مناورات الملالي وحوارات “الصفقة” (1)

| سالم الكتبي

منذ‭ ‬أن‭ ‬اتهم‭ ‬نحو‭ ‬80‭ ‬نائباً‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬الإيراني،‭ ‬الرئيس‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭ ‬بمخالفة‭ ‬تعليمات‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إصدار‭ ‬إشارات‭ ‬إيجابية‭ ‬بشأن‭ ‬التفاوض‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تراجع‭ ‬روحاني‭ ‬وفريقه‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬عن‭ ‬مواقفهم‭ ‬السابقة،‭ ‬وتمترسوا‭ ‬مجدداً‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬التشدد‭ ‬بانتظار‭ ‬تعليمات‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬المرشد‭!‬

روحاني‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬بلاده‭ ‬لا‭ ‬تستثني‭ ‬التفاوض،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬مصلحة‭ ‬البلاد،‭ ‬عاد‭ ‬بعد‭ ‬ساعات‭ ‬ليؤكد‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬تطور‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بلاده‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬دون‭ ‬رفع‭ ‬العقوبات‭ ‬عن‭ ‬طهران‭. ‬

التحذيرات‭ ‬التي‭ ‬انهالت‭ ‬على‭ ‬روحاني‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬جواد‭ ‬ظريف‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬مصدرين‭ ‬مباشرين‭ ‬هما‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬الإيراني‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري،‭ ‬الذي‭ ‬قال‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬غلام‭ ‬حسين‭ ‬غيب‭ ‬بور‭ ‬كبير‭ ‬مستشاري‭ ‬قائد‭ ‬الحرس‭ ‬ملمحاً‭ ‬إلى‭ ‬زيارة‭ ‬ظريف‭ ‬المفاجئة‭ ‬إلى‭ ‬مقر‭ ‬اجتماعات‭ ‬قادة‭ ‬مجموعة‭ ‬السبع‭ ‬مؤخراً‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬إن‭ ‬“بعض‭ ‬الرحلات‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬القمم‭ ‬الأجنبية‭ ‬تكون‭ ‬بدافع‭ ‬اليأس،‭ ‬ونأمل‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬بعض‭ ‬مسؤولينا‭ ‬قد‭ ‬تعرضوا‭ ‬لهزيمة‭ ‬لا‭ ‬سمح‭ ‬الله”،‭ ‬ولم‭ ‬يكتف‭ ‬بذلك‭ ‬بل‭ ‬وجه‭ ‬اتهاماً‭ ‬خطيراً‭ ‬للفريق‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬للرئيس‭ ‬روحاني‭ ‬قائلاً‭ ‬“من‭ ‬المؤسف‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬توجد‭ ‬سلوكيات‭ ‬تفوح‭ ‬منها‭ ‬رائحة‭ ‬الخيانة،‭ ‬وعلى‭ ‬الحكومات‭ ‬واجب‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الفساد،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للناس”‭.‬

وكان‭ ‬ظريف‭ ‬قد‭ ‬التقى‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬ماكرون‭ ‬ووزير‭ ‬خارجيته‭ ‬جان‭ ‬إيف‭ ‬لودريان،‭ ‬وممثلين‭ ‬عن‭ ‬ألمانيا‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬ثم‭ ‬سافر‭ ‬في‭ ‬جولة‭ ‬آسيوية‭ ‬تشمل‭ ‬الصين‭ ‬واليابان‭ ‬وماليزيا‭.‬

السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬هنا‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬حدث‭ ‬شقاق‭ ‬وخلاف‭ ‬داخل‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬حول‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الضغوط‭ ‬الأميركية،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬ليست‭ ‬سوى‭ ‬مناورة‭ ‬وتوزيع‭ ‬أدوار‭ ‬بهدف‭ ‬انتزاع‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المكاسب‭ ‬من‭ ‬الغرب،‭ ‬الذي‭ ‬سيحاول‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬تعزيز‭ ‬موقف‭ ‬جناح‭ ‬الرئيس‭ ‬روحاني‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التيار‭ ‬الأكثر‭ ‬تشدداً‭ ‬داخل‭ ‬النظام؟

في‭ ‬الواقع‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬تبدو‭ ‬صعبة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬للوهلة‭ ‬الأولى‭ ‬استبعاد‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬الاحتمالين،‭ ‬لكن‭ ‬هناك‭ ‬معطيات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعزز‭ ‬فرضية‭ ‬دون‭ ‬الأخرى،‭ ‬أولها‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬بزيارة‭ ‬إلى‭ ‬فرنسا‭ ‬بموازاة‭ ‬صدور‭ ‬إشارات‭ ‬إيجابية‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬روحاني‭ ‬على‭ ‬التفاوض‭ ‬حول‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ضوء‭ ‬أخضر‭ ‬صريح‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭. ‬“إيلاف”‭.‬