مواقف إدارية

لم أعره أي انتباه!

| أحمد البحر

الافتراض‭ ‬يعني‭ ‬قبول‭ ‬شيء‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬صحيح‭ ‬وحقيقي‭ ‬ومؤكد‭ ‬حدوثه‭ ‬بدون‭ ‬أي‭ ‬سند‭ ‬أو‭ ‬برهان‭. ‬ربما‭ ‬نتفق‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ،‭ ‬بأننا‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحايين‭ ‬نضع‭ ‬افتراضات‭ ‬لأمور‭ ‬نعتبرها‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬المعلوم‭ ‬لدينا،‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬تأتي‭ ‬نتائجها‭ ‬معاكسة‭ ‬لتلك‭ ‬الافتراضات،‭ ‬فتحدث‭ ‬لدينا‭ ‬صدمة‭ ‬قد‭ ‬تدخلنا‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الإحباط‭ ‬أو‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬ضياع‭ ‬فرص‭. ‬هناك‭ ‬حالات‭ ‬لأشخاص‭ ‬وضعوا‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الافتراضات‭ ‬الخاطئة،‭ ‬فخسروا‭ ‬وإليك‭ ‬قارئي‭ ‬الكريم‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭:‬

سأل‭ ‬مسؤول‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬الشاب‭ ‬قائلا‭: ‬كيف‭ ‬وجدت‭ ‬الامتحان؟‭ ‬أجابه‭ ‬الشاب‭ ‬وبثقة‭: ‬كان‭ ‬سهلا‭ ‬جدا‭. ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬كنت‭ ‬أتوقع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬صعبا‭ ‬ومعقدا‭ ‬خاصة‭ ‬وان‭ ‬الوظيفة‭ ‬المستهدفة‭ ‬هي‭ ‬إدارية‭. ‬سأله‭ ‬المسؤول‭: ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الدرجة‭ ‬التي‭ ‬تتوقعها؟‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬يجيب‭ ‬الشاب‭ ‬وبثقة‭: ‬الدرجة‭ ‬الكاملة‭ ‬طبعا‭ ‬و‭... ‬قاطعه‭ ‬المسؤول‭ ‬وبصوت‭ ‬هادئ‭ ‬جدا‭: ‬أنا‭ ‬آسف،‭ ‬فقد‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬صفر‭. ‬أصيب‭ ‬الشاب‭ ‬بدوار‭ ‬في‭ ‬رأسه،‭ ‬وقال‭ ‬وهو‭ ‬يجمع‭ ‬كلماته‭ ‬بصعوبة‭: ‬لا‭ ‬يمكن‭..‬‭ ‬هناك‭ ‬بالتأكيد‭ ‬خطأ‭ ‬ما‭ .. ‬أجابه‭ ‬المسئول‭ ‬ببرود‭ ‬ملفت‭:‬

نعم‭ ‬هناك‭ ‬خطأ،‭ ‬وهذا‭ ‬الخطأ‭ ‬يعكس‭ ‬وبوضوح‭ ‬افتقارك‭ ‬إلى‭ ‬الدقة‭ ‬والتقانة‭ ‬والقراءة‭ ‬المتأنية‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬منك‭. ‬خذ‭ ‬ورقة‭ ‬الامتحان‭ ‬واقرأ‭ ‬بتمعن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مطلوب‭ ‬منك‭. ‬تسمر‭ ‬الشاب‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬وفقد‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬الكلام،‭ ‬فقد‭ ‬قرأ‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬الورقة‭: ‬لا‭ ‬تجيب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭! ‬وبصوت‭ ‬يخنقه‭ ‬الإحباط‭ ‬قال‭ ‬الشاب‭: ‬كنت‭ ‬افترض‭ ‬وكالمعتاد‭ ‬أنه‭ ‬مطلوب‭ ‬مني‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الأسئلة‭! ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬ولم‭ ‬أعر‭ ‬أي‭ ‬انتباه‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬أعلى‭ ‬الورقة‭!‬‭. ‬أليس‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬المفترض؟‭!‬

يقول‭ ‬سايمون‭ ‬سينيك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭: ‬إن‭ ‬سلوكياتنا‭ ‬تتأثر‭ ‬بافتراضاتنا‭ ‬أو‭ ‬مدى‭ ‬إدراكنا‭ ‬للحقائق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تلك‭ ‬الافتراضات،‭ ‬فنحن‭ ‬نتخذ‭ ‬قرارات‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬نعتقده‭ ‬نحن‭ ‬بأننا‭ ‬نعرفه‭ ‬وعلى‭ ‬علم‭ ‬به‭.‬

عندما‭ ‬نستخدم‭ ‬العبارات‭ ‬المعروفة‭ ‬مثل‭: ‬’’هات‭ ‬من‭ ‬الآخر‘‘‭ ‬أو‭ ‬عطني‭ ‬الزبدة،‭ ‬أو‭ ‬’’أنا‭ ‬لا‭ ‬أعير‭ ‬التفاصيل‭ ‬أي‭ ‬انتباه‘‘‭ ‬أو‭ ‬’’تهمني‭ ‬الخلاصة‭ ‬فقط‘‘،‭ ‬فإننا‭ ‬نفترض‭ ‬إما‭ ‬بأننا‭ ‬نعرف‭ ‬تلك‭ ‬التفاصيل‭ ‬أو‭ ‬أننا‭ ‬نفترض‭ ‬بعدم‭ ‬جدواها‭ ‬أو‭ ‬أهميتها‭ : ‬ألا‭ ‬نتفق‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ‭ ‬بأنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬معلومة‭ ‬صغيرة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬التفاصيل‭ ‬قد‭ ‬تغير‭ ‬مسار‭ ‬قرارنا؟‭!.‬