ياسمينيات

الأزواج الأعداء

| ياسمين خلف

كم‭ ‬عدد‭ ‬الأزواج‭ ‬الذين‭ ‬يُعتبرون‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬المطلقين،‭ ‬رغم‭ ‬أنهم‭ ‬مقيدون‭ ‬في‭ ‬السجلات‭ ‬الرسمية،‭ ‬وبنظر‭ ‬حكم‭ ‬الشرع‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬متزوجين؟‭ ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬الأزواج‭ ‬الذين‭ ‬يؤدون‭ ‬أدوارهم‭ ‬كممثلين‭ ‬أمام‭ ‬عوائلهم‭ ‬والمجتمع،‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬عيشة‭ ‬الأزواج‭ ‬الطبيعية،‭ ‬ويزيلون‭ ‬أقنعة‭ ‬التمثيل‭ ‬ما‭ ‬إن‭ ‬يختلوا‭ ‬ببعضهم‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬منازلهم؟‭ ‬فتبدأ‭ ‬الحرب‭ ‬إما‭ ‬بالتلاسن‭ ‬المستمر‭ ‬أو‭ ‬بالصمت‭ ‬المطبق،‭ ‬وكلاهما‭ ‬عذاب‭ ‬وجحيم‭ ‬لا‭ ‬يُطاق‭.‬

الأعداد‭ ‬ليست‭ ‬قليلة‭ ‬للأسف،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬إحصائيات‭ ‬صريحة‭ ‬تثبت‭ ‬ذلك،‭ ‬فالطلاق‭ ‬العاطفي‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الزوجين‭ ‬غريبين‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكونا‭ ‬عدوين‭ ‬يُدمر‭ ‬الأسر‭ ‬وينخر‭ ‬في‭ ‬استقرارها‭ ‬ربما‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الطلاق‭ ‬المعلن‭ ‬الشرعي‭ ‬الذي‭ ‬يمارس‭ ‬الأزواج‭ ‬بعده‭ ‬حياتهم‭ ‬الطبيعية،‭ ‬كأن‭ ‬يجد‭ ‬شريكا‭ ‬آخر،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬ينعم‭ ‬بهدوء‭ ‬نفسي‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬المشاحنات‭ ‬والخلافات‭ ‬اليومية‭ ‬التي‭ ‬تهدم‭ ‬النفسية‭ ‬وتدمرها‭. ‬

أسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬قد‭ ‬تُسهم‭ ‬في‭ ‬اتساع‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬ليغدوا‭ ‬بعدها‭ ‬عدوين،‭ ‬منها‭ ‬سوء‭ ‬عدالة‭ ‬توزيع‭ ‬المسؤوليات،‭ ‬وعدم‭ ‬القيام‭ ‬بالواجبات‭ ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬المطالبة‭ ‬بالحقوق،‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬أسلوب‭ ‬المعاملة‭ ‬والتخاطب،‭ ‬فتذوب‭ ‬حينها‭ ‬كل‭ ‬عاطفة‭ ‬ومودة‭ ‬وتنتهي‭ ‬بعدها‭ ‬الرحمة‭! ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬الأنانية،‭ ‬والاتكالية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬عدم‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬الحياة‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬الأسباب‭.‬

أن‭ ‬تُبنى‭ ‬الحواجز‭ ‬النفسية‭ ‬بين‭ ‬الزوجين،‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬تبادل‭ ‬المشاعر‭ ‬والأحاسيس‭ ‬الودية،‭ ‬وتبدأ‭ ‬العلاقة‭ ‬الرسمية‭ ‬بينهما،‭ ‬والتي‭ ‬بلا‭ ‬مبالغة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬أشبه‭ ‬بعلاقة‭ ‬الموظفين‭ ‬بالمكاتب‭ ‬وربما‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬رسمية‭ ‬وجفافا‭ ‬في‭ ‬المعاملة،‭ ‬لإحساس‭ ‬الزوجين‭ ‬أو‭ ‬أحدهما‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬جدوى‭ ‬من‭ ‬الحوار‭ ‬والمصارحة،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يرغمهما‭ ‬في‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬الأبناء،‭ ‬ونظرة‭ ‬المجتمع‭ ‬لهما‭ ‬بعد‭ ‬الانفصال‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الغالبية‭ ‬اليوم‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تأبه‭ ‬لذلك،‭ ‬والطامة‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬الزوجين‭ ‬يسعى‭ ‬جاهداً‭ ‬لردم‭ ‬الفجوة‭ ‬ومنع‭ ‬تصدع‭ ‬العلاقة‭ ‬بينهما،‭ ‬وعدم‭ ‬مبالاة‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تماديه‭ ‬في‭ ‬التصرفات‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬الهوة‭ ‬بينهما‭! ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يتجاهله‭ ‬معظم‭ ‬الأزواج‭ ‬أن‭ ‬العاطفة‭ ‬شأنها‭ ‬شأن‭ ‬أية‭ ‬نبتة،‭ ‬تعيش‭ ‬وتزهر‭ ‬كلما‭ ‬رويتها،‭ ‬وتذبل‭ ‬شيئاً‭ ‬فشيئاً‭ ‬إن‭ ‬أهملتها،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬تدارك‭ ‬الأمر‭ ‬سريعاً‭ ‬ستموت‭ ‬ولن‭ ‬ينفع‭ ‬الندم‭ ‬بعدها‭.‬

 

ياسمينة‭:

‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬العواطف‭ ‬كأية‭ ‬ثقافة‭ ‬أخرى،‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تترب‭ ‬عليها‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تتعلمها‭.‬