لا تشجعوا الملالي على مزيد من الإرهاب (2)

| سنابرق زاهدي

نشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬لوفيغارو‭ ‬مقالا‭ ‬بتاريخ‭ ‬17‭ ‬تموز‭ ‬الماضي‭ ‬بعنوان‭ ‬“أسباب‭ ‬اعتقال‭ ‬الباحثة‭ ‬الفرنسية‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬طهران”،‭ ‬يتحدث‭ ‬المقال‭ ‬عن‭ ‬سيدة‭ ‬فرنسية‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬إيراني‭ ‬اعتقلتها‭ ‬السلطات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬ويوحي‭ ‬بأن‭ ‬الهدف‭ ‬كان‭ ‬التخطيط‭ ‬للتبادل‭ ‬مع‭ ‬المتهم‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬تفجير‭ ‬مؤتمر‭ ‬المقاومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬أسد‭ ‬الله‭ ‬أسدي‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬الإرهابي‭ ‬المسجون‭ ‬في‭ ‬بلجيكا،‭ ‬وتشير‭ ‬لوفيغارو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬إلى‭ ‬نموذج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬فرنسا‭ ‬سابقاً‭ ‬بمبادلة‭ ‬سيدة‭ ‬فرنسية‭ ‬رهينة‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬إيران‭ ‬بأحد‭ ‬قتلة‭ ‬شهبور‭ ‬بختيار‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭.‬

الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬وبعد‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬من‭ ‬كشف‭ ‬المخطط‭ ‬كانت‭ ‬مركزة‭ ‬على‭ ‬الموضوع،‭ ‬حيث‭ ‬أعلنت‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬كانت‭ ‬وراء‭ ‬تلك‭ ‬العملية‭ ‬وقامت‭ ‬بطرد‭ ‬دبلوماسي‭ ‬إيراني‭ ‬من‭ ‬أراضيها‭ ‬بسبب‭ ‬ضلوعه‭ ‬فيها،‭ ‬وبعدها‭ ‬أصدر‭ ‬ثلاثة‭ ‬وزراء‭ ‬فرنسيين‭ - ‬الخارجية‭ ‬والداخلية‭ ‬والمالية‭ - ‬بيانا‭ ‬مشتركا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬وحذروا‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬من‭ ‬العبث‭ ‬بأمن‭ ‬فرنسا،‭ ‬كما‭ ‬قامت‭ ‬فرنسا‭ ‬آنذاك‭ ‬بتجميد‭ ‬أموال‭ ‬أسد‭ ‬الله‭ ‬أسدي‭ ‬المذكور‭ ‬ورئيسه‭ ‬في‭ ‬سلّم‭ ‬المراتب‭ ‬سعيد‭ ‬هاشمي‭ ‬مقدم،‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬أدّت‭ ‬إلى‭ ‬مبادرة‭ ‬أوروبية‭ ‬ضد‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني،‭ ‬خصوصا‭ ‬بعد‭ ‬مواصلة‭ ‬نشاطاته‭ ‬الإرهابية‭ ‬في‭ ‬الدنمارك،‭ ‬بإدراج‭ ‬هذين‭ ‬الشخصين‭ ‬والفرع‭ ‬الرئيسي‭ ‬للمخابرات‭ ‬الإيرانية‭ ‬في‭ ‬القائمة‭ ‬الأوروبية‭ ‬للإرهاب‭.‬

ونحن‭ ‬هنا‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬أمام‭ ‬واقع‭ ‬مرير‭: ‬من‭ ‬جهة‭ ‬نظام‭ ‬مارق‭ ‬وخارج‭ ‬على‭ ‬المبادئ‭ ‬الدولية‭ ‬يعمل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬زعزعة‭ ‬استقرار‭ ‬جميع‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬نظام‭ ‬يحكم‭ ‬بالقتل‭ ‬والإعدام‭ ‬والإرهاب‭ ‬داخل‭ ‬إيران،‭ ‬ويقوم‭ ‬بتصدير‭ ‬المجازر‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬الدول،‭ ‬وقد‭ ‬دبّر‭ ‬وخطّط‭ ‬لمجزرة‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬بتفجير‭ ‬اجتماع‭ ‬كبير‭ ‬للمقاومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬بحضور‭ ‬عشرات‭ ‬الألوف،‭ ‬وكل‭ ‬الجهات‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وأوروبا‭ ‬لديها‭ ‬علم‭ ‬كامل‭ ‬بما‭ ‬حدث،‭ ‬فكان‭ ‬لزاماً‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬المخطط،‭ ‬أقلها‭ ‬إغلاق‭ ‬سفارات‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مركز‭ ‬العمليات،‭ ‬والآن،‭ ‬هل‭ ‬تريد‭ ‬فرنسا‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬أبسط‭ ‬مبادئ‭ ‬الأمن‭ ‬لمواطنيها‭ ‬واللاجئين؟‭ ‬وما‭ ‬نتيجة‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الفعل؟‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭ ‬تقول‭ ‬لنا‭ ‬إن‭ ‬التقاعس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬استظهار‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬جرائمه‭ ‬لينفذ‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬ما‭ ‬فشل‭ ‬فيه‭ ‬هذه‭ ‬المرّة،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬نظرنا‭ ‬إلى‭ ‬تاريخ‭ ‬سياسة‭ ‬المسايرة‭ ‬والمهادنة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سياسة‭ ‬أوروبا‭ ‬حيال‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬وكانت‭ ‬نتيجتها‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الإعدامات‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬وقتل‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬شعوب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وما‭ ‬شاهدناه‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬واليمن‭ ‬والعراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وأفغانستان‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬البلدان‭. ‬

بعد‭ ‬أربعين‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬والاغتيالات‭ ‬تم‭ ‬إلقاء‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬دبلوماسي‭ ‬إرهابي‭ ‬رسمي‭ ‬فيجب‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬ما‭ ‬بوسعه‭ ‬لمنع‭ ‬هروبه‭ ‬من‭ ‬العدالة،‭ ‬وفي‭ ‬الختام‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬التذكير‭ ‬بما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬31‭ ‬عاماً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬إيران‭: ‬ارتكاب‭ ‬مجزرة‭ ‬كبرى‭ ‬بحق‭ ‬ثلاثين‭ ‬ألفاً‭ ‬من‭ ‬السجناء‭ ‬السياسيين‭ ‬من‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬وغيرهم‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬وصمت‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والتغاضي‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المجزرة‭ ‬دفعا‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬للشعور‭ ‬بأنه‭ ‬مبسوط‭ ‬اليد‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬أية‭ ‬جريمة‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬وخارجها،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تتكرر‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭. ‬

“سياسة‭ ‬المسايرة‭ ‬والمهادنة‭ ‬مع‭ ‬النظام‭ ‬أنتجت‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الإعدامات‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬وقتل‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬شعوب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط”‭.‬

 

“إيلاف”‭.‬