مدرسة المحافظة الجنوبية الفاضلة

| مشعل العبسي

المجالس‭ ‬مدارس،‭ ‬مثل‭ ‬شعبي‭ ‬ردده‭ ‬الأجداد‭ ‬وطبقه‭ ‬الآباء‭ ‬وتعلم‭ ‬منه‭ ‬الأبناء‭ ‬وسيتوارثه‭ ‬الأحفاد،‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬عمق‭ ‬دلالته‭ ‬ومغزاه،‭ ‬فهو‭ ‬يختزل‭ ‬ما‭ ‬للمجالس‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬الوجدان‭ ‬المجتمعي،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬ملتقى‭ ‬للحديث،‭ ‬وليست‭ ‬مجرد‭ ‬حلقة‭ ‬وصل‭ ‬المضيف‭ ‬والضيف‭ ‬أو‭ ‬بين‭ ‬الحاكم‭ ‬والمحكوم،‭ ‬إنما‭ ‬اعتباراتها‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬هذا‭.‬

المحافظة‭ ‬الجنوبية‭ ‬التي‭ ‬أنتمي‭ ‬لها‭ ‬وأخصها‭ ‬بهذا‭ ‬المقال‭ ‬الأول،‭ ‬والتي‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬بارز‭ ‬وأساسي‭ ‬في‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الأهمية‭ ‬والمكانة‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭ ‬المجالس،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مفردات‭ ‬التراث‭ ‬الحضاري‭ ‬والثقافي‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬وأهمية‭ ‬دورها‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬والسياسي،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬مجلس‭ ‬سيدي‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأمين‭ ‬في‭ ‬قصره‭ ‬الزاهر‭ ‬والمجلس‭ ‬الأسبوعي‭ ‬لمحافظ‭ ‬المحافظة‭ ‬الجنوبية‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بن‭ ‬خليفة‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حفظه‭ ‬الله،‭ ‬فهي‭ ‬عادة‭ ‬أشبه‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬بالبرلمانات‭ ‬المفتوحة‭ ‬حيث‭ ‬يستطيع‭ ‬الجميع‭ ‬الإدلاء‭ ‬برأيه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الممارسات‭ ‬الحياتية‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬النواحي‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬المجتمع‭ ‬المحلي،‭ ‬وكما‭ ‬أنها‭ ‬فرصة‭ ‬للتلاقي‭ ‬وتبادل‭ ‬الآراء‭ ‬ووجهات‭ ‬النظر‭ ‬التي‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ ‬والتطور‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬فيه‭ ‬تتجاوز‭ ‬كل‭ ‬التعقيدات‭ ‬والرسميات،‭ ‬حيث‭ ‬يستطيع‭ ‬الشاب‭ ‬الناشئ‭ ‬الاستزادة‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والطروحات‭ ‬التي‭ ‬يبديها‭ ‬الكبار‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬التجارب‭ ‬والخبرات،‭ ‬واستفادة‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬حماس‭ ‬وأفكار‭ ‬وحيوية‭ ‬الابن‭ ‬الناشئ‭.‬

إن‭ ‬تبني‭ ‬أبناء‭ ‬المحافظة‭ ‬الجنوبية‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬لهذا‭ ‬الفكر‭ ‬والاقتداء‭ ‬بمجالس‭ ‬أولي‭ ‬الأمر‭ ‬حفظهم‭ ‬الله،‭ ‬وانتشار‭ ‬المجالس‭ ‬بكل‭ ‬أشكالها‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬أبنائها‭ ‬لهو‭ ‬شيء‭ ‬يدعو‭ ‬للفخر‭ ‬فـ‭ (‬يصقل‭ ‬المرء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تربى‭ ‬عليه‭) ‬فالمثل‭ ‬الشعبي‭ ‬المجالس‭ ‬مدارس‭ ‬يُعبر‭ ‬بصدق‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬التي‭ ‬يتسم‭ ‬بها‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬ككل‭ ‬والجنوبية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬ففيها‭ ‬من‭ ‬الفضائل‭ ‬والأخلاق‭ ‬الشيء‭ ‬الذي‭ ‬يذكر‭ ‬مثل‭ ‬معاني‭ ‬احترام‭ ‬الكبير‭ ‬وتوقيره‭ ‬وقيمة‭ ‬العمل‭ ‬ومفاهيم‭ ‬التراحم‭ ‬والاحتفاء‭ ‬بالضيف‭ ‬وآداب‭ ‬الحوار‭ ‬والإصغاء‭ ‬ونهل‭ ‬الخبرات‭ ‬ممن‭ ‬خبروا‭ ‬الحياة‭ ‬قبلنا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬انصهار‭ ‬الأفكار‭ ‬والآراء‭.‬

بوركت‭ ‬المملكة‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬التجمعات‭ ‬والمجالس،‭ ‬وننهض‭ ‬أيضاً‭ ‬نحن‭ ‬بسياسة‭ ‬الباب‭ ‬المفتوح،‭ ‬حيث‭ ‬للمجلس‭ ‬دور‭ ‬بارز‭ ‬في‭ ‬توحيد‭ ‬الفكرة‭ ‬بعد‭ ‬التشتيت‭ ‬والرأي‭ ‬بعد‭ ‬الآراء‭ ‬والصلح‭ ‬بعد‭ ‬الاختلاف‭ ‬والعلم‭ ‬بعد‭ ‬الجهل‭.‬