ريشة في الهواء

قنابل موقوتة اسمها خبرات أجنبية

| أحمد جمعة

مرة‭ ‬بعد‭ ‬مرة،‭ ‬وبشكل‭ ‬متكرر‭ ‬أقف‭ ‬حائراً‭ ‬أمام‭ ‬فقدان‭ ‬التوازن‭ ‬الأمني‭ ‬والوظيفي‭ ‬بدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬كلها‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتوظيف‭ ‬بعض‭ ‬العرب‭ ‬للأسف‭ ‬غير‭ ‬الموثوقين،‭ ‬وبعض‭ ‬الأجانب‭ ‬الغربيين،‭ ‬بوظائف‭ ‬حساسة‭ ‬ودقيقة‭ ‬وبعضها‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الخطورة‭ ‬بمواقع‭ ‬ومناصب‭ ‬ذات‭ ‬أهمية‭ ‬اعتقاداً‭ ‬من‭ ‬الإدارات‭ ‬المسؤولة‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬أولا‭: ‬أصحاب‭ ‬خبرات‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬بأبناء‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون،‭ ‬وثانياً‭: ‬عقدة‭ ‬قديمة‭ ‬تعود‭ ‬لفكرة‭ ‬خرافية‭ ‬بأن‭ ‬الأجنبي‭ ‬يحفظ‭ ‬سر‭ ‬المؤسسة‭ ‬وعندما‭ ‬يذهب‭ ‬وتنتهي‭ ‬خدماته‭ ‬تذهب‭ ‬الأسرار‭ ‬معه،‭ ‬بينما‭ ‬ابن‭ ‬الوطن‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يفشي‭ ‬الأسرار،‭ ‬هذه‭ ‬العقدة‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬منتشرة‭ ‬لدى‭ ‬مؤسسات‭ ‬وشركات‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الحكوميين‭ ‬لديهم‭ ‬ذات‭ ‬العقدة،‭ ‬وتنتشر‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يخشون‭ ‬تفشي‭ ‬أخبار‭ ‬مؤسساتهم‭ ‬خارج‭ ‬الدائرة،‭ ‬وهنا‭ ‬نأتي‭ ‬للنتيجة‭ ‬للأسف‭.‬

لقد‭ ‬ثبت‭ ‬باليقين‭ ‬والبرهان‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬نثق‭ ‬بهم‭ ‬ونوكلهم‭ ‬المسؤولية‭ ‬ونضعهم‭ ‬بدوائر‭ ‬صنع‭ ‬القرار،‭ ‬كثير‭ ‬منهم‭ ‬ولا‭ ‬أقول‭ ‬جميعهم،‭ ‬بمجرد‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬عقودهم‭ ‬أو‭ ‬يتم‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنهم،‭ ‬لا‭ ‬يقومون‭ ‬بإفشاء‭ ‬الأسرار‭ ‬بل‭ ‬يزيدون‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بتلفيق‭ ‬أخبار‭ ‬كاذبة‭ ‬وشائعات‭ ‬وتزوير‭ ‬أنباء‭ ‬بصفتها‭ ‬أسرارا‭ ‬ونشرها‭ ‬أو‭ ‬بيعها‭ ‬لأعداء‭ ‬دول‭ ‬المجلس،‭ ‬وأنتم‭ ‬أعزائي‭ ‬القراء‭ ‬أدرى‭ ‬من‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬الدقيقة‭ ‬بالذات‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬تصطادهم‭ ‬الدول‭ ‬المعادية‭ ‬وبعض‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية،‭ ‬وهذا‭ ‬يتم‭ ‬بصورة‭ ‬منظمة،‭ ‬حيث‭ ‬تجند‭ ‬لها‭ ‬خبراء‭ ‬في‭ ‬اصطياد‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬ويتم‭ ‬الاستغناء‭ ‬عن‭ ‬خدماته‭ ‬حتى‭ ‬تسارع‭ ‬شبكات‭ ‬الكذب‭ ‬والتزوير‭ ‬باستغلال‭ ‬هؤلاء‭ ‬وإغرائهم‭ ‬بالأموال‭ ‬حتى‭ ‬يلفقوا‭ ‬الكثير‭ ‬ضد‭ ‬شعوبنا‭ ‬ودولنا‭.‬

كم‭ ‬من‭ ‬خبير‭ ‬أمني‭ ‬ومذيع‭ ‬أو‭ ‬مذيعة‭ ‬نشرات‭ ‬أخبار؟‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬مدير‭ ‬ومستشار‭ ‬ثقافي‭ ‬وتعليمي‭ ‬وحتى‭ ‬أمني؟‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬محلل‭ ‬وموظف‭ ‬بدائرة‭ ‬حساسة‭ ‬ووظيفة‭ ‬دقيقة،‭ ‬وقس‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬آلافا‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬المنتشرين‭ ‬والمخترقين‭ ‬لأنظمتنا‭ ‬الوظيفية،‭ ‬بعدما‭ ‬يستنزفون‭ ‬الوظائف‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المواطن‭ ‬ينشرون‭ ‬الغسيل‭ ‬أحياناً‭ ‬مجاناً‭ ‬وأحياناً‭ ‬أخرى‭ ‬بثمن‭ ‬من‭ ‬صائدي‭ ‬الشائعات‭ ‬والأخبار‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬استغلالها‭ ‬لضرب‭ ‬وتشويه‭ ‬الحياة‭ ‬بدول‭ ‬المجلس‭.‬

لا‭ ‬أود‭ ‬استعراض‭ ‬وقائع‭ ‬وحوادث‭ ‬كارثية‭ ‬وقعت‭ ‬بالسنوات‭ ‬الماضية‭ ‬ومازالت‭ ‬الظاهرة‭ ‬مستمرة،‭ ‬والغريب‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬بهذه‭ ‬الدول‭ ‬لم‭ ‬يتعلموا‭ ‬بعد‭ ‬الدرس‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المصائب،‭ ‬وما‭ ‬فتئوا‭ ‬يستقطبون‭ ‬المستشارين‭ ‬والخبراء‭ ‬والموظفين‭ ‬بصورة‭ ‬عمياء‭ ‬رغم‭ ‬الدروس‭ ‬القاسية‭ ‬بهذا‭ ‬المجال‭ ‬ورغم‭ ‬خطورة‭ ‬المرحلة‭ ‬بالمنطقة‭ ‬حيث‭ ‬دول‭ ‬المجلس‭ ‬مستهدفة‭ ‬بالداخل‭ ‬والخارج‭. ‬متى‭ ‬ندرك‭ ‬خطورة‭ ‬هذه‭ ‬القنابل‭ ‬الموقوتة‭ ‬بدوائرنا‭ ‬ومؤسساتنا؟‭ ‬ونثق‭ ‬بأبنائنا،‭ ‬دون‭ ‬الظن‭ ‬بأننا‭ ‬ضد‭ ‬الآخر،‭ ‬بل‭ ‬نحن‭ ‬مع‭ ‬أمننا‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيراً‭ ‬ومع‭ ‬صالح‭ ‬شعوبنا‭.‬

 

تنويرة‭:

‬الخوف‭ ‬من‭ ‬رأي‭ ‬الناس‭ ‬بك‭ ‬أول‭ ‬خطوة‭ ‬لفقد‭ ‬الثقة‭ ‬بنفسك‭.‬