قطر حصان طروادة للإخوان حتى في أوروبا

| خالد عبدالعزيز النزر

بعض‭ ‬الصحافيين‭ ‬والإعلاميين‭ ‬يكشفون‭ ‬أحيانا‭ ‬حقائق‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬كشفها‭ ‬أكثر‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬احترافا،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬جنان‭ ‬موسى‭ ‬مراسلة‭ ‬قناة‭ ‬“أخبار‭ ‬الآن”،‭ ‬عندما‭ ‬أعدت‭ ‬تقريرها‭ ‬عن‭ ‬الداعشية‭ ‬الألمانية‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬تونسي‭ ‬“أميمة‭ ‬عبدي”‭ ‬التي‭ ‬عادت‭ ‬للعيش‭ ‬والعمل‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬عنها‭ ‬أحد‭ ‬حتى‭ ‬خروج‭ ‬التقرير،‭ ‬ثم‭ ‬ارتداداته‭ ‬في‭ ‬الإعلام‭ ‬الألماني‭ ‬والأوروبي،‭ ‬ما‭ ‬دعا‭ ‬السلطات‭ ‬للتحقيق،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬أميمة‭ ‬في‭ ‬التاسع‭ ‬من‭ ‬سبتمبر،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬أكبر‭ ‬مغذ‭ ‬وممول‭ ‬للتطرف‭ ‬الإسلامي‭ ‬في‭ ‬أوروبا؟

الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬عرضت‭ ‬قناة‭ ‬أرتيو‭ ‬“arte”‭ ‬الأوروبية‭ (‬فرنسية‭-‬ألمانية‭)‬،‭ ‬فيلما‭ ‬وثائقيا‭ ‬بعنوان‭: ‬“قطر،‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إسلام‭ ‬أوروبا”،‭ ‬الفلم‭ ‬يوضح‭ ‬ما‭ ‬كشفه‭ ‬الصحافيان‭ ‬الفرنسيان‭ ‬جورج‭ ‬مالبرون‭ ‬وكريستيان‭ ‬شينو‭ ‬من‭ ‬وثائق‭ ‬ومعلومات‭ ‬بعد‭ ‬عمل‭ ‬وتتبع‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬سنتين،‭ ‬في‭ ‬كتابهما‭ ‬“أوراق‭ ‬قطر”،‭ ‬حيث‭ ‬كشف‭ ‬الصحافيان‭ ‬عن‭ ‬عشرات‭ ‬المشاريع‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬تدعمها‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬وأن‭ ‬90‭ % ‬منها‭ ‬مرتبطة‭ ‬بتنظيم‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬وأن‭ ‬تلك‭ ‬المشروعات‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬بناء‭ ‬أو‭ ‬توسيع‭ ‬للعشرات‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬والمراكز‭ ‬يتم‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭ ‬خدمة‭ ‬المسلمين‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬بينما‭ ‬الهدف‭ ‬تحويل‭ ‬شبه‭ ‬المدارس‭ ‬تلك‭ ‬إلى‭ ‬أوكار‭ ‬لنشر‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرّف‭ ‬المؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬الإرهاب‭.‬

الفلم‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬دعم‭ ‬“مؤسسة‭ ‬قطر‭ ‬الخيرية”‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬مليار‭ ‬ريال‭ ‬قطري‭ ‬لمؤسسات‭ ‬ومشاريع‭ ‬تحوي‭ ‬جماعات‭ ‬متطرفة‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬وتعزز‭ ‬عمل‭ ‬تنظيم‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬وبلغ‭ ‬عددها‭ ‬140‭ ‬مشروعا،‭ ‬منها‭ ‬47‭  ‬بإيطاليا،‭ ‬22‭ ‬بفرنسا،‭ ‬10‭ ‬بألمانيا،‭ ‬6‭ ‬ببريطانيا،‭ ‬5‭ ‬بأسبانيا،‭ ‬وأن‭ ‬اتحاد‭ ‬المنظمات‭ ‬الإسلامية‭ ‬كان‭ ‬غطاءً‭ ‬لدعم‭ ‬التطرف‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬وأن‭ ‬قطر‭ ‬استغلت‭ ‬الحصانة‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لذراعها‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬أحمد‭ ‬الحمادي‭ ‬لإيصال‭ ‬الدعم‭ ‬لتلك‭ ‬المنظمات،‭ ‬إضافة‭ ‬لأنشطة‭ ‬مشبوهة‭ ‬أخرى‭ ‬ورشاوي‭ ‬حيث‭ ‬قبضت‭ ‬السلطات‭ ‬الفرنسية‭ ‬على‭ ‬“محمد‭ ‬كرموس”‭ ‬زوج‭ ‬“نادية‭ ‬كرموس”‭ ‬مديرة‭ ‬متحف‭ ‬لاشو‭ ‬دو‭ ‬فون‭ ‬الفرنسي‭ ‬أثناء‭ ‬استلامه‭ ‬مبلغ‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬يورو‭ ‬نقدا‭ ‬من‭ ‬أحمد‭ ‬الحمادي‭ ‬مسؤول‭ ‬مؤسسة‭ ‬قطر‭ ‬الخيرية‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬بحسب‭ ‬الفلم‭. ‬كما‭ ‬تحدث‭ ‬الفلم‭ ‬عن‭ ‬“المعهد‭ ‬الأوروبي‭ ‬للعلوم‭ ‬الإنسانية”‭ ‬التابع‭ ‬ليوسف‭ ‬القرضاوي،‭ ‬وكذلك‭ ‬رابطة‭ ‬مسلمي‭ ‬بلجيكا،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬يرى‭ ‬الفلم‭ ‬أنها‭ ‬تشكل‭ ‬وكراً‭ ‬للفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬وإنتاج‭ ‬الإرهابيين‭. ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬الفلم‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬المقاطعة‭ ‬الرباعية‭ ‬لقطر‭ ‬حدّت‭ ‬من‭ ‬أنشطتها‭ ‬الداعمة‭ ‬للإسلام‭ ‬السياسي،‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬الشرارة‭ ‬التي‭ ‬جعلت‭ ‬الآخرين‭ ‬يسلطون‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭.‬

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬تنظيم‭ ‬الإخوان‭ ‬استطاع‭ ‬استخدام‭ ‬قطر‭ ‬بأموالها‭ ‬وإعلامها‭ ‬طوال‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭ ‬كحصان‭ ‬طروادة‭ ‬داخل‭ ‬المجتمعات‭ ‬الإسلامية،‭ ‬وأتمنى‭ ‬من‭ ‬الأشقاء‭ ‬في‭ ‬قطر‭ ‬أن‭ ‬يعوا‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬مطية‭ ‬لهذا‭ ‬التنظيم‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬اعتقدوا‭ ‬أنهم‭ ‬امتطوه‭ ‬ليحققوا‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬مكانة‭ ‬ودورا‭ ‬وحجما‭ ‬كبيرا‭ ‬لقطر‭. ‬لقد‭ ‬تراجع‭ ‬اليوم‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬جداً‭ ‬مشروع‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬الجديد‭ ‬والفوضى‭ ‬الخلاقة‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬قطر‭ ‬رأس‭ ‬حربته‭ ‬بدعم‭ ‬الحزب‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الأميركي‭ ‬والصهيونية‭ ‬العالمية،‭ ‬واتضح‭ ‬أنها‭ ‬فوضى‭ ‬ليست‭ ‬خلاقة‭ ‬إلا‭ ‬للدمار،‭ ‬فهل‭ ‬يتراجع‭ ‬القطريون‭ ‬أيضاً‭ ‬ويعودوا‭ ‬لحضنهم‭ ‬الخليجي‭ ‬والعمل‭ ‬المشترك‭ ‬معه؟‭ ‬أتمنى‭ ‬ذلك‭.‬

“الهدف‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتنظيم‭ ‬الإخوان‭ ‬التي‭ ‬تدعمها‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬تحويل‭ ‬المدارس‭ ‬إلى‭ ‬أوكار‭ ‬لنشر‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرّف‭ ‬المؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬الإرهاب”‭.‬