عن مجاهدي خلق كبديل لنظام ولاية الفقيه (1)

| نزار جاف

في‭ ‬عام‭ ‬2004،‭ ‬وعندما‭ ‬بدأت‭ ‬كتابة‭ ‬مقالات‭ ‬أتناول‭ ‬فيها‭ ‬الشأن‭ ‬الإيراني،‭ ‬شرعت‭ ‬بالكتابة‭ ‬عن‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬المعارضة‭ ‬ويومها‭ ‬كانت‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وواجهت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الانتقادات‭ ‬التي‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المنظمة‭ ‬صارت‭ ‬مجرد‭ ‬عنوان‭ ‬لواقع‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬له‭ ‬وجود،‭ ‬لكنني‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬معلوماتي‭ ‬الواسعة‭ ‬عن‭ ‬المنظمة‭ ‬وتاريخها‭ ‬النضالي‭ ‬منذ‭ ‬عهد‭ ‬الشاه،‭ ‬كنت‭ ‬واثقا‭ ‬من‭ ‬القدرات‭ ‬غير‭ ‬العادية‭ ‬لها‭ ‬وأنها‭ ‬ستبقى‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬المعادلة‭ ‬السياسية‭ ‬الإيرانية‭.‬

عندما‭ ‬كانت‭ ‬أبواق‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬تعلن‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬“مجاهدي‭ ‬خلق”‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬ووجود‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬وأنه‭ ‬تم‭ ‬حسم‭ ‬أمرها،‭ ‬وكان‭ ‬هناك‭ ‬“حشد‭ ‬إعلامي”‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬وأقلام‭ ‬عربية‭ ‬تقوم‭ ‬باجترار‭ ‬ما‭ ‬تعلنه‭ ‬تلك‭ ‬الأبواق‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تمعن‭ ‬أو‭ ‬تدقيق،‭ ‬فإن‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يلفت‭ ‬النظر‭ ‬كثيرا،‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يمر‭ ‬عام‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬السلطات‭ ‬الإيرانية‭ ‬بتوجيه‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬للمنظمة‭ ‬بدور‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬ومسائل‭ ‬مختلفة،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬ينتبه‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬“الحشد‭ ‬الإعلامي”‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬وفي‭ ‬ذروة‭ ‬الزعم‭ ‬بانتهاء‭ ‬دور‭ ‬المنظمة،‭ ‬كانوا‭ ‬يطالبون‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬بالانتباه‭ ‬لأبنائهم‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬يتأثروا‭ ‬بأفكار‭ ‬وطروحات‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬وينضموا‭ ‬إليها،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬أية‭ ‬عملية‭ ‬أو‭ ‬حادثة‭ ‬كانت‭ ‬تقع‭ ‬فإن‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬الإيرانية‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬تلقي‭ ‬المسؤولية‭ ‬على‭ ‬المنظمة،‭ ‬ولا‭ ‬ندري‭ ‬كيف‭ ‬يتم‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الشيء‭ ‬ونقيضه‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يفعل‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬بخصوص‭ ‬موقفه‭ ‬من‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭.‬

هناك‭ ‬حقيقة‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬على‭ ‬الإعلام‭ ‬العربي‭ ‬الانتباه‭ ‬لها‭ ‬جيدا،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬تم‭ ‬إدراجها‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬إثر‭ ‬“صفقة”‭ ‬مشبوهة‭ ‬بين‭ ‬إدارة‭ ‬الرئيس‭ ‬بيل‭ ‬كلينتون‭ ‬أيام‭ ‬كانت‭ ‬مزاعم‭ ‬الاعتدال‭ ‬والإصلاح‭ ‬في‭ ‬ذروتها‭ ‬وقد‭ ‬اعتقدت‭ ‬هذه‭ ‬الإدارة‭ ‬أنها‭ ‬ستحتوي‭ ‬وتعيد‭ ‬تأهيل‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه،‭ ‬لكن‭ ‬خروج‭ ‬المنظمة‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬صفقة،‭ ‬إنما‭ ‬إثر‭ ‬معركة‭ ‬قضائية‭ ‬خاضتها‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬الأوروبية‭ ‬والأميركية‭ ‬حتى‭ ‬أثبتت‭ ‬براءتها،‭ ‬وهنا‭ ‬أود‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وقع‭ ‬وصدى‭ ‬خروج‭ ‬المنظمة‭ ‬من‭ ‬قائمة‭ ‬الإرهاب‭ ‬نزل‭ ‬نزول‭ ‬الصاعقة‭ ‬على‭ ‬طهران‭ ‬لأنها‭ ‬كانت‭ ‬تعرف‭ ‬ماذا‭ ‬كان‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬سيقود،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬حجب‭ ‬هذا‭ ‬الخبر‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬وسائل‭ ‬إعلام‭ ‬النظام‭ ‬عن‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬عند‭ ‬إعلانه‭!‬

التشكيك‭ ‬في‭ ‬المنظمة‭ ‬وأفكارها‭ ‬ومبادئها‭ ‬وتاريخها،‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يشكل‭ ‬جانبا‭ ‬أساسيا‭ ‬من‭ ‬الحملة‭ ‬المستمرة‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ضدها،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬معرفته‭ ‬هنا‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬وطبقا‭ ‬لنظرية‭ ‬التحدي‭ ‬والاستجابة‭ ‬للفيلسوف‭ ‬والمؤرخ‭ ‬الإنجليزي‭ ‬“أرنولد‭ ‬توينبي”،‭ ‬فإنه‭ ‬ليس‭ ‬لدى‭ ‬المنظمة‭ ‬من‭ ‬حسابات‭ ‬لكي‭ ‬تقوم‭ ‬بتصفيتها‭ ‬مع‭ ‬تاريخها،‭ ‬بل‭ ‬إنه‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة‭ ‬أن‭ ‬تبادر‭ ‬إلى‭ ‬تصفية‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬الكم‭ ‬المشبوه‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬أخذتها‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬بخصوص‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬ولاسيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أثبتت‭ ‬الأحداث‭ ‬والتطورات‭ ‬كذب‭ ‬وزيف‭ ‬معظمها،‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬فإن‭ ‬حادثة‭ ‬تفجير‭ ‬الحرم‭ ‬الرضوي‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬حزيران‭ ‬1994،‭ ‬والتي‭ ‬أسفرت‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬25‭ ‬زائرا‭ ‬وجرح‭ ‬المئات،‭ ‬تبين‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬تورط‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحادثة‭. ‬“إيلاف”‭.‬