ستة على ستة

إقالة بولتون وقرار الحرب ضد إيران

| عطا السيد الشعراوي

راجت‭ ‬التحليلات‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬قيام‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بإقالة‭ ‬مستشاره‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬جون‭ ‬بولتون‭ ‬وبين‭ ‬حدوث‭ ‬تغير‭ ‬نوعي‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬باتجاه‭ ‬تخفيف‭ ‬حدة‭ ‬التصاعد‭ ‬والتحول‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬التهديدات‭ ‬والعقوبات‭ ‬إلى‭ ‬المحفزات،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬صحيفة‭ ‬كالجارديان‭ ‬البريطانية‭ ‬عزت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬إلى‭ ‬موقف‭ ‬بولتون‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬وتحديدا‭ ‬رفضه‭ ‬ترتيب‭ ‬لقاء‭ ‬بين‭ ‬ترامب‭ ‬والرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬حسن‭ ‬روحاني،‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬الجمعية‭ ‬العمومية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬تمهيدا‭ ‬لتخفيف‭ ‬العقوبات‭ ‬على‭ ‬إيران‭.‬

كما‭ ‬ألمحت‭ ‬صحيفة‭ ‬مثل‭ ‬“ذا‭ ‬ديلي‭ ‬بيست”‭ ‬الأميركية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬يفكر‭ ‬بجدية‭ ‬ومنفتح‭ ‬على‭ ‬المبادرة‭ ‬الفرنسية‭ ‬وما‭ ‬تضمنته‭ ‬من‭ ‬بنود‭ ‬أهمها‭ ‬توفير‭ ‬خط‭ ‬ائتمان‭ ‬بقيمة‭ ‬15‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬لإيران،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬امتثلت‭ ‬إيران‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬المبرم‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬عام‭ ‬2015م‭.‬

ورأيي‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التحليلات‭ ‬مفرطة‭ ‬في‭ ‬التفاؤل‭ ‬ومتسرعة‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬مستقبل‭ ‬السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬شخصية‭ ‬معروفة‭ ‬بأنها‭ ‬كانت‭ ‬تميل‭ ‬لتبني‭ ‬خيارات‭ ‬وقرارات‭ ‬صارمة‭ ‬تجاه‭ ‬طهران،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬نفسه‭ ‬حين‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬إقالة‭ ‬بولتون‭ ‬ووصفه‭ ‬بالـ‭ ‬“كارثة”‭ ‬وأسلوبه‭ ‬بـ‭ ‬“المتعنت‭ ‬الفظ”،‭ ‬استشهد‭ ‬بقضايا‭ ‬مثل‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬وفنزويلا‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يذكر‭ ‬إيران‭.‬

وخلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة‭ ‬تحدث‭ ‬ترامب‭ ‬عن‭ ‬إلغاء‭ ‬ضربة‭ ‬عسكرية‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬قرر‭ ‬شنها‭ ‬ضد‭ ‬إيران،‭ ‬وتم‭ ‬هذا‭ ‬الإلغاء‭ ‬بوجود‭ ‬بولتون‭ ‬بمنصبه‭ ‬كمستشار‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬ولم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬فرض‭ ‬قرار‭ ‬الضرب‭ ‬أو‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬إيران‭.‬

نحن‭ ‬إزاء‭ ‬دولة‭ ‬مؤسسات‭ ‬راسخة‭ ‬تتخذ‭ ‬القرارات‭ ‬فيها‭ ‬بآلية‭ ‬محكمة‭ ‬ومشاركة‭ ‬مؤسسات‭ ‬عدة‭ ‬لكل‭ ‬منها‭ ‬دورها‭ ‬واختصاصاتها،‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬بصدد‭ ‬قرار‭ ‬كالحرب‭ ‬ضد‭ ‬دولة‭ ‬كإيران،‭ ‬فهنا‭ ‬يتضاءل‭ ‬كثيرا‭ ‬تأثير‭ ‬الأشخاص‭ ‬لصالح‭ ‬المؤسسات‭ ‬والحسابات‭ ‬الدقيقة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الأهواء‭.‬

السياسة‭ ‬الأميركية‭ ‬تجاه‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬حالها‭ ‬منذ‭ ‬وصول‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬وتأتي‭ ‬تنفيذا‭ ‬لما‭ ‬وعد‭ ‬به‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬وقبل‭ ‬مجيء‭ ‬بولتون‭.‬