ستة على ستة

من ينقذ الاتفاق النووي؟

| عطا السيد الشعراوي

لا‭ ‬يزال‭ ‬الارتباك‭ - ‬والتردد‭ ‬والتناقض‭ - ‬سيد‭ ‬الموقف‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمستقبل‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والدول‭ ‬الكبرى‭ ‬ومحاولات‭ ‬إنقاذ‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬التي‭ ‬تتزعمها‭ ‬فرنسا‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الراهنة‭ ‬بإشراف‭ ‬وضوء‭ ‬أخضر‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬دفعها‭ ‬لطرح‭ ‬مبادرة‭ ‬تتضمن‭ ‬تعهدا‭ ‬أوروبيا‭ ‬بتبني‭ ‬خط‭ ‬ائتمان‭ ‬نفطي‭ ‬لإيران‭ ‬بقيمة‭ ‬15‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬حتى‭ ‬نهاية‭ ‬2019م،‭ ‬مقابل‭ ‬وقف‭ ‬إيران‭ ‬سياسة‭ ‬خفض‭ ‬الالتزام‭ ‬ببنود‭ ‬الاتفاق‭ ‬والالتزام‭ ‬الكامل‭ ‬به،‭ ‬وتأمينها‭ ‬ضمانات‭ ‬بشأن‭ ‬أمن‭ ‬الخليج‭ ‬ومضيق‭ ‬هرمز‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬فحوى‭ ‬ومضمون‭ ‬المبادرة‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مغريًا‭ ‬لكل‭ ‬الأطراف‭ ‬للقبول‭ ‬بها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬محاطة‭ ‬بجملة‭ ‬من‭ ‬التطورات‭ ‬والخطوات‭ ‬التصعيدية‭ ‬التي‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬نجاحها،‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭: ‬فرض‭ ‬أميركا‭ ‬عقوبات‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬إيران،‭ ‬تشمل‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬والسفن‭ ‬والشركات‭ ‬التي‭ ‬تديرها‭ ‬قوات‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني،‭ ‬وقامت‭ ‬بتزويد‭ ‬النظام‭ ‬السوري‭ ‬بنفط‭ ‬بعشرات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الدولارات،‭ ‬وإعلان‭ ‬طهران‭ ‬خطوة‭ ‬تصعيدية‭ ‬أخرى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬أجهزة‭ ‬الطرد‭ ‬المركزي،‭ ‬ومنح‭ ‬الأوروبيين‭ ‬فرصة‭ ‬لشهرين‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي،‭ ‬قبل‭ ‬مواصلة‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬التصعيدية‭ ‬بخفض‭ ‬التزاماتها‭ ‬بالاتفاق‭ ‬النووي‭.‬

تضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬صعوبة‭ ‬قبول‭ ‬واشنطن‭ ‬أية‭ ‬مبادرة‭ ‬كانت‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬موقفها‭ ‬الراهن‭ ‬المتعنت‭ ‬إزاء‭ ‬عروض‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬المتكررة‭ ‬للحوار‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والالتقاء‭ ‬بالرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭ ‬الذي‭ ‬يشترط‭ ‬رفع‭ ‬أو‭ ‬تجميد‭ ‬العقوبات‭ ‬الأميركية‭ ‬قبل‭ ‬هذا‭ ‬الحوار،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬سيفسر‭ ‬تلقائيا‭ ‬بأنه‭ ‬نصر‭ ‬لإيران‭ ‬وهزيمة‭ ‬لأميركا‭ ‬وتراجع‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬قبلها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وصلت‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬طهران‭ ‬لمرحلة‭ ‬متقدمة‭ ‬من‭ ‬التأثير‭ ‬والضغط‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬والداخل‭ ‬الإيراني،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المسار‭ ‬أمرًا‭ ‬صعبًا‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬البديل‭ ‬أكثر‭ ‬تأثيرا‭.‬

قبول‭ ‬واشنطن‭ ‬بطرح‭ ‬المبادرة‭ ‬الفرنسية‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬سياستها‭ ‬التصعيدية‭ ‬في‭ ‬معاقبة‭ ‬طهران‭ ‬ربما‭ ‬يعكس‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إيران‭ ‬لمرحلة‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬والإنهاك،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬تقبل‭ ‬طوعًا‭ ‬أو‭ ‬كرهًا‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بما‭ ‬تجود‭ ‬به‭ ‬واشنطن‭ ‬من‭ ‬امتيازات‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬ضئيلة‭ ‬طالما‭ ‬أنها‭ ‬ستبقي‭ ‬على‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬إيران‭.‬