زبدة القول

منظمات حقوق الإنسان تنتهك حقوق الإنسان!

| د. بثينة خليفة قاسم

إلى‭ ‬متى‭ ‬سنظل‭ ‬نتعرض‭ ‬للابتزاز‭ ‬والتقارير‭ ‬المفبركة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬دليل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بمنظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان؟‭ ‬وإلى‭ ‬متى‭ ‬سنظل‭ ‬متموضعين‭ ‬في‭ ‬موضع‭ ‬المدافعين‭ ‬عن‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التقارير‭ ‬الابتزازية‭ ‬المضللة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تشبه‭ ‬التقارير‭ ‬الصحافية‭ ‬التي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬الإثارة‭ ‬وجذب‭ ‬القراء‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬نشر‭ ‬ما‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬عواطف‭ ‬الناس‭!‬

هذا‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬بعض‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬بنشر‭ ‬تقارير‭ ‬مرسلة‭ ‬غير‭ ‬موثقة‭ ‬لا‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬عن‭ ‬إساءة‭ ‬معاملة‭ ‬سجينات‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬فهل‭ ‬أصبحت‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬الصحف‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تنشر،‭ ‬حيث‭ ‬النشر‭ ‬هو‭ ‬مصدر‭ ‬رزقها‭ ‬وعيشها‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬الموضوعات‭ ‬جادة‭ ‬أو‭ ‬مبتذلة‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬حجم‭ ‬الضرر‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬جراء‭ ‬ما‭ ‬تنشره‭.‬

من‭ ‬السهل‭ ‬جدا‭ ‬أن‭ ‬يستمع‭ ‬منسوبو‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬لأي‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬قريب‭ ‬لأحد‭ ‬المسجونين‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬هارب‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭ ‬ناقم‭ ‬على‭ ‬الجميع،‭ ‬لكن‭ ‬أين‭ ‬المصداقية‭ ‬وأين‭ ‬المعايير‭ ‬المهنية‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬تقارير‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬مصادر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬مصادر‭ ‬من‭ ‬الأساس؟‭ ‬هل‭ ‬يتوقع‭ ‬من‭ ‬سجين‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬ذويه‭ ‬أن‭ ‬يشكروا‭ ‬السجن؟

الناس‭ ‬يدخلون‭ ‬السجن‭ ‬بغير‭ ‬إرادتهم‭ ‬كعقوبة‭ ‬على‭ ‬جريمة‭ ‬أو‭ ‬جنحة‭ ‬أو‭ ‬مخالفة‭ ‬ارتكبوها،‭ ‬والسجن‭ ‬ليس‭ ‬مكانا‭ ‬للتنزه‭ ‬والاستجمام،‭ ‬لكنه‭ ‬مكان‭ ‬للإصلاح‭ ‬والتأهيل‭ ‬لإعادة‭ ‬الإنسان‭ ‬المخطئ‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬البشر‭ ‬العاديين‭. ‬لقد‭ ‬قرأنا‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬في‭ ‬تقارير‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بمنظمات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬عبارات‭ ‬مثل‭: ‬وقال‭ ‬حسن‭ ‬من‭ ‬محافظة‭ ‬كذا‭ ‬أنه‭ ‬تعرض‭ ‬للضرب،‭ ‬وقال‭ ‬عمر‭ ‬من‭ ‬محافظة‭ ‬كذا‭ ‬أنه‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬غير‭ ‬صحية‭ ‬داخل‭ ‬السجن‭! ‬وقال‭ ‬حمدان‭ ‬من‭ ‬قرية‭ ‬كذا‭ ‬أنه‭ ‬مصاب‭ ‬بالضغط‭ ‬والسكر‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬ينال‭ ‬أية‭ ‬رعاية‭ ‬طبية‭! ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬يعرف‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬حسن‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬عمر‭ ‬ومن‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬حمدان‭! ‬فكل‭ ‬قرية‭ ‬بها‭ ‬ألف‭ ‬حسن‭ ‬وألف‭ ‬عمر‭ ‬وألف‭ ‬حمدان‭! ‬وهكذا‭ ‬تستند‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬إلى‭ ‬عشرات‭ ‬المصادر‭ ‬المجهولة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬سبيل‭ ‬للتحقق‭ ‬من‭ ‬صدقها‭ ‬وحيادها‭!‬

لقد‭ ‬قتل‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬رؤساء‭ ‬وجيوش‭ ‬في‭ ‬حروب‭ ‬ظالمة‭ ‬لا‭ ‬شرعية‭ ‬لها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬ولم‭ ‬تنطق‭ ‬دكاكين‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬بكلمة،‭ ‬وكأن‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬خلقت‭ ‬فقط‭ ‬لدول‭ ‬بعينها‭ ‬تقوم‭ ‬بابتزازها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تقارير‭ ‬قال‭ ‬حسن‭ ‬وقال‭ ‬عمر‭ ‬وقال‭ ‬حمدان،‭ ‬وأفضل‭ ‬رد‭ ‬قالته‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬ردها‭ ‬على‭ ‬تقارير‭ ‬هذه‭ ‬المنظمات‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التقارير‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬انتهاك‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬