سوالف

يمجدون الغرب ووجوههم مغموسة في الوحل

| أسامة الماجد

من‭ ‬أكبر‭ ‬المآخذ‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬أنها‭ ‬تنشد‭ ‬رفاهية‭ ‬شعوبها‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬أمم‭ ‬الأرض‭ ‬جمعاء،‭ ‬وتنكر‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأمم‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬التقدم‭ ‬والتطور،‭ ‬وعندما‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬تبرز‭ ‬أنانيتها‭ ‬هذه،‭ ‬قدمت‭ ‬أسوأ‭ ‬التبريرات‭ ‬المتعجرفة،‭ ‬“رسالة‭ ‬الرجل‭ ‬الأبيض”،‭ ‬وما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬جوهرها‭ ‬إلا‭ ‬ادعاء‭ ‬العرقين‭ ‬السكسوني‭ ‬–‭ ‬الجرماني‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬إبادة‭ ‬الأمم‭ ‬واحتلال‭ ‬مكانها‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬نشأتها،‭ ‬طرد‭ ‬الأفارقة‭ ‬من‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬طرد‭ ‬العرب‭ ‬من‭ ‬فلسطين،‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬بقرنين‭ ‬إبادة‭ ‬الهنود‭ ‬الحمر‭ ‬من‭ ‬الأميركيتين‭.‬

إن‭ ‬التاريخ‭ ‬لم‭ ‬يعرف‭ ‬شعبا‭ ‬جعل‭ ‬الرفاه‭ ‬غايته‭ ‬إلا‭ ‬قضى‭ ‬عليه‭ ‬بالهلاك،‭ ‬فالثروة‭ ‬عند‭ ‬الأمم‭ ‬وسيلة‭ ‬للقوة‭ ‬والعلم‭ ‬والكشف‭ ‬العلمي‭ ‬ثانيا،‭ ‬ولرفع‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬للمواطنين‭ ‬ثالثا،‭ ‬بالأولى‭ ‬تدافع‭ ‬الأمم‭ ‬عن‭ ‬حدودها‭ ‬ووجودها،‭ ‬وبالثانية‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬تقدم‭ ‬المعرفة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وبالثالثة‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬تضامن‭ ‬المجتمع‭ ‬وكرامته،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬التي‭ ‬تحمل‭ ‬الرسالات‭ ‬والعرب‭ ‬في‭ ‬طليعتها‭ ‬تستخدم‭ ‬الصفات‭ ‬الثلاث‭ ‬معا‭ ‬لتنشر‭ ‬رسالتها‭ ‬وقيمها‭ ‬التي‭ ‬ترى‭ ‬فيها‭ ‬خلاص‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ولا‭ ‬تضحي‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬بالمال‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬بالأبناء‭ ‬أيضا،‭ ‬وبفضل‭ ‬الرسالات‭ ‬التي‭ ‬تحملها‭ ‬الأمم‭ ‬تتقدم‭ ‬الإنسانية‭ ‬وتعلو‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬غد‭ ‬أفضل،‭ ‬ولن‭ ‬ينسى‭ ‬التاريخ‭ ‬فضل‭ ‬العرب‭ ‬وتضحياتهم‭ ‬أيام‭ ‬كانت‭ ‬دولتهم‭ ‬“باسم‭ ‬الإسلام”‭ ‬تنشر‭ ‬المساواة‭ ‬والتسامح‭ ‬في‭ ‬آسيا‭ ‬وأفريقيا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وتعلمهما‭ ‬للإنسانية‭ ‬جمعاء‭.‬

تدخل‭ ‬في‭ ‬عوالم‭ ‬الدهشة‭ ‬عندما‭ ‬تجد‭ ‬عربيا‭ ‬يمجد‭ ‬الغرب‭ ‬ويعتبرهم‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬“على‭ ‬راسهم‭ ‬ريشه”،‭ ‬فقبل‭ ‬أيام‭ ‬شاهدت‭ ‬برنامجا‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الفضائيات‭ ‬العربية‭ ‬فضلت‭ ‬أن‭ ‬أموت‭ ‬بكل‭ ‬صمت‭ ‬وبطء‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬أستمع‭ ‬لتعليق‭ ‬المذيعة‭ ‬وهي‭ ‬تخاطب‭ ‬الضيف،‭ ‬كان‭ ‬تعليقا‭ ‬يثير‭ ‬الاشمئزاز‭ ‬وفي‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الوقاحة‭ ‬ويصيب‭ ‬الآخرين‭ ‬بالغثيان‭ ‬وهو‭ ‬“لماذا‭ ‬لا‭ ‬نتعلم‭ - ‬وتقصد‭ ‬العرب‭ ‬طبعا‭- ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬ومجتمعاتهم‭ ‬المزدهرة‭ ‬وشرف‭ ‬حريتهم؟”‭.‬

 

تعسا‭ ‬لعقلك‭ ‬الفارغ‭ ‬وهذه‭ ‬المعتقدات‭ ‬المريضة‭ ‬والجهل‭ ‬والغباء،‭ ‬فأمثالك‭ ‬كفروا‭ ‬برسالة‭ ‬العرب‭ ‬العظيمة‭ ‬وغرقوا‭ ‬حتى‭ ‬الموت‭ ‬في‭ ‬مستنقعات‭ ‬الغرب‭ ‬“الخائب”‭ ‬أمام‭ ‬التاريخ‭ ‬وأمام‭ ‬الملأ‭ ‬أنتم‭ ‬تعيشون‭ ‬وستعيشون‭ ‬ووجوهكم‭ ‬مغموسة‭ ‬في‭ ‬الوحل‭.‬