“الأعلى للمرأة” ودوره الفعال في التنمية المستدامة (2)

| د. هالة جمال

تناولنا‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬السابق‭ ‬بعض‭ ‬المبادرات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬‏إطار‭ ‬سعيه‭ ‬للنهوض‭ ‬بالمرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬عدة،‭ ‬مثل‭ ‬‏”مبادرة‭ ‬امتياز‭ ‬الشرف‭ ‬‏لرائدة‭ ‬الأعمال‭ ‬البحرينية‭ ‬الشابة”،‭ ‬وبرنامج‭ ‬“المربية‭ ‬والمعلمة‭ ‬الوطنية”،‭ ‬‏وبرنامج‭ ‬دعم‭ ‬‏مشاركة‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يحرص‭ ‬فيه‭ ‬المجلس‭ ‬‏بشدة‭ ‬على‭ ‬تحقق‭ ‬مبادئ‭ ‬وأهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬كما‭ ‬شرحناها‭ ‬وعرفناها‭.‬‏

وكما‭ ‬ذكرنا‭ ‬فإن‭ ‬جميعها‭ ‬مبادرات‭ ‬تستحق‭ ‬الثناء‭ ‬والإشادة‭ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬أبرز‭ ‬الأثر‭ ‬في‭ ‬‏ديمومة‭ ‬وتنمية‭ ‬دور‭ ‬المرأة‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بشكل‭ ‬مستدام‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬ولا‭ ‬‏يفوتنا‭ ‬أيضا‭ ‬التنويه‭ ‬عن‭ ‬تمكن‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬من‭ ‬تضمين‭ ‬الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬لنهوض‭ ‬‏المرأة‭ ‬البحرينية‭ ‬والمعتمدة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي،‭ ‬حيث‭ ‬تبلغ‭ ‬‏نسبة‭ ‬توافق‭ ‬برامجها‭ ‬مع‭ ‬أولويات‭ ‬عمل‭ ‬الحكومة‭ ‬للفترة‭ ‬الحالية‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بحوالي‭ ‬43‭ %‬،‭ ‬‏في‭ ‬حين‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬توافقها‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030‭ ‬حوالي‭ ‬78‭ %‬،‭ ‬‏وهو‭ ‬ما‭ ‬يدعم‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬الانتقال‭ ‬بالمرأة‭ ‬لتسهم‭ ‬في‭ ‬اقتصاد‭ ‬منتج‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬‏عالمياً‭.‬‏

ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب‭ ‬بل‭ ‬يعمل‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬على‭ ‬متابعة‭ ‬تنفيذ‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الخطة‭ ‬من‭ ‬‏خلال‭ ‬مبادرات‭ ‬وطنية‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬سلطات‭ ‬الدولة‭ (‬التشريعية‭ ‬والتنفيذية‭ ‬والقضائية‭) ‬‏والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬وأسهم‭ ‬هذا‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬وتفعيل‭ ‬‏آليات‭ ‬للرقابة‭ ‬والقياس،‭ ‬وأن‭ ‬تعتمد‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬منهجيات‭ ‬علمية‭ ‬دقيقة‭ ‬لرصد‭ ‬‏الفجوات‭ ‬وقياس‭ ‬التقدم‭ ‬لتوضيح‭ ‬طبيعة‭ ‬التغيير‭ ‬على‭ ‬أوضاع‭ ‬المرأة،‭ ‬وتأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬‏إسهاماتها‭ ‬التنموية،‭ ‬وتتم‭ ‬إدارة‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬منظومة‭ ‬معرفية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬التحليل‭ ‬‏والمقارنة‭.‬‏

جهود‭ ‬واضحة‭ ‬وكبيرة‭ ‬يبذلها‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬لتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬المجتمعي‭ ‬‏الاقتصادي‭ ‬المطلوب،‭ ‬ويأتي‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬مازال‭ ‬فيه‭ ‬العالم‭ ‬يعاني‭ - ‬وفقا‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬التقارير‭ ‬‏الدولية‭ - ‬من‭ ‬غياب‭ ‬‏المعالجة‭ ‬السليمة‭ ‬لدى‭ ‬تنفيذ‭ ‬خطط‭ ‬إدماج‭ ‬احتياجات‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬البرامج‭ ‬‏الوطنية،‭ ‬حيث‭ ‬أشار‭ ‬‏أحد‭ ‬تقارير‭ ‬البنك‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التكلفة‭ ‬‏الاقتصادية‭ ‬لعدم‭ ‬المساواة‭ ‬‏بين‭ ‬الجنسين‭ ‬عالمياً،‭ ‬تقدّر‭ ‬بـ‭ (‬160.2‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬‏تم‭ ‬تقديرها‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬الخسائر‭ ‬‏الناجمة‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬المساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬دخل‭ ‬العمل‭ ‬‏فقط‎‭.‬‎

ولم‭ ‬يكتفِ‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬بالقيام‭ ‬بدوره‭ ‬الاستشاري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬‏الاقتراحات‭ ‬‏ومتابعتها‭ ‬فحسب،‭ ‬إنما‭ ‬عَمد‭ ‬إلى‭ ‬تشكيل‭ ‬وتنشيط‭ ‬ثقافة‭ ‬مؤسسية‭ ‬مؤيدة‭ ‬لتقدم‭ ‬‏المرأة‭ ‬يسرت‭ ‬‏تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الجنسين‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات‭ ‬التنموية،‭ ‬وركزت‭ ‬على‭ ‬‏تعزيز‭ ‬القناعات‭ ‬‏المؤيدة‭ ‬لصانعي‭ ‬القرار‭ ‬وراسمي‭ ‬السياسات‭ ‬وواضعي‭ ‬التشريعات‭ ‬‏الوطنية،‭ ‬لدى‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬‏الخطة‭ ‬الوطنية‭ ‬لنهوض‭ ‬المرأة‭ ‬البحرينية‭ (‬2013-2022‭).‬‏

ختاما‭ ‬أؤكد‭ ‬أن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بتاريخها‭ ‬وحاضرها‭ ‬كانت‭ ‬ومازالت‭ ‬سباقة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬‏مبدأ‭ ‬‏تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬بين‭ ‬الجميع‭ ‬على‭ ‬حدٍ‭ ‬سواء،‭ ‬‏وجهود‭ ‬المملكة‭ ‬حثيثة‭ ‬وبارزة‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬‏الارتقاء‭ ‬‏بدور‭ ‬المرأة‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمجتمعي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬حضورها‭ ‬ومساهمتها‭ ‬في‭ ‬الناتج‭ ‬‏المحلي‭ ‬الإجمالي،‭ ‬ودور‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬هذه‭ ‬الأدوار‭ ‬بتفرد‭ ‬وتمكن‭.‬