دعوة على العشاء!!

| د. عبدالله الحواج

لم‭ ‬تكن‭ ‬مجرد‭ ‬“دعوة‭ ‬على‭ ‬العشاء”‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬التقيت‭ ‬فيها‭ ‬قامات‭ ‬وطنية‭ ‬يشار‭ ‬إليها‭ ‬بالبنان،‭ ‬حيث‭ ‬الحديث‭ ‬المفعم‭ ‬عن‭ ‬مشاكسات‭ ‬أو‭ ‬مشاحنات‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬دفعت‭ ‬بين‭ ‬أشقاء‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الشعائرية‭ ‬ورفقاء‭ ‬من‭ ‬بني‭ ‬جلدة‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬المعطاء‭.‬

قد‭ ‬تكون‭ ‬“مشروع‭ ‬فتنة”،‭ ‬أو‭ ‬خلافًا‭ ‬على‭ ‬فكرة،‭ ‬أو‭ ‬اختلافًا‭ ‬حول‭ ‬مفهوم،‭ ‬لكنه‭ ‬الاحتدام‭ ‬غير‭ ‬المحمود‭ ‬بين‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬مسئولي‭ ‬المواكب‭ ‬والمآتم‭ ‬الحسينية،‭ ‬وهي‭ ‬الحكمة‭ ‬الوثابة‭ ‬التي‭ ‬قفز‭ ‬بها‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬نحو‭ ‬رأب‭ ‬الصدع،‭ ‬ولم‭ ‬الشمل‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬المحتدم‭ ‬وكأن‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬الاجتماع‭ ‬التاريخي‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬سموه‭ ‬إليه‭ ‬هؤلاء‭ ‬المسئولين‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قلائل‭ ‬من‭ ‬موسم‭ ‬عاشوراء‭ ‬المجيد‭.‬

الحديث‭ ‬مع‭ ‬القامات‭ ‬الوطنية‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬محطة‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬فحسب،‭ ‬لكنه‭ ‬شد‭ ‬الرحال‭ ‬إلى‭ ‬التاريخ،‭ ‬بالتحديد‭ ‬إلى‭ ‬مواقف‭ ‬سمو‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬النبيلة‭ ‬وكيف‭ ‬أنه‭ ‬وطوال‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬عقود‭ ‬وهو‭ ‬يعمل‭ ‬جاهدًا‭ ‬على‭ ‬لم‭ ‬شمل‭ ‬أمته،‭ ‬على‭ ‬تثبيت‭ ‬وحدتها،‭ ‬وتأكيد‭ ‬جدارتها،‭ ‬وتقوية‭ ‬أواصر‭ ‬بقائها‭ ‬وتماسكها،‭ ‬وتحفيز‭ ‬مقومات‭ ‬إبائها‭ ‬وتمسكها‭ ‬بعقائدها‭.‬

في‭ ‬السياق‭ ‬الممتد‭ ‬يتحدث‭ ‬أحد‭ ‬القامات‭ ‬الخلاقة‭ ‬عن‭ ‬كتاب‭ ‬للمستشار‭ ‬البريطاني‭ ‬تشارلز‭ ‬بليجريف‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬عامًا‭ ‬وهو‭ ‬يحكي‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬صفحاته‭ ‬عن‭ ‬قصة‭ ‬عطاء‭ ‬للأب‭ ‬الرئيس‭ ‬لن‭ ‬ينساها‭ ‬الزمان،‭ ‬ولن‭ ‬يغفلها‭ ‬المكان‭.‬

في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مواسم‭ ‬عاشوراء،‭ ‬وبينما‭ ‬كانت‭ ‬المآتم‭ ‬والحسينيات‭ ‬تعد‭ ‬العدة‭ ‬لاستقبال‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬المباركة‭ ‬فإذا‭ ‬به‭ ‬يلمح‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬شابا‭ ‬في‭ ‬مقتبل‭ ‬العمر‭ ‬وهو‭ ‬يتابع‭ ‬ويوجه‭ ‬ويشير‭ ‬ويراقب‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬كيفية‭ ‬إتمام‭ ‬التجهيزات‭ ‬الخاصة‭ ‬بهذه‭ ‬المناسك‭ ‬الدينية‭ ‬الجليلة،‭ ‬حتى‭ ‬يضمن‭ ‬سلامة‭ ‬كل‭ ‬خطوة‭ ‬ووجاهة‭ ‬كل‭ ‬تصرف‭ ‬والوفاء‭ ‬بكل‭ ‬حاجة‭.‬

ويذكر‭ ‬المسئول‭ ‬البريطاني‭: ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬كان‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬الذي‭ ‬عهدناه‭ ‬هكذا‭ ‬مقدامًا‭ ‬ومتقدمًا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬عاداه،‭ ‬في‭ ‬الشدائد،‭ ‬وفي‭ ‬الصعاب،‭ ‬وفي‭ ‬أحلك‭ ‬الأيام‭ ‬وأكثرها‭ ‬إيلامًا‭ ‬وغيابًا‭ ‬للانسجام،‭ ‬إنه‭ ‬فارس‭ ‬اللحظات‭ ‬الحرجة‭ ‬وهو‭ ‬يحفظ‭ ‬لأمته‭ ‬وحدتها،‭ ‬ويضمن‭ ‬لبني‭ ‬عشيرته‭ ‬سلامتها‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬منذ‭ ‬نعومة‭ ‬أظافره‭ ‬وهو‭ ‬يسعى‭ ‬جاهدًا‭ ‬لمساعدة‭ ‬كل‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬مهما‭ ‬اختلفت‭ ‬مناسك‭ ‬أيامهم‭ ‬المباركة،‭ ‬ومهما‭ ‬تباينت‭ ‬التفاصيل‭ ‬الصغيرة‭ ‬داخل‭ ‬مكنون‭ ‬كل‭ ‬فصيل‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬فإنها‭ ‬تحظى‭ ‬بالعناية‭ ‬والرعاية‭ ‬الكاملة‭ ‬من‭ ‬سموه،‭ ‬لا‭ ‬فرق‭ ‬لديه‭ ‬بين‭ ‬مواطن‭ ‬وآخر‭ ‬إلا‭ ‬بحب‭ ‬الوطن‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالحه‭ ‬وسلامة‭ ‬أراضيه‭.‬

إنه‭ ‬الدين‭ ‬الحق‭ ‬عندما‭ ‬يلتقي‭ ‬مع‭ ‬القائد‭ ‬المؤمن،‭ ‬والشعائر‭ ‬المقدسة‭ ‬عندما‭ ‬يرعاها‭ ‬حاكم‭ ‬عادل،‭ ‬فإن‭ ‬المواطن‭ ‬سيكون‭ ‬بمثابة‭ ‬الغرس‭ ‬المتين‭ ‬لوطن‭ ‬صنوانه‭ ‬المحبة‭ ‬وصولجانه‭ ‬النماء‭ ‬وعنوانه‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭.‬