عالم “الواتساب” بين المصداقية والتواصل (1)

| أحمد خليفة الحمادي

في‭ ‬ظل‭ ‬التطور‭ ‬التكنولوجي‭ ‬الذي‭ ‬أذهلنا‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أصبح‭ ‬التواصل‭ ‬عبر‭ ‬“الواتساب”‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشاراً‭ ‬وتداولاً‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬خصوصاً‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬وقد‭ ‬تطور‭ ‬ذلك‭ ‬التواصل‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬ثقافة‭ ‬تستحق‭ ‬الدراسة‭ ‬والوقوف‭ ‬عندها‭ ‬للمناقشة،‭ ‬ومدى‭ ‬المصداقية‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظهور‭ ‬مجموعات‭ ‬الدردشة‭.‬

وتتبادر‭ ‬إلى‭ ‬ذهني‭ ‬كلما‭ ‬فتحت‭ ‬الواتساب‭ ‬كيفية‭ ‬التواصل‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬الجميل‭ ‬“قديماً”،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬والمعرفة‭ ‬والأخبار‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬قديماً،‭ ‬وكيف‭ ‬كنا‭ ‬نقضي‭ ‬أياماً‭ ‬أو‭ ‬شهوراً‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الخبر‭ ‬أو‭ ‬المعلومة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نستفيد‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭! ‬واليوم‭ ‬بفضل‭ ‬التطور‭ ‬والتقدم‭ ‬التكنولوجي‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬خدمة‭ ‬الواتساب‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬تشغل‭ ‬الجميع‭ ‬وأصبحت‭ ‬هاجساً‭ ‬عبر‭ ‬مختلف‭ ‬الأوقات‭ ‬والأزمنة،‭ ‬وتجد‭ ‬البعض‭ ‬يستخدمها‭ ‬أثناء‭ ‬قيادته‭ ‬السيارة‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬الخطورة،‭ ‬أو‭ ‬أثناء‭ ‬التجول‭ ‬بالأسواق‭ ‬وفي‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬عام،‭ ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬انتشار‭ ‬الواتساب‭ ‬ملموساً‭ ‬وأكثر‭ ‬تداولا‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وأصبح‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الزملاء‭ ‬والأصدقاء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أينما‭ ‬كانوا،‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬الاتصال‭ ‬عبر‭ ‬الهاتف‭ ‬لقريب‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬ابن‭ ‬يدرس‭ ‬بالخارج‭ ‬حتى‭ ‬يسهل‭ ‬الاتصال‭ ‬به،‭ ‬وتجد‭ ‬صعوبة‭ ‬في‭ ‬التواصل‭ ‬والتكاليف‭ ‬المادية‭ ‬الباهظة،‭ ‬والبعض‭ ‬يتواصل‭ ‬عبر‭ ‬الرسائل‭ ‬البريدية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تسعد‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬الزملاء‭ ‬وأنا‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭!‬

ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬سهل‭ ‬الواتساب‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬البشر،‭ ‬لاسيما‭ ‬بين‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬تتطلب‭ ‬أعمالهم‭ ‬تواصلا‭ ‬مستمرا‭ ‬لنقل‭ ‬المعرفة‭ ‬والمعلومات‭ ‬وكيفية‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬التعليمات‭ ‬أولا‭ ‬بأول،‭ ‬وبدورها‭ ‬مكنت‭ ‬المجموعات‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬الدردشات‭ ‬الجماعية‭ ‬لمناقشة‭ ‬مواضيع‭ ‬معينة‭ ‬محل‭ ‬اهتمام‭ ‬مشترك،‭ ‬أو‭ ‬لمجموعة‭ ‬زملاء‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الدراسة‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك،‭ ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬ثورة‭ ‬الاتصال‭ ‬قربت‭ ‬المسافة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التواصل‭ ‬عبر‭ ‬الواتساب‭ ‬مع‭ ‬الآخرين،‭ ‬خصوصا‭ ‬للأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬معهم‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭ ‬والمعرفة‭ ‬أو‭ ‬الخبر‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬الحوار‭ ‬ومناقشة‭ ‬المواضيع‭ ‬وطرح‭ ‬الأفكار‭ ‬والآراء‭.‬

أصبح‭ ‬البعض‭ ‬يحاول‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التقنية،‭ ‬إيجابا‭ ‬أو‭ ‬سلبا،‭ ‬ومن‭ ‬السلبيات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يرتكبها‭ ‬مستخدمو‭ ‬الواتساب‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬قصد‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لي،‭ ‬حيث‭ ‬قد‭ ‬يرسل‭ ‬لي‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬رسالة‭ ‬تحتوي‭ ‬على‭ ‬معلومات‭ ‬صحية‭ ‬عن‭ ‬انتشار‭ ‬أمراض،‭ ‬أو‭ ‬قد‭ ‬يرسل‭ ‬خبرا‭ ‬عن‭ ‬قرارات‭ ‬مهمة،‭ ‬أو‭ ‬خبراً‭ ‬عن‭ ‬وفاة‭ ‬أحد‭ ‬أعلام‭ ‬التاريخ‭ ‬والثقافة‭ ‬والعلم،‭ ‬حيث‭ ‬قمت‭ ‬بإرسال‭ ‬تلك‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬مجموعات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تعم‭ ‬الفائدة‭. ‬وبعد‭ ‬مضي‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬دقائق،‭ ‬وصلت‭ ‬لي‭ ‬رسالة‭ ‬عبر‭ ‬الواتساب‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة،‭ ‬يخبرني‭ ‬فيها‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭ ‬أو‭ ‬الخبر‭ ‬غير‭ ‬صحيح‭! ‬وغير‭ ‬موثق،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬الشخص‭ ‬في‭ ‬حرجٍ‭ ‬شديد،‭ ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تصحيح‭ ‬الموقف،‭ ‬بإرسال‭ ‬رسالة‭ ‬اعتذار‭ ‬إلى‭ ‬أصدقائي‭ ‬الذين‭ ‬أرسلت‭ ‬إليهم‭ ‬تلك‭ ‬النصوص‭ ‬سابقا‭.‬

“سهل‭ ‬الواتساب‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الذين‭ ‬تتطلب‭ ‬أعمالهم‭ ‬تواصلا‭ ‬مستمرا‭ ‬لنقل‭ ‬المعرفة‭ ‬والمعلومات‭ ‬والتفاعل‭ ‬أولا‭ ‬بأول”‭.‬