في الطريق إلى قصر قرطاج

| بدور عدنان

أقيمت‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬مناظرات‭ ‬علنية‭ ‬بين‭ ‬المترشحين‭ ‬الطامحين‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬قرطاج‭ ‬والظفر‭ ‬بكرسي‭ ‬الرئاسة‭ ‬التونسية‭ ‬وقد‭ ‬بثت‭ ‬المناظرات‭ ‬على‭ ‬أثير‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬11‭ ‬قناة‭  ‬تلفزيونية،‭ ‬تحدث‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬26‭ ‬مرشحا‭ ‬للمواطن‭ ‬التونسي‭ ‬حول‭ ‬برامجهم‭ ‬الانتخابية‭ ‬وما‭ ‬يعتزمون‭ ‬فعله‭ ‬وتحسينه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ظفرهم‭ ‬بمقعد‭ ‬الرئاسة‭.‬

لتونس‭ ‬خصوصية‭ ‬تجعل‭ ‬منها‭ ‬محط‭ ‬أنظار‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬والمواطن‭ ‬العربي‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬تونس‭ ‬كانت‭ ‬موطن‭ ‬الشرارة‭ ‬الأولى‭ ‬لسلسلة‭ ‬الثورات‭ ‬العربية،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬المطبات‭ ‬والمنحنيات‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬بها‭ ‬تونس‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬نجحت‭ ‬إلى‭ ‬حدٍ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬الباجي‭ ‬قائد‭ ‬السبسي،‭ ‬ذلك‭ ‬لما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬خبرات‭ ‬سياسية‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشواره‭ ‬الحافل،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬جميع‭ ‬الآذان‭ ‬استمعت‭ ‬وأنصتت‭ ‬لمناظرات‭ ‬تونس‭.‬

صنف‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المحللين‭ ‬إقامة‭ ‬مناظرات‭ ‬علنية‭ ‬لمترشحي‭ ‬الرئاسة‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬وجه‭ ‬من‭ ‬أوجه‭ ‬الديمقراطية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تساعد‭  ‬الناخب‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يفاضل‭ ‬بين‭ ‬المترشحين‭ ‬بعد‭ ‬المقارنة‭ ‬المباشرة‭ ‬بينهم‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬من‭ ‬المترشحين‭ ‬للرئاسة‭ ‬والذي‭ ‬وصل‭ ‬27‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الاستثنائي‭ ‬من‭ ‬المترشحين‭ ‬عكس‭ ‬التنوع‭ ‬السياسي‭ ‬والحزبي‭ ‬والآيديولوجي‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬بتنوع‭ ‬المترشحين‭ ‬في‭ ‬انتماءاتهم‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬قادة‭ ‬إسلاميين‭ ‬وعلمانيين‭ ‬وتكنوقراط‭. ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يغب‭ ‬عن‭ ‬الترشح‭ ‬أيضاً‭ ‬أعضاء‭ ‬في‭ ‬حكومات‭ ‬سابقة‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬ثراء‭ ‬التجربة‭ ‬التونسية‭ ‬الحالية‭ ‬سياسياً‭.‬

ربما‭ ‬من‭ ‬السلبيات‭ ‬المتوقعة‭ ‬للتجربة‭ ‬التونسية‭ ‬الحالية‭ ‬تجاه‭ ‬الناخب‭ ‬خصوصاً‭ ‬أن‭ ‬الانتخابات‭ ‬تجرى‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬استثنائية‭ ‬بعد‭ ‬وفاة‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الناخب‭ ‬غير‭ ‬مستعد‭ ‬كلياً‭ ‬للمفاضلة‭ ‬والاختيار،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬الكبير‭ ‬للمترشحين‭ ‬سيساهم‭ ‬في‭ ‬تشتيت‭ ‬الأصوات،‭ ‬لكن‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭ ‬الموجودة‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬المترشحين‭ ‬معروفة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬للشارع‭ ‬التونسي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تعاقب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التيارات‭ ‬على‭ ‬استلام‭ ‬قيادة‭ ‬تونس‭ ‬رسم‭ ‬صورة‭ ‬جيدة‭ ‬للمواطنين‭ ‬حول‭ ‬كيف‭ ‬ستكون‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭.‬

من‭ ‬غير‭ ‬المعروف‭ ‬ما‭ ‬ستضيفه‭ ‬المناظرات‭ ‬في‭ ‬تجربتها‭ ‬الأولى‭ ‬للناخب،‭ ‬هل‭ ‬ستكون‭ ‬مصدراً‭ ‬لدغدغة‭ ‬المشاعر‭ ‬بخطابات‭ ‬ووعود‭ ‬سرمدية‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬والفطنة‭ ‬ما‭ ‬سيمكن‭ ‬الناخب‭ ‬من‭ ‬تحسس‭ ‬مواطن‭ ‬الضعف‭ ‬والزيف‭ ‬لدى‭ ‬المرشح،‭ ‬شخصياً‭ ‬أراهن‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬وذكاء‭ ‬المواطن‭ ‬التونسي‭ ‬خصوصاً‭ ‬بعد‭ ‬التجارب‭ ‬والوجوه‭ ‬العديدة‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬والتي‭ ‬ساهمت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مواطن‭ ‬واعٍ‭ ‬لحقوقه‭ ‬وواجباته‭ ‬السياسية‭.‬