زبدة القول

تريند “الفضائح”

| د. بثينة خليفة قاسم

على‭ ‬مدى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر،‭ ‬منذ‭ ‬ظهور‭ ‬أول‭ ‬فضيحة‭ ‬جنسية‭ ‬للمخرج‭ ‬السينمائي‭ ‬الشهير‭ ‬مع‭ ‬اثنتين‭ ‬من‭ ‬الممثلات‭ ‬وتسريب‭ ‬فيديو‭ ‬يفضح‭ ‬علاقات‭ ‬جنسية‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬بين‭ ‬هذا‭ ‬المخرج‭ ‬وبين‭ ‬هاتين‭ ‬الممثلتين،‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬لا‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬إلا‭ ‬وينشر‭ ‬خبر‭ ‬وفيديو‭ ‬جديد‭ ‬لفضيحة‭ ‬جديدة‭ ‬وعلاقة‭ ‬جنسية‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬نفس‭ ‬المخرج‭ ‬وبين‭ ‬ممثلة‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬مذيعة‭ ‬جديدة‭ ‬أو‭ ‬سيدة‭ ‬أعمال‭ ‬جديدة‭.‬

وبالطبع‭ ‬يتحول‭ ‬خبر‭ ‬الفيديو‭ ‬الجديد‭ ‬إلى‭ ‬“تريند”‭ ‬يتابعه‭ ‬الملايين‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬الصحف‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ويصبح‭ ‬أكثر‭ ‬الموضوعات‭ ‬قراءة‭ ‬ومشاهدة‭ ‬وتداولا‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬طبيعة‭ ‬البشر،‭ ‬تشغلهم‭ ‬جدا‭ ‬الفضائح،‭ ‬ورغم‭ ‬أنهم‭ ‬ينتقدون‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬في‭ ‬العلن‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬يبحثون‭ ‬عنها‭ ‬باجتهاد‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬ولا‭ ‬يملون‭ ‬إذا‭ ‬خذلهم‭ ‬موقع‭ ‬معين‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬فهناك‭ ‬غيره‭. ‬

الغريب‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬السيدات‭ ‬الشهيرات‭ ‬اللاتي‭ ‬نشرت‭ ‬لهن‭ ‬فضائح‭ ‬جنسية‭ ‬مع‭ ‬نفس‭ ‬المخرج‭ ‬أعلن‭ ‬أثناء‭ ‬التحقيق‭ ‬معهن‭ ‬أو‭ ‬أمام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬أنهن‭ ‬كن‭ ‬متزوجات‭ ‬زواجا‭ ‬عرفيا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المخرج‭! ‬السؤال‭ ‬هنا‭: ‬من‭ ‬الخاسر‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬الفضائح‭ ‬اليومية؟‭ ‬

في‭ ‬رأيي‭ ‬المتواضع‭ ‬الخاسر‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬الفن‭ ‬الذي‭ ‬تنتمي‭ ‬إليه‭ ‬الممثلات‭ ‬وهذا‭ ‬المخرج،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بين‭ ‬الفنانين‭ ‬والمخرجين‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬المستهترين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يفعلون‭ ‬شيئا‭ ‬في‭ ‬حياتهم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬الجنسية‭ ‬غير‭ ‬المشروعة‭ ‬وتصويرها‭ ‬ونشرها‭ ‬بين‭ ‬البشر‭! ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هؤلاء‭ ‬يخطئون‭ ‬شأن‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬ملايين‭ ‬البشر،‭ ‬فهذا‭ ‬شأنهم،‭ ‬لكن‭ ‬تصوير‭ ‬فضائحهم‭ ‬ونشرها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬الدنيا‭ ‬الشيء‭ ‬المرفوض‭ ‬لأنه‭ ‬يطعن‭ ‬السينما‭ ‬ويطعن‭ ‬الفن‭ ‬بأنواعه‭ ‬في‭ ‬مقتل‭ ‬ويسيء‭ ‬إلى‭ ‬الفنانين‭ ‬المحترمين‭ ‬أصحاب‭ ‬الرسالة‭. ‬

ومن‭ ‬الأشياء‭ ‬المؤلمة‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬تهافت‭ ‬وسائل‭ ‬النشر‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الفضائح‭ ‬والمبالغة‭ ‬في‭ ‬نشرها‭ ‬والإضافة‭ ‬إليها‭ ‬وإعادتها‭ ‬بنفس‭ ‬التفاصيل‭ ‬تحت‭ ‬عناوين‭ ‬مختلفة‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬ضمن‭ ‬التسابق‭ ‬الإعلامي‭ ‬الساعي‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬للأخلاق‭. ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬سيستمر‭ ‬النشر‭ ‬وتستمر‭ ‬الفضائح‭ ‬التي‭ ‬تسيء‭ ‬للفن‭ ‬والإعلام‭ ‬معا‭ ‬وتسيء‭ ‬إلى‭ ‬قيم‭ ‬المجتمع؟‭.‬