ستة على ستة

وصفة غربية للتنمية في الدول النامية

| عطا السيد الشعراوي

نشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬الشروق‭ ‬المصرية‭ ‬حوارا‭ ‬ثريا،‭ ‬خصوصا‭ ‬من‭ ‬الناحيتين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬مع‭ ‬بيني‭ ‬ديمبيتزر‭ ‬وهو‭ ‬بريطاني‭ ‬كان‭ ‬ضمن‭ ‬الفريق‭ ‬الحائز‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬عام‭ ‬1995،‭ ‬حيث‭ ‬وضع‭ ‬علامات‭ ‬أساسية‭ ‬لمن‭ ‬يريد‭ ‬السير‭ ‬بجدية‭ ‬وهمة‭ ‬واستقلالية‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭.‬

كثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬الآن‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬خاضعة‭ ‬لمؤسسات‭ ‬دولية‭ ‬كالبنك‭ ‬الدولي‭ ‬والصندوق‭ ‬الدولي‭ ‬وتكون‭ ‬مضطرة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬“روشتة‭ ‬الإصلاح”‭ ‬التي‭ ‬تكاد‭ ‬تكون‭ ‬وصفة‭ ‬موحدة‭ ‬لكل‭ ‬الدول‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬الفروق‭ ‬بينها‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬جوهرية‭ ‬وهيكلية،‭ ‬لكن‭ ‬تظل‭ ‬الوصفة‭ ‬متشابهة‭ ‬وتقوم‭ ‬بالأساس‭ ‬على‭ ‬إلغاء‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬ينظر‭ ‬إليه‭ ‬وكأنه‭ ‬بئر‭ ‬عميق‭ ‬يبتلع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬فيما‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬من‭ ‬ورائه‭.‬

هنا‭ ‬نقطة‭ ‬الانطلاق‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬ديمبيتزر‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتحدث‭ ‬تحديدا‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬إذ‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الخطأ‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الإصلاح‭ ‬بهذه‭ ‬الدول‭ ‬أنها‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬نماذج‭ ‬اقتصادية‭ ‬غربية‭ ‬لتحقيق‭ ‬إيرادات‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬أو‭ ‬اليابان،‭ ‬محذرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬تفتح‭ ‬طرقا‭ ‬للفساد،‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬والبنك‭ ‬الدوليين‭ ‬بمثابة‭ ‬وحوشين‭.‬

أما‭ ‬البديل‭ ‬الذي‭ ‬يقدمه‭ ‬ديمبيتزر‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬ومن‭ ‬يعيش‭ ‬ظروفها‭ ‬وأوضاعها‭ ‬فهو‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬أنظمة‭ ‬اقتصادية‭ ‬تشجع‭ ‬الشعوب‭ ‬على‭ ‬إنتاج‭ ‬احتياجاتها‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬الطعام‭ ‬وإنتاج‭ ‬سلع‭ ‬تستطيع‭ ‬تصديرها‭ ‬وتستفيد‭ ‬من‭ ‬عائداتها‭.‬

ويقع‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬اهتمام‭ ‬ورؤية‭ ‬ديمبيتزر‭ ‬لتحقيق‭ ‬التنمية،‭ ‬إذ‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬الذي‭ ‬يستفيد‭ ‬منه‭ ‬محدودو‭ ‬الدخل‭ ‬بصور‭ ‬شتى‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬والسكن‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬الرئيس‭ ‬البرازيلي‭ ‬السابق‭ ‬لولا‭ ‬دي‭ ‬سيلفا‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬بدعم‭ ‬النساء‭ ‬اللائي‭ ‬لديهن‭ ‬أسر‭ ‬كبيرة‭ ‬ويحتجن‭ ‬المساعدة‭.‬

ودعا‭ ‬ديمبيتزر‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬أكثر‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬وتقليل‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬السياسة،‭ ‬التي‭ ‬لعبت‭ ‬بنظره‭ ‬دورا‭ ‬رئيسيا‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬بالأوضاع‭ ‬نحو‭ ‬الأسوأ‭ ‬وفي‭ ‬إضعاف‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وتضخم‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬تنميتها‭.‬

إن‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬للتنمية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ضمن‭ ‬اهتمامات‭ ‬الدولة‭.‬

 

“من‭ ‬الخطأ‭ ‬أن‭ ‬تعتمد‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬النماذج‭ ‬الغربية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لتحقيق‭ ‬إيرادات‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬أو‭ ‬اليابان”‭.‬