قهوة الصباح

الفيل الأبيض في الحب والسياسة والاقتصاد (32)

| سيد ضياء الموسوي

للأفيال‭ ‬معزة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬التراث‭ ‬التايلندي،‭ ‬ولعل‭ ‬أهم‭ ‬هذه‭ ‬الأنواع‭ ‬هو‭ ‬الفيل‭ ‬الأبيض،‭ ‬فيل‭ ‬جميل‭ ‬وأبيض‭ ‬ومقدس،‭ ‬وضخم‭ ‬ونادر،‭ ‬ولا‭ ‬يقتنيه‭ ‬إلا‭ ‬الأثرياء،‭ ‬لكنه‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬مشروع‭ ‬إفلاس،‭ ‬وطريق‭ ‬إلى‭ ‬الجحيم،‭ ‬ويقودك‭ ‬للنوم‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬على‭ ‬الرصيف‭ ‬مفلسا‭ ‬بلا‭ ‬حتى‭ ‬قطعة‭ ‬خبز؛‭ ‬وذلك‭ ‬لسبب‭ ‬بسيط،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفيل‭ ‬الضخم‭ ‬الوسيم‭ ‬الفاتن،‭ ‬والساحر‭ ‬الأخاذ‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬فائدة‭ ‬تذكر،‭ ‬فهو‭ ‬غالي‭ ‬الثمن،‭ ‬ومكلف،‭ ‬ويحتاج‭ ‬رعاية‭ ‬دائمة‭ ‬واعتناء‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬ضخم‭ ‬عملاق‭ ‬يستنزف‭ ‬الدولة‭ ‬موازنتها‭. ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الفيل‭ ‬يهدر‭ ‬نقودك‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬ومنها‭ ‬أنه‭ ‬يستهلك‭ ‬علفا‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بقية‭ ‬الفيلة،‭ ‬إذن‭ ‬هو‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬ثقب‭ ‬أسود‭ ‬في‭ ‬ميزانيتك‭. ‬وكان‭ ‬في‭ ‬تايلند‭ ‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬ثري‭ ‬أن‭ ‬يدمر‭ ‬شخصا‭ ‬وهبه‭ ‬فيلا‭ ‬أبيض‭. ‬ومصطلح‭ (‬الفيل‭ ‬الأبيض‭) ‬يستخدم‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدول‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬استثمارات‭ ‬الشركات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الأفراد‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬استثمار‭ ‬أموالهم‭ ‬أو‭ ‬أوقاتهم‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬مفيد،‭ ‬وغير‭ ‬مجدٍ،‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬مردود‭ ‬مادي‭ ‬أو‭ ‬معنوي،‭ ‬أو‭ ‬تشغيلهم‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المجهود،‭ ‬ولكن‭ ‬غير‭ ‬مهمة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القيمة‭. ‬كل‭ ‬مشروع‭ ‬غير‭ ‬ناجح‭ ‬هو‭ ‬فيل‭ ‬أبيض‭. ‬كل‭ ‬مشروع‭ ‬اقتصادي‭ ‬ضخم‭ ‬تكلفة‭ ‬استمراره‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬أرباحه‭ ‬هو‭ ‬فيل‭ ‬أبيض‭ ‬يجلب‭ ‬هدرا،‭ ‬يحتاج‭ ‬بيعا‭ ‬أو‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭ ‬بأسرع‭ ‬وقت؛‭ ‬لأنه‭ ‬عبء‭ ‬على‭ ‬الموازنة‭ ‬العامة،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬كل‭ ‬دولنا‭ ‬تعاني‭ ‬ديونا‭ ‬قاتلة،‭ ‬وعجزا‭ ‬مخيفا،‭ ‬وهي‭ ‬ظاهرة‭ ‬عالمية،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬الديون‭ ‬مخيفة‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬الصين‭ ‬بإفريقيا‭ ‬الآن‭ ‬بإغراقها‭ ‬بالديون‭. ‬

يقول‭ ‬جون‭ ‬أدامز‭: ‬هناك‭ ‬طريقتان‭ ‬لقهر‭ ‬واستبداد‭ ‬أمة‭: ‬الأولى‭ ‬هي‭ ‬بحد‭ ‬السيف،‭ ‬والأُخرى‭ ‬هي‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الديون”‭. ‬ابتعدوا‭ ‬عن‭ ‬لعنة‭ ‬الديون‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬والشركات،‭ ‬والدول‭ ‬إلا‭ ‬اضطرارا،‭ ‬واذا‭ ‬كانت‭ ‬بموازاة‭ ‬إنتاجية‭ ‬مرتفعة‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬الفوائد‭ ‬الفرضية‭ ‬أو‭ ‬يغطي،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأننا‭ ‬غير‭ ‬محصنين‭ ‬من‭ ‬خيبات‭ ‬الأمل‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬بعد‭ ‬كل‭ ‬أزمة‭ ‬عالمية‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬لنا‭ ‬عالميا‭ ‬وعربيا‭ ‬بعد‭ ‬أزمة‭ ‬الرهن‭ ‬العقاري‭ ‬بأمريكا‭. ‬أقول‭: ‬إننا‭ ‬نعاني‭ ‬تكاثر‭ ‬الفيلة‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬الحب‭ ‬والسياسة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬وإن‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬تراكم‭ ‬القروض‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬فيلة‭ ‬بيضاء،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدائنة‭ ‬دوليا‭ ‬كصندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬يلهث‭ ‬وراء‭ ‬توزيع‭ ‬أفخاخ‭ ‬القروض‭ ‬ليحلب‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬حليب‭ ‬الفوائد‭ ‬الخالص‭ ‬لصالح‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ (‬الكوربوقراطية‭)‬،‭ ‬وهم‭ ‬هوامير‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى،‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يجيدون‭ ‬القفز‭ ‬بين‭ ‬البرك‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬تاركين‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬بركة‭ ‬بلد‭ ‬وبركة‭ ‬بلد‭ ‬جثة‭ ‬اقتصادية‭ ‬هامدة‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬لاقتصادات‭ ‬النمور‭ ‬الآسيوية‭ ‬في‭ ‬1987‭. ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ (‬اعترافات‭ ‬قاتل‭ ‬اقتصادي،‭ ‬للخبيرالاقتصادي‭ ‬الدولي‭ ‬الأمريكي‭ ‬جون‭ ‬بيركنز،‭ ‬فهو‭ ‬مرعب‭ ‬ومخيف،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الغطاسين‭ ‬مع‭ ‬أسماك‭ ‬قرش‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬العملاقة،‭ ‬حيث‭ ‬ذكر‭ ‬بأن‭ ‬مديونية‭ ‬العالم‭ ‬الثالث‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬2‭.‬5‭ ‬تريليون‭ ‬دولار،‭ ‬وأن‭ ‬خدمة‭ ‬هذه‭ ‬الديون‭ ‬بلغت‭ ‬375‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬سنويا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2004‭. ‬يقول‭ ‬الإمام‭ ‬علي‭ ‬“ع‭ ‬“‭: (‬ما‭ ‬جاع‭ ‬فقير‭ ‬إلا‭ ‬بما‭ ‬مُتعّ‭ ‬به‭ ‬غني‭). ‬السؤال‭: ‬كم‭ ‬من‭ ‬فيل‭ ‬اقتصادي‭ ‬ضخم‭ ‬مكلف‭ ‬يستنزف‭ ‬موازنتنا‭ ‬العامة‭ ‬وهو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬العجز‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة،‭ ‬وإلى‭ ‬الآن‭ ‬لم‭ ‬نقم‭ ‬بتصحيحه‭ ‬أو‭ ‬بإغلاقه،‭ ‬لنبدأ‭ ‬مشروعا‭ ‬أكثر‭ ‬نفعا؟‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬فضحته‭ ‬بُقع‭ ‬الصدأ‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اقتنعنا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬ذهب؟‭ ‬هل‭ ‬نتعظ‭ ‬بنظرية‭ ‬النبي‭ ‬يوسف‭ (‬ع‭ ) ‬من‭ ‬سبع‭ ‬سنوات‭ ‬عجاف‭ ‬قادمة‭ ‬بعد‭ ‬عدم‭ ‬التوفير‭ ‬لسنوات‭ ‬العمر‭ ‬السمان‭ ‬الماضية‭ ‬أيام‭ ‬وفرة‭ ‬أرباح‭ ‬البترول؟‭ ‬اقتصادنا‭ ‬يحتاج‭ ‬عمليات‭ ‬جراحية؛‭ ‬كي‭ ‬نشفى‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬فيلة‭ ‬المشاريع‭ ‬البيضاء‭. ‬أغلب‭ ‬الدول‭ ‬ابتليت‭ ‬بمشاريع‭ ‬فاشلة‭ ‬وفيلة‭ ‬بيضاء‭ ‬أضرب‭ ‬مثالا‭: ‬فندق‭ ‬“ريوغيونغ”‭ ‬أنشئ‭ ‬العام‭ ‬1987،‭ ‬وهو‭ ‬أشهر‭ ‬مشروع‭ ‬“فيل‭ ‬أبيض”‭ ‬في‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬لم‭ ‬يكتمل‭ ‬إلى‭ ‬الآن،‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬تمويل،‭ ‬اشتهر‭ ‬بأنه‭ ‬أعلى‭ ‬مبنى‭ ‬“غير‭ ‬مكتمل”‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬أو‭ ‬كجسر‭ (‬روسكي‭) ‬في‭ ‬روسيا‭ ‬كلف‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وأنشئ‭ ‬لجزيرة‭ ‬لترويجها‭ ‬سياحيا،‭ ‬ففشل‭ ‬المشروع‭. ‬

أقول‭: ‬كم‭ ‬من‭ ‬موظف‭ ‬بلا‭ ‬إنتاجية‭ ‬هم‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬فيلة‭ ‬بيضاء‭ ‬زرعوا‭ ‬في‭ ‬الوزارات‭ ‬يستنزفون‭ ‬الموازنة؟‭ ‬فواتير‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬الجنونية‭ ‬فيل‭ ‬أبيض‭.‬‭ ‬المباني‭ ‬المستأجرة‭ ‬للهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬فيل‭ ‬أبيض‭. ‬بعض‭ ‬مشاريع‭ ‬الاستثمار‭ ‬لصناديق‭ ‬التقاعد‭ ‬عندنا‭ ‬فيل‭ ‬أبيض‭. ‬تستنزف‭ ‬أموال‭ ‬الناس‭ ‬بلا‭ ‬فائدة‭. ‬أرقام‭ ‬البطالة‭ (‬المتناقصة‭) ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بتوزيعها‭ ‬وزير‭ ‬العمل‭ ‬كل‭ ‬صباح‭ ‬عبر‭ ‬الصحافة‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬فيلة‭ ‬بيضاء‭ ‬غير‭ ‬صحيحة‭. ‬كل‭ ‬مشروع‭ ‬يعرقل‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لجلالة‭ ‬الملك‭ ‬سياسيا‭ ‬أو‭ ‬اجتماعيا‭ ‬أو‭ ‬اقتصاديا‭ ‬هو‭ ‬فيل‭ ‬أبيض‭. ‬

وماذا‭ ‬عن‭ ‬الفيلة‭ ‬البيضاء‭ ‬في‭ ‬الحب؟‭ ‬أقول‭: ‬ولكل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬فيله‭ ‬الأبيض‭ ‬الخاص‭ ‬به‭ ‬الذي‭ ‬يحتاج‭ ‬التخلص‭ ‬منه؛‭ ‬لأنه‭ ‬يستنزفه‭ ‬ماديا‭ ‬وعاطفيا،‭ ‬ويقوده‭ ‬للإفلاس،‭ ‬لكنه‭ ‬يخشى‭ ‬التخلص‭ ‬منه؛‭ ‬لأنه‭ ‬يعتبره‭ ‬طفله‭ ‬المدلل،‭ ‬يسد‭ ‬فراغه،‭ ‬ويبعده‭ ‬عن‭ ‬شبح‭ ‬الوحدة‭. ‬وكم‭ ‬فيل‭ ‬أبيض‭ ‬سياسي‭ ‬استنزف‭ ‬المجتمع‭ ‬والبشر،‭ ‬وقادها‭ ‬فقط‭ ‬لخسارات‭ ‬سياسية،‭ ‬ولمحارق‭ ‬ومسالخ‭ ‬كستالين‭ ‬ومقتدى‭ ‬الصدر‭ ‬والبغدادي،‭ ‬وأبو‭ ‬سياف،‭ ‬وبلحاج،‭ ‬وعبدالكريم‭ ‬قاسم،‭ ‬لكننا‭ ‬نخشى‭ ‬تشريح‭ ‬هذا‭ ‬الفيل‭ ‬بالمبضع‭ ‬النقدي،‭ ‬أو‭ ‬المراجعة‭ ‬والتفكير‭ ‬أو‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬نظريات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭. ‬السياسي‭ ‬المحنك‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يمتلك‭ ‬ذكاء‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬الخبرة‭ ‬والمقبرة،‭ ‬والخيط‭ ‬الضعيف‭ ‬بين‭ ‬الرقة‭ ‬والمحرقة‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬إدارة‭ ‬دبلوماسية‭ ‬علاقات‭ ‬الحكم‭ ‬والسلطة‭ ‬والجمهور؛‭ ‬ذاك‭ ‬الذي‭ ‬يثّمر‭ ‬الأغصان‭ ‬بذكائه‭ ‬السياسي‭ ‬للجمهور‭ ‬والوطن،‭ ‬ويبعد‭ ‬الأكفان‭ ‬كما‭ ‬فعل‭ ‬السيد‭ ‬محمد‭ ‬حسن‭ ‬الصدر‭ ‬بعلاقته‭ ‬القوية‭ ‬بالملك‭ ‬فيصل‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬المملكة‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1948م‭. ‬

نحن‭ ‬كنا‭ ‬مشبعين‭ ‬ومتخمين‭ ‬بالفيلة‭ ‬البيضاء‭ ‬من‭ ‬النظريات‭ ‬البائسة‭ ‬التي‭ ‬ورطتنا‭ ‬سياسيا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬واجتماعيا،‭ ‬لكننا‭ ‬نخشى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬إجراء‭ ‬عمليات‭ ‬جراحية‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬النظريات؛‭ ‬لأننا‭ ‬نعاني‭ ‬فوبيا‭ ‬الجديد‭. ‬يقول‭ ‬المفكر‭ ‬الإنجليزي‭ ‬الكبير‭ ‬برتراند‭ ‬راسل‭: (‬لو‭ ‬شعرت‭ ‬بأن‭ ‬سفينتك‭ ‬تغرق،‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬غير‭ ‬الضرورية‭ ‬التي‭ ‬تثقلها‭). ‬أقول‭: ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬فيله‭ ‬الأبيض‭ ‬العالق‭ ‬بحياته‭ ‬أكان‭ ‬حبيبة‭ ‬أو‭ ‬صديقا‭ ‬أو‭ ‬مسؤولا‭ ‬أو‭ ‬شريكا‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬أو‭ ‬مشروعا‭ ‬ضخما‭ ‬بلا‭ ‬فائدة‭. ‬الوكيل‭ ‬أو‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقدم‭ ‬رؤية‭ ‬اقتصادية‭ ‬ناجحة‭ ‬لوزارته،‭ ‬ويعتمد‭ ‬على‭ ‬جلد‭ ‬ظهور‭ ‬الناس‭ ‬بالضرائب‭ ‬هو‭ ‬ينتج‭ ‬مشاريع‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬فيلة‭ ‬بيضاء‭. ‬بعض‭ ‬السياسيين‭ ‬الذين‭ ‬تحولوا‭ ‬إلى‭ ‬عبء‭ ‬على‭ ‬الجمهور،‭ ‬وبعض‭ ‬الأفكار‭ ‬المغلقة‭ ‬الإسمنتية‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬فيلة‭ ‬بيضاء‭ ‬عبء‭ ‬على‭ ‬الأديان،‭ ‬وعلى‭ ‬الناس،‭ ‬وعلى‭ ‬المدنية‭ ‬والحضارة؟‭ ‬نحن‭ ‬عندنا‭ ‬تضخم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬أسعار‭ ‬جنونية،‭ ‬وتضخم‭ ‬في‭ ‬الطارئين‭ ‬المؤدلجين‭ ‬على‭ ‬الدين،‭ ‬وزادت‭ ‬أسعارهم‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬القيمة‭ ‬للعملة‭ ‬النقدية‭ ‬لثقافتهم‭ ‬قليلة،‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬داعم‭ ‬وغطاء‭ ‬لها‭ ‬لا‭ ‬ذهب‭ ‬علمي‭ ‬ولا‭ ‬دينار‭ ‬معرفي‭. ‬قال‭ ‬قائل‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭: (‬ذهبت‭ ‬للفاتيكان،‭ ‬فوجدت‭ ‬سقوفا‭ ‬مطلية‭ ‬بالذهب،‭ ‬ثم‭ ‬تحدث‭ ‬البابا‭ ‬عن‭ ‬قلق‭ ‬الكنيسة‭ ‬على‭ ‬أطفال‭ ‬الفقراء‭. ‬تبا‭ ‬لكم،‭ ‬بيعوا‭ ‬السقوف‭!) ‬ونحن‭ ‬تتضخم‭ ‬المساجد،‭ ‬وتكثر،‭ ‬وغالبية‭ ‬المصلين‭ ‬جوعى‭ ‬أقول‭: ‬فليتخلص‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬من‭ ‬فيله‭ ‬الأبيض‭ ‬في‭ ‬الحب‭ ‬والسياسة‭ ‬والاقتصاد‭.‬