مواقف إدارية

فعلاً الجو طقس اليوم!

| أحمد البحر

أستذكر‭ ‬موقفًا‭ ‬لأحد‭ ‬الزملاء‭ ‬البسطاء‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬ظروف‭ ‬الحياة‭ ‬أن‭ ‬يكملوا‭ ‬دراستهم‭ ‬الابتدائية‭ ‬أو‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يدّعيه‭.‬

هذا‭ ‬الزميل‭ ‬كانت‭ ‬لديه‭ ‬هواية‭ ‬غير‭ ‬عادية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يحضر‭ ‬المجالس‭ ‬والمنتديات‭ ‬ويحفظ‭ ‬بعض‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬ويقوم‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬بإعادة‭ ‬ما‭ ‬سمعه‭ ‬لزملائه‭ ‬ومعارفه‭ ‬وكأنه‭ ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬تلك‭ ‬المقولة‭ ‬أو‭ ‬المعلومة‭. ‬طبعًا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬زميلنا‭ ‬هذا‭ ‬يفقه‭ ‬معظم‭ ‬ما‭ ‬يكرره‭.‬

في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬قرر‭ ‬أحدهم‭ ‬ترتيب‭ ‬مقلب‭ ‬لهذا‭ ‬الشخص؛‭ ‬لكي‭ ‬يكف‭ ‬عن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات،‭ ‬فاتفق‭ ‬مع‭ ‬الحاضرين‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يلزموا‭ ‬الصمت‭ ‬أثناء‭ ‬حواره‭ ‬مع‭ ‬ذاك‭ ‬الزميل‭ ‬الذي‭ ‬دخل‭ ‬للتو‭ ‬المجلس،‭ ‬فبادره‭ ‬صاحب‭ ‬المقلب‭ ‬قائلًا‭ ‬وكأنه‭ ‬يمسح‭ ‬عرقه‭ ‬ويتأفف‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬الحرارة‭: ‬’’صج‭ ‬الجو‭ ‬طقس‭ ‬اليوم‘‘‭. ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬زميلنا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يعلق‭ ‬وبتلقائية‭: ‬نعم‭ ‬اليوم‭ ‬صج‭ ‬الجو‭ ‬طقس‭!‬

سيدي‭ ‬القارئ،‭ ‬قد‭ ‬يتجاوز‭ ‬الكاتب‭ ‬أو‭ ‬المحاضر‭ ‬الأصول‭ ‬المرعية‭ ‬وينسب‭ ‬مقولة‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬تجربة‭ ‬ما‭ ‬لنفسه‭ ‬دون‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬المصدر،‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يحدث‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬ينتبه‭ ‬إليه‭ ‬البعض‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يغض‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬خصوصا‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬الشخص‭ ‬متمكنا‭ ‬من‭ ‬المادة‭ ‬العلمية‭ ‬وعلى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬والمعرفة‭ ‬فيعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬توارد‭ ‬أفكار‭ ‬أو‭ ‬تشابها‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬أو‭ ‬الرأي‭. ‬ولكن‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تقبله،‭ ‬بل‭ ‬يثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاشمئزاز،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬ينقل‭ ‬الكاتب‭ ‬أو‭ ‬المحاضر‭ ‬مقولة‭ ‬أو‭ ‬تجربة‭ ‬وينسبها‭ ‬لنفسه،‭ ‬وعندما‭ ‬يطلب‭ ‬منه‭ ‬التوضيح‭ ‬يتيه‭ ‬في‭ ‬دروب‭ ‬الارتباك‭ ‬وتبان‭ ‬الحقيقة‭.‬

في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المواقف‭ ‬يكون‭ ‬المتحدث‭ ‬أو‭ ‬المحاضر‭ ‬قد‭ ‬أباح‭ ‬لنفسه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬محل‭ ‬تندر‭ ‬وأوجد‭ ‬المبرر‭ ‬الكافي‭ ‬لبعض‭ ‬الحضور‭ ‬لأن‭ ‬يتركوا‭ ‬القاعة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬خبرته‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬هذه‭ ‬المناسبات‭ ‬قبل‭ ‬فترة‭. ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬فرغ‭ ‬المتحدث‭ ‬من‭ ‬إلقاء‭ ‬محاضرته‭ ‬طلب‭ ‬منه‭ ‬أحد‭ ‬الحضور‭ ‬شرح‭ ‬وتوضيح‭ ‬عبارة‭ ‬كان‭ ‬يرددها‭ ‬خلال‭ ‬محاضرته‭. ‬حاول‭ ‬المحاضر‭ ‬الإجابة‭ ‬ولكنه‭ ‬لم‭ ‬ينجح،‭ ‬ففاقد‭ ‬الشيء‭ ‬لا‭ ‬يعطيه‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعرف‭ ‬الإجابة‭ ‬ولم‭ ‬يعترف‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يعرف،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬بأحد‭ ‬الحاضرين‭ ‬للتدخل‭ ‬والإجابة‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬التساؤلات‭. ‬

ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬المحاضر‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظات؟‭! ‬إلا‭ ‬ينطبق‭ ‬عليه‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬عنوان‭ ‬المقالة؟