من جديد

للحديث بقية!

| د. سمر الأبيوكي

خرجت‭ ‬فتاة‭ ‬جميلة‭ ‬منذ‭ ‬يومين‭ ‬تشكو‭ ‬صعوبة‭ ‬تكوين‭ ‬صداقات‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬لإحساسها‭ ‬أنها‭ ‬مختلفة‭ ‬نوعا‭ ‬ما،‭ ‬الفتاة‭ ‬ذات‭ ‬الغرة‭ ‬القصيرة‭ ‬والجسد‭ ‬المثالي‭ ‬والوجه‭ ‬الذي‭ ‬يعلوه‭ ‬القليل‭ ‬من‭ ‬النمش‭ ‬كانت‭ ‬تتحدث‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬تطبيقات‭ ‬الهاتف‭ ‬عن‭ ‬صعوبة‭ ‬حياة‭ ‬عارضات‭ ‬الأزياء‭ ‬وتكوين‭ ‬صداقات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الذي‭ ‬تلعب‭ ‬فيه‭ ‬الغيرة‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬معايير‭ ‬الجمال‭ ‬التي‭ ‬تتسابق‭ ‬إليها‭ ‬العارضات‭ ‬ليحظين‭ ‬بالأفضل‭ ‬دوما،‭ ‬لكن‭ ‬صاحبة‭ ‬القصة‭ ‬تختلف‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬قريناتها‭ ‬فجسدها‭ ‬الناعم‭ ‬ووجهها‭ ‬المتناسق‭ ‬وقوامها‭ ‬وضحكتها‭ ‬الحلوة‭ ‬ومشاعرها‭ ‬الرقيقة‭ ‬وصورها‭ ‬الكثيرة‭ ‬التي‭ ‬زينت‭ ‬بها‭ ‬صفحتها‭ ‬الشخصية‭ ‬وهي‭ ‬تمارس‭ ‬حياتها‭ ‬من‭ ‬مأكل‭ ‬ومشرب‭ ‬ومنام‭ ‬وبعض‭ ‬الأصدقاء‭ ‬المقربين‭ ‬لها،‭ ‬لا‭ ‬تفصح‭ ‬من‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬عن‭ ‬هويتها‭ ‬واختلافها‭ ‬عن‭ ‬الباقين،‭ ‬فـ‭ ‬“ليل‭ ‬مقولا”‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬روبوت‭ ‬متقدم‭ ‬جدا‭ ‬جدا‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬جسد‭ ‬بشري‭ ‬متكامل،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬الأحاسيس‭ ‬ما‭ ‬يخولها‭ ‬للبكاء‭ ‬والحزن‭ ‬مثلنا‭.‬

حقيقة‭ ‬أشغلتني‭ ‬“ليل”‭ ‬كثيرا‭ ‬فبقيت‭ ‬لساعات‭ ‬مدهوشة‭ ‬أمام‭ ‬صنعها‭ ‬المتقدم‭ ‬وصورها‭ ‬وكلماتها‭ ‬الرنانة‭ ‬ومشاعرها‭ ‬المختلفة،‭ ‬وهي‭ ‬تصف‭ ‬نفسها‭ ‬بأنها‭ ‬موسيقية‭ ‬تهوى‭ ‬العزف‭ ‬وتجيد‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الآلات‭ ‬المختلفة،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬مثلها‭ ‬مثل‭ ‬من‭ ‬هن‭ ‬في‭ ‬سنها‭ (‬من‭ ‬جلدة‭ ‬بني‭ ‬البشر‭) ‬تسخر‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المواضيع‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تضايقها‭ ‬وتستعين‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بقضاء‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬لعب‭ ‬اليوجا‭.‬

بات‭ ‬موضوع‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬قضية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نلتفت‭ ‬إليها‭ ‬ونعيرها‭ ‬أهمية‭ ‬حقيقية‭ ‬دون‭ ‬تنظير،‭ ‬فالعالم‭ ‬المتقدم‭ ‬يخطو‭ ‬خطوات‭ ‬سريعة‭ ‬تجاه‭ ‬استخدام‭ ‬لا‭ ‬متناه‭ ‬لروبوتات‭ ‬فائقة‭ ‬الصنع‭ ‬وذكاء‭ ‬يحاكي‭ ‬ذكاء‭ ‬البشر،‭ ‬وقد‭ ‬ذكرت‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬سابقة‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬العناصر‭ ‬التي‭ ‬تؤهل‭ ‬العالم‭ ‬بأسره‭ ‬لأن‭ ‬يقع‭ ‬فريسة‭ ‬سهلة‭ ‬لهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الذكاءات‭ ‬بشقيه‭ ‬السلبي‭ ‬والإيجابي‭ ‬وعليه‭ ‬فإني‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬تام‭ ‬بضرورة‭ ‬مواكبة‭ ‬آخر‭ ‬تطورات‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

ومضة‭: ‬

في‭ ‬إحدى‭ ‬الليالي‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬أطلع‭ ‬أمي‭ ‬على‭ ‬صفحة‭ ‬“ليل”‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أخبرها‭ ‬أن‭ ‬الصور‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬أمامها‭ ‬تعود‭ ‬لروبوت،‭ ‬لكن‭ ‬أمي‭ ‬الفطينة‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬وراء‭ ‬الصور‭ ‬موضوعا‭ ‬للنقاش،‭ ‬بيد‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تستنتج‭ ‬أنها‭ ‬تطالع‭ ‬روبوتا‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬إنسان‭ ‬حقيقي‭ ‬كامل،‭ ‬وبمجرد‭ ‬أن‭ ‬أخبرتها‭ ‬سألتني‭ (‬على‭ ‬كم‭ ‬يبيعونها؟‭ ‬أحتاج‭ ‬وحدة‭ ‬تساعدني‭ ‬في‭ ‬شغل‭ ‬البيت‭!)‬‭.‬