360 درجة

مقاربة ترامب وخيارا طهران

| أيمن همام

في‭ ‬أزمنة‭ ‬سابقة‭ ‬كانت‭ ‬إمدادات‭ ‬النفط‭ ‬الخليجية‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مكونات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأميركي،‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬اكتشافات‭ ‬كميات‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬الصخري‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬يقدر‭ ‬حجمها‭ ‬بنحو‭ ‬58‭ ‬مليار‭ ‬برميل،‭ ‬تغيرت‭ ‬المعادلة،‭ ‬وتحولت‭ ‬الإمدادات‭ ‬الخليجية،‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الأميركية،‭ ‬من‭ ‬قضية‭ ‬أمن‭ ‬قومي‭ ‬إلى‭ ‬مسألة‭ ‬تتعلق‭ ‬باستقرار‭ ‬أسواق‭ ‬النفط‭ ‬العالمية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أصبحت‭ ‬مسؤولية‭ ‬حمايتها‭ ‬مهمة‭ ‬دولية‭ ‬مشتركة‭.‬

أي‭ ‬رئيس‭ ‬أميركي،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬يفكر‭ ‬بعقلية‭ ‬“البزنزمان”‭ ‬مثل‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتهاون‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬أمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬القومي،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬إقالة‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬جون‭ ‬بولتن،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الأخير،‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬مدرسة‭ ‬المحافظين‭ ‬الصقور‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬السيناتور‭ ‬الراحل‭ ‬جون‭ ‬ماكين،‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬عالقا‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬ويؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الحل‭ ‬العسكري‭ ‬هو‭ ‬الطريق‭ ‬الأنجع‭ ‬لمواجهة‭ ‬العبث‭ ‬الإيراني‭ ‬بأمن‭ ‬الخليج،‭ ‬فيما‭ ‬تعتمد‭ ‬مقاربة‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬تشديد‭ ‬العقوبات‭ ‬لتحقيق‭ ‬المنشود‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خسائر‭ ‬قد‭ ‬تكلفه‭ ‬مقعده‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬ترامب‭ ‬أن‭ ‬يبدو‭ ‬ضعيفا‭ ‬أمام‭ ‬الاستفزازات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬إذ‭ ‬يتهمه‭ ‬خصومه‭ ‬بالتخاذل‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬إسقاط‭ ‬طهران‭ ‬“درون”‭ ‬أميركية‭ ‬كانت‭ ‬تحلق‭ ‬في‭ ‬الأجواء‭ ‬الدولية‭ ‬فوق‭ ‬مياه‭ ‬مضيق‭ ‬هرمز‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي،‭ ‬ولتجنب‭ ‬التعرض‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الإحراج‭ ‬قرر‭ ‬ترامب‭ ‬إرسال‭ ‬تعزيزات‭ ‬عسكرية‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭ ‬أعلن‭ ‬عنها‭ ‬وزير‭ ‬دفاعه‭ ‬مارك‭ ‬إسبر‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬متأخر‭ ‬من‭ ‬مساء‭ ‬الجمعة‭.‬

في‭ ‬المقابل‭ ‬ترزح‭ ‬طهران‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬عقوبات‭ ‬منهكة،‭ ‬وضعت‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬أمام‭ ‬خيارين‭ ‬لا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما؛‭ ‬إما‭ ‬الرضوخ‭ ‬للمطالب‭ ‬الأميركية‭ ‬مقابل‭ ‬رفعها،‭ ‬أو‭ ‬تصعيد‭ ‬الاستفزازات‭ ‬بهدف‭ ‬استدراج‭ ‬واشنطن‭ ‬للحرب‭ ‬قبل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬أن‭ ‬يخسر‭ ‬ترامب‭ ‬ويربح‭ ‬رئيس‭ ‬ديمقراطي‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لمواصلة‭ ‬صفقة‭ ‬أوباما‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬نسخة‭ ‬معدلة‭ ‬منها‭.‬