“عش رجبا... ترَ عجبا”

| زهير توفيقي

تداولت‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والصحف‭ ‬ووكالات‭ ‬الأنباء‭ ‬خبر‭ ‬شقيق‭ ‬طفل‭ ‬حديث‭ ‬الولادة‭ ‬وهو‭ ‬يطلق‭ ‬أعيرة‭ ‬نارية‭ ‬أمام‭ ‬الطفل‭ ‬الرضيع‭ ‬وكذلك‭ ‬إدخال‭ ‬المسدس‭ ‬في‭ ‬فم‭ ‬المولود‭ ‬ليشم‭ ‬رائحة‭ ‬الطلقة‭ ‬النارية‭! ‬خبر‭ ‬أقرب‭ ‬من‭ ‬الخيال،‭ ‬وحتى‭ ‬إذا‭ ‬افترضنا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬قد‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬فرحته‭ ‬وابتهاجه‭ ‬بقدوم‭ ‬المولود‭ ‬الجديد،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يعفينا‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬عليه‭ ‬واعتبار‭ ‬أنه‭ ‬يستحق‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬العقوبة‭.‬

نعم،‭ ‬أحيانا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬صارمين‭ ‬في‭ ‬قراراتنا‭ ‬ولا‭ ‬تأخذنا‭ ‬العواطف‭ ‬والاعتبارات‭ ‬الأخرى،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬اقتناءه‭ ‬المسدس‭ ‬قضية‭ ‬أخرى‭ ‬يجب‭ ‬اتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬القانونية‭ ‬حيالها‭.‬

تصرفات‭ ‬غريبة‭ ‬وعجيبة‭ ‬نراها‭ ‬ونسمعها‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬نصل‭ ‬والله‭ ‬هو‭ ‬الحافظ،‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نرى‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬الشاذة‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث‭ ‬وليس‭ ‬القديم،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬ماذا‭ ‬حدث‭ ‬للناس‭ ‬وأي‭ ‬فيروس‭ ‬يحملونه،‭ ‬قصص‭ ‬غريبة‭ ‬وعجيبة‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬وأنا‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬أقصد‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الشرقية‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬ولا‭ ‬أريد‭ ‬ذكرها‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬قراء‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬يتلقون‭ ‬نفس‭ ‬الأخبار‭ ‬التي‭ ‬تصلني‭.‬

بصراحة‭ ‬وعودة‭ ‬إلى‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬النار‭ ‬بجوار‭ ‬شقيقه‭ ‬الرضيع‭ ‬فأنا‭ ‬تواق‭ ‬لمعرفة‭ ‬الحكم‭ ‬الذي‭ ‬سيصدر‭ ‬بحقه،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صارما‭ ‬ليكون‭ ‬قدوة‭ ‬للغير‭ ‬وفرض‭ ‬القانون‭ ‬على‭ ‬الجميع‭. ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وليس‭ ‬الحصر،‭ ‬فقد‭ ‬قرأت‭ ‬مؤخرا‭ ‬خبرا‭ ‬بأن‭ ‬مدرسا‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬قام‭ ‬بمحاولة‭ ‬استدراج‭ ‬أحد‭ ‬طلبته‭ ‬للتحرش‭ ‬به‭ ‬جنسيا،‭ ‬وبالفعل‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬ولكن‭ ‬لم‭ ‬يتسن‭ ‬له‭ ‬عمل‭ ‬الفاحشة‭ ‬والحمد‭ ‬لله،‭ ‬وقد‭ ‬أعجبت‭ ‬كثيرا‭ ‬بقرار‭ ‬المحكمة‭ ‬الذي‭ ‬حكم‭ ‬عليه‭ ‬بالمؤبد،‭ ‬نعم‭ ‬بالمؤبد،‭ ‬وقد‭ ‬أيد‭ ‬القاضي‭ ‬الحكم،‭ ‬معتبرا‭ ‬أن‭ ‬المدرس‭ ‬وبحكم‭ ‬طبيعة‭ ‬عمله‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬معلما‭ ‬فاضلا‭ ‬ومربيا‭ ‬وقدوة‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة،‭ ‬شخصيا‭ ‬اعتبرته‭ ‬قاسيا‭ ‬جدا‭ ‬جدا‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬أتفهم‭ ‬جيدا‭ ‬حيثيات‭ ‬الحكم‭.‬

من‭ ‬الضروري‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬سلفا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬صارمين‭ ‬تجاه‭ ‬أبنائنا‭ ‬في‭ ‬بيوتنا‭ ‬وموظفينا‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬العمل‭ ‬وطلبتنا‭ ‬في‭ ‬مدارسنا‭ ‬وجامعاتنا‭... ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتهاون‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬تقصير‭ ‬أو‭ ‬أخطاء‭ ‬يرتكبها‭ ‬الناس،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬نكون‭ ‬أيضا‭ ‬منصفين‭ ‬تجاههم‭. ‬الانضباط،‭ ‬والاحترام،‭ ‬والإخلاص،‭ ‬والتصرف‭ ‬السليم،‭ ‬وباقي‭ ‬السلوكيات‭ ‬والأخلاق‭ ‬الحميدة‭ ‬المذكورة‭ ‬في‭ ‬ديننا‭ ‬الحنيف‭ ‬هي‭ ‬جميعها‭ ‬مهمة‭ ‬جدا‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬أبنائنا‭ ‬ويجب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬لنستطيع‭ ‬ولادة‭ ‬أفضل‭ ‬الأجيال‭ ‬ليمثلونا‭ ‬ويمثلون‭ ‬وطنهم‭ ‬أحسن‭ ‬تمثيل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المحافل‭. ‬“عش‭ ‬رجبا‭... ‬ترى‭ ‬عجبا”‭.‬