أسماء عبدالله وتحدي السودان الجديد

| بدور عدنان

أتابع‭ ‬بشغف‭ ‬مستجدات‭ ‬الأوضاع‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحصل‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬يرسم‭ ‬مسارا‭ ‬مغايرا‭ ‬لما‭ ‬سبق‭ ‬من‭ ‬ثورات‭ ‬عربية‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬عدة،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الخطوط‭ ‬الواضحة‭ ‬لخطة‭ ‬العمل‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاث‭ ‬المقبلة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التوافق‭ ‬العسكري‭ ‬المدني‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬ما‭ ‬لعبته‭ ‬المرأة‭ ‬السودانية‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬وصريح‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية‭.‬

وذلك‭ ‬ما‭ ‬انعكس‭ ‬جلياً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ظفر‭ ‬المرأة‭ ‬السودانية‭ ‬بأربع‭ ‬وزارات‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬تنوعت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬والتنمية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والعمل‭ ‬ووزارة‭ ‬الشباب‭ ‬والرياضة،‭ ‬وتم‭ ‬إسناد‭ ‬حقيبة‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬السيدة‭ ‬أسماء‭ ‬عبدالله‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬وزارية‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬حيث‭ ‬باتت‭ ‬أسماء‭ ‬عبدالله‭ ‬أول‭ ‬وزيرة‭ ‬تتولى‭ ‬شغل‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬ثالث‭ ‬سيدة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬بعد‭ ‬موريتانيا‭ ‬التي‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬عينت‭ ‬سيدتين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭.‬

يعلم‭ ‬جميع‭ ‬السودانيين‭ ‬أن‭ ‬تعيين‭ ‬السيدة‭ ‬أسماء‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الصدفة‭ ‬فخبرتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬والرسمية‭ ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فصلت‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬عمر‭ ‬البشير،‭ ‬بل‭ ‬استمرت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬فالوزيرة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬محنكة‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬رائدات‭ ‬العمل‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انضمامها‭ ‬بجانب‭ ‬زميلتين‭ ‬لها‭ ‬كأول‭ ‬ثلاث‭ ‬نساء‭ ‬إلى‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬السودانية،‭ ‬حيث‭ ‬عملت‭ ‬في‭ ‬سفارات‭ ‬عدة‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬ذات‭ ‬باع‭ ‬طويل‭ ‬وخبرة‭ ‬تؤهلها‭ ‬لشغل‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭.‬

حمل‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬ليس‭ ‬باليسير،‭ ‬خصوصاً‭ ‬أن‭ ‬السيدة‭ ‬أسماء‭ ‬ستحمل‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬تصحيح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأوضاع‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬عليها‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬السابقة،‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭ ‬رفع‭ ‬السودان‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬قائمة‭ ‬الدول‭ ‬الراعية‭ ‬للإرهاب‭ ‬لكي‭ ‬تستطيع‭ ‬الخرطوم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬المادي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مؤسسات‭ ‬مثل‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي،‭ ‬فالسودان‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مساعدة‭ ‬مادية‭ ‬كبيرة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتدهورة‭ ‬التي‭ ‬قادت‭ ‬في‭ ‬الأساس‭ ‬إلى‭ ‬الثورة‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭.‬

السودان‭ ‬بلد‭ ‬عريق‭ ‬وما‭ ‬حل‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬السابقة‭ ‬لا‭ ‬يعكس‭ ‬الغنى‭ ‬الثقافي‭ ‬والتاريخي‭ ‬للسودان،‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬توفق‭ ‬السيدة‭ ‬أسماء‭ ‬في‭ ‬عملها‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬القبول‭ ‬والترحيب‭ ‬الدولي‭ ‬بالمجلس‭ ‬الانتقالي‭ ‬والحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬للسودان،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يوظف‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬إرجاع‭ ‬السودان‭ ‬إلى‭ ‬مكانتها‭ ‬الصحيحة‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬