكرني‭ ‬بالجيل‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬المعلمين،‭ ‬الذين‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬ينهوا‭ ‬المرحلة‭ ‬الابتدائية،‭ ‬حتى‭ ‬تقدم‭ ‬لهم‭ ‬حقائب‭ ‬التدريس،‭ ‬دون‭ ‬تأهيل‭ ‬تربوي،‭ ‬هل‭ ‬نتقدم،‭ ‬أم‭ ‬نتراجع‭ ‬للوراء؟

ما‭ ‬الذي‭ ‬نتوقعه‭ ‬من‭ ‬طلبة‭ ‬يتلقون‭ ‬علومهم‭ ‬على‭ ‬أيدٍ‭ ‬غير‭ ‬متخصصة؟‭ ‬كيف‭ ‬نطالبهم‭ ‬بالتفوق‭ ‬والتميز؟‭ ‬الطالب‭ ‬هنا‭ ‬مضطر‭ ‬لأن‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬ذاته،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬تعليمه‭ ‬ذاتياً‭ ‬وبشكل‭ ‬كامل‭. ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬عملية‭ ‬التدريس‭ ‬بهذه‭ ‬البساطة،‭ ‬ولا‭ ‬تتطلب‭ ‬المؤهل‭ ‬التربوي،‭ ‬إذاً‭ ‬نحن‭ ‬قادرون‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬وزارة‭ ‬التربية‭ ‬والتعليم‭ ‬وحدها‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نقضي‭ ‬على‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة،‭ ‬وتوظيف‭ ‬كل‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬كل‭ ‬حسب‭ ‬تخصصه‭ ‬الجامعي‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬اختياره‭ ‬الشخصي‭ ‬للمادة‭ ‬التي‭ ‬تمنى‭ ‬يوماً‭ ‬أن‭ ‬يدرسها‭!‬

 

ياسمينة‭:

‬إلا‭ ‬التخبط‭ ‬في‭ ‬التعليم‭.. ‬فنتائجه‭ ‬المستقبلية‭ ‬كارثية‭.‬