نهضة الإمام الحسين

| عبدعلي الغسرة

الإمام‭ ‬الحسين‭ ‬هو‭ ‬سبط‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم،‭ ‬نسبه‭ ‬شريف‭ ‬ومقامه‭ ‬رفيع‭ ‬ومنزلته‭ ‬عُليا‭ ‬في‭ ‬الإسلام،‭ ‬ويتميز‭ ‬بفضائل‭ ‬عديدة‭ ‬ومناقب‭ ‬كثيرة،‭ ‬وكان‭ ‬ميلاده‭ ‬الشريف‭ ‬في‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬شعبان‭ ‬4هـ‭ ‬بالمدينة‭ ‬المنورة،‭ ‬وجميع‭ ‬المسلمين‭ ‬يكنون‭ ‬الحُب‭ ‬والتقدير‭ ‬للإمام‭ ‬الحسين‭ ‬وأخيه‭ ‬الحسن‭ ‬اقتداءً‭ ‬بحديث‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وآله‭ ‬وسلم‭ ‬بأنهما‭ ‬“سيدا‭ ‬شباب‭ ‬أهل‭ ‬الجنة”‭ ‬وقال‭ ‬“إني‭ ‬أحبهما‭ ‬وأحب‭ ‬من‭ ‬يحبهما”‭.‬

وعاش‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) (‬58‭) ‬عامًا‭ ‬قضاها‭ ‬في‭ ‬عبادة‭ ‬الله‭ ‬وطاعة‭ ‬رسوله‭ ‬وخدمة‭ ‬الناس،‭ ‬وختمها‭ ‬بأعظم‭ ‬تضحية‭ ‬عرفها‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القدسية‭ ‬والشرف،‭ ‬وقد‭ ‬تربى‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬ونهل‭ ‬من‭ ‬عِلمه‭ ‬المبارك،‭ ‬كان‭ ‬كريمًا‭ ‬شديد‭ ‬البأس،‭ ‬شجاعًا‭ ‬مُحبًا‭ ‬للخير،‭ ‬وقال‭ ‬عنه‭ ‬الأستاذ‭ ‬محمود‭ ‬عباس‭ ‬العقاد‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬سيد‭ ‬الشهداء‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬“كان‭ ‬الحسين‭ ‬ملء‭ ‬العين‭ ‬والقلب‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬وخُلق‭ ‬وفي‭ ‬أدب‭ ‬وسيرة،‭ ‬وله‭ ‬من‭ ‬الأعداء‭ ‬من‭ ‬يصدقون‭ ‬ويكذبون،‭ ‬فلم‭ ‬يعبه‭ ‬أحد‭ ‬منهم‭ ‬ولم‭ ‬يملك‭ ‬أحد‭ ‬منهم‭ ‬أن‭ ‬ينكر‭ ‬ما‭ ‬ذاع‭ ‬من‭ ‬فضله”‭.‬

في‭ ‬استشهاد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬دروس‭ ‬لجميع‭ ‬المسلمين‭ ‬والإنسانية‭ ‬بأن‭ ‬يتعلموها‭ ‬كمنهج‭ ‬لحياتهم‭ ‬ونبراس‭ ‬لعطائهم‭ ‬لأنفسهم‭ ‬ومجتمعاتهم‭ ‬والإنسانية،‭ ‬ويستلهمون‭ ‬منها‭ ‬معاني‭ ‬العِزة،‭ ‬فهي‭ ‬نهضة‭ ‬بدأها‭ (‬ع‭) ‬في‭ ‬كربلاء‭ ‬وانتشر‭ ‬صداها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأرض‭ ‬نورًا‭ ‬وخيرًا‭. ‬وقال‭ ‬غاندي‭ ‬“تعلمت‭ ‬من‭ ‬الحسين‭ ‬كيف‭ ‬أكون‭ ‬مظلومًا‭ ‬فأنتصر”‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬والمفكرين‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الأديان‭ ‬والأعراق‭ ‬تحدثوا‭ ‬عن‭ ‬نهضة‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين،‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬فاعلية‭ ‬وأثر‭ ‬هذه‭ ‬النهضة‭ ‬في‭ ‬نفوسهم‭.‬

لقد‭ ‬استشهد‭ ‬الإمام‭ ‬الحسين‭ (‬ع‭) ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الإنسان‭ ‬وكرامته‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬الأديان‭ ‬السماوية‭ ‬أعطت‭ ‬للإنسان‭ ‬كامل‭ ‬الحريات‭ ‬ليعيش‭ ‬سعيدًا‭ ‬ورغدًا‭ ‬ومكرمًا‭ ‬في‭ ‬حياته،‭ ‬ولأجل‭ ‬قيامه‭ ‬بجميع‭ ‬واجباته‭ ‬تجاه‭ ‬ذاته‭ ‬وأسرته‭ ‬ومجتمعه‭ ‬ودينه،‭ ‬ولأجل‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬سلام‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭ ‬وأفراد‭ ‬مجتمعه‭ ‬ومع‭ ‬الإنسانية‭ ‬جمعاء،‭ ‬وأن‭ ‬يعيش‭ ‬مُتسامحًا‭ ‬ومتقبلًا‭ ‬للآخر،‭ ‬لا‭ ‬كارهًا‭ ‬ولا‭ ‬مكروهًا،‭ ‬مُحبا‭ ‬لا‭ ‬مُبغضًا،‭ ‬مسالمًا‭ ‬لا‭ ‬محاربًا،‭ ‬وقد‭ ‬أعطى‭ ‬الإسلام‭ ‬للإنسان‭ ‬الحرية‭ ‬المشروعة‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬مصالح‭ ‬الجميع‭ ‬وتساندهم‭ ‬في‭ ‬فعل‭ ‬الخيرات‭.‬

إن‭ ‬جميع‭ ‬الملل‭ ‬والنحل‭ ‬تغرف‭ ‬من‭ ‬النهضة‭ ‬الحسينية‭ ‬التي‭ ‬أثبتت‭ ‬بشجاعة‭ ‬وصبر‭ ‬أشخاصها‭ ‬أن‭ ‬السعادة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬التضحية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الآخرين،‭ ‬وتضحية‭ ‬شهداء‭ ‬كربلاء‭ ‬عبدت‭ ‬لنا‭ ‬وللإنسانية‭ ‬دروب‭ ‬السعادة‭ ‬وأنارت‭ ‬للجميع‭ ‬طُرق‭ ‬الفضيلة‭.‬