عالم “الواتساب” بين المصداقية والتواصل (2)

| أحمد خليفة الحمادي

لقد‭ ‬أصبح‭ ‬الواتساب‭ ‬وسيلة‭ ‬تسهل‭ ‬الاتصال‭ ‬بالمئات‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬واحد،‭ ‬وأصبح‭ ‬الكثير‭ ‬يتداول‭ ‬المعلومات‭ ‬عن‭ ‬شتى‭ ‬الموضوعات‭ ‬العامة‭ ‬أو‭ ‬الخاصة،‭ ‬كما‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يرسلها‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المجموعات‭.‬

ونحن‭ ‬نستقبل‭ ‬رسائل‭ ‬تبدو‭ ‬في‭ ‬ظاهرها‭ ‬مفيدة‭ ‬للآخرين،‭ ‬لكن‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نرسلها‭ ‬هل‭ ‬فكرنا‭ ‬في‭ ‬تحري‭ ‬صحة‭ ‬أو‭ ‬صدق‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرسائل؟‭ ‬أليس‭ ‬علينا‭ ‬توخي‭ ‬الحذر‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬سنقوم‭ ‬بتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬أصدقائنا‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض،‭ ‬أدرك‭ ‬تماما‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يرسلها‭ ‬بحسن‭ ‬نية‭ ‬ويقصد‭ ‬منها‭ ‬الاستفادة‭ ‬كمعلومة،‭ ‬لكن‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬القراءة‭ ‬قبل‭ ‬الإرسال‭ ‬حتى‭ ‬تجد‭ ‬البعض‭ ‬أحيانا‭ ‬لا‭ ‬يقرؤها‭ ‬بل‭ ‬يرسلها‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬النص‭ ‬وهذه‭ ‬إشكالية‭ ‬أخرى‭!‬

كذلك‭ ‬من‭ ‬الملاحظ‭ ‬أيضا‭ ‬ظهور‭ ‬مجموعات‭ ‬الدردشة‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬والتي‭ ‬انتشرت‭ ‬بشكل‭ ‬لافت،‭ ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬حدود‭ ‬الذوق‭ ‬واللباقة،‭ ‬حيث‭ ‬يفاجأ‭ ‬المرء‭ ‬منا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬بإضافته‭ ‬بمجموعة‭ ‬دون‭ ‬استئذانه،‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬لا‭ ‬يعرفهم‭ ‬ولا‭ ‬تربطه‭ ‬بهم‭ ‬أية‭ ‬صلة،‭ ‬غير‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬معارف‭ ‬للشخص‭ ‬الذي‭ ‬قرر‭ ‬إضافته،‭ ‬أي‭ ‬ليست‭ ‬له‭ ‬ناقة‭ ‬ولا‭ ‬جمل‭! ‬وينضم‭ ‬إليهم‭ ‬ويحاول‭ ‬أن‭ ‬يتواصل‭ ‬معهم‭ ‬بدون‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬خطورة‭ ‬الأمر‭!‬

إن‭ ‬ثقافة‭ ‬المجموعات‭ ‬“القروبات”‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تخضع‭ ‬للتغيير‭ ‬والتعديل‭ ‬والمعايير‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬الذوق‭ ‬العام؛‭ ‬الإرسال‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬المخصصة‭ ‬للراحة‭ ‬ممنوع،‭ ‬الإرسال‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬ذروة‭ ‬العمل‭ ‬ممنوع،‭ ‬الخروج‭ ‬عن‭ ‬الذوق‭ ‬العام‭ ‬والأعراف‭ ‬والمساس‭ ‬بالمعتقد‭ ‬ممنوع،‭ ‬المحادثات‭ ‬والدردشات‭ ‬على‭ ‬المجموعات‭ ‬مزعجة‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬الأعضاء‭ ‬مقابل‭ ‬متعة‭ ‬يحصدها‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬الأعضاء،‭ ‬وهنا‭ ‬تتبادر‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬تساؤلات‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬مصداقية‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬ومدى‭ ‬المصداقية‭ ‬بين‭ ‬المعلومة‭ ‬والخبر‭! ‬هل‭ ‬أصبح‭ ‬الواتساب‭ ‬مصدرا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المعرفة‭ ‬والمصداقية‭! ‬وهنا‭ ‬أثمن‭ ‬تحري‭ ‬صحة‭ ‬أو‭ ‬صدق‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الرسالة‭.‬

لابد‭ ‬من‭ ‬توخي‭ ‬الحذر‭ ‬والتأكد‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬سنقوم‭ ‬بإرسالها‭ ‬إلى‭ ‬أصدقائنا‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬بقاع‭ ‬الأرض‭! ‬وأن‭ ‬نرتقي‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬تلك‭ ‬الخدمة‭ ‬بما‭ ‬يتناسب‭ ‬والوعي‭ ‬الديني‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والثقافي‭. ‬وكما‭ ‬يقال‭ ‬قديما‭ ‬“إذا‭ ‬فات‭ ‬الفوت‭ ‬ما‭ ‬ينفع‭ ‬الصوت”‭.‬